جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

قوله تعالى فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً

قوله تعالى:- 

 ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾ [ سورة الكهف:].

* قال الإمام عبد القادر الجزائري:- 

يرجو أي يحب فإنه لا يرجو إلاَّ محب ولا يرجى إلاَّ محبوب لقاء ربّه ، رؤيته ومشاهدته ومكالمته ومسامرته في الدنيا قبل الآخرة.

فليعمل عملاً صالحاً من قولهم صلحت الثمرة إذا سلمت من العاهات والآفات والعمل الصالح هو الذي لا شائبة فيه غير محض العبودية الذاتية 

 فإذا كانت العبودية على مقتضى المرتبتين الألوهية والعبودية ( اي تعبد ربك لوجه تعالي فإن لم تكن هناك جنة ونار وثواب وعقاب فإنه عز وجل المستحق للعبودية وبذلك ) 

كانت ( الأعمال) مقبولة وإن كانت على مقتضى العوارض والأغراض ( اي تعبد ربك لعلة من طلب مقام أو كرامة أو رياء  أو جنة أو غير ذلك ) كانت ( الأعمال ) مردودة على صاحبها.

* ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾

فلا يجعل لها في العبادة نصيباً، كنيل ثواب أو دفع عقاب أو حصول درجة في الدنيا والآخرة أو طلب ولاية، أو اكتساب حال من الأحوال الشريفة 

فهذه كلها وما يشبهه تشريك في العبادة مانعة من القبول عند المحققين ومانعة من لقاء الربّ على الوجه المحبوب المراد

وأمّا اللقاء على كلّ حال فهو حاصل لكل أحد، لمن يرجو ولمن لا يرجو ولكن إذا لم يحصل الشعور به والمعرفة له فماذا عسى ينفع اللقاء

ومن الشرك الذي يشير إليه النهي في الآية هو إدخال النفس في العمل ورؤية أن لها دخلاً فيه بوجه من الوجوه المؤثرة

فعلى العامل أن يرى أنه مفعول به لا فاعل وأنه محرك لا متحرك وأنه يقام به ويقعد ويركع به ويسجد. 

فإن قلت: فأين العبد وعمله؟! قلت: ألا يكفيه وجود اسم العبد ونسبة الفعل العدمية التي أثبتها الشرع إليه؟

 حسبه شرفاً أن يكون مفعولاً به وأنه ظرف لما يخلقه الله فيه فالمفعول به والمفعول فيه وهو المسمى ظرفاً هو الإنسان

ويصح أيضاً ( أن نقول ) :-  ولا يشرك بعبادة ربّه وإلهه الطالب لعبادته المتولي لتربيته الأحد الذي هو اسم الذات من حيث هو غني عن العالمين
.
* وقال الإمام إبن عجيبه الحسني:- 

فمن كان يرجو لقاء ربه في الدنيا لقاء الشهود والعيان ولقاء الوصول إلى صريح العرفان فليعمل عملاً صالحًا الذي لا حظ فيه للنفس عاجلاً ولا آجلاً

ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا فلا يقصد بعبادته إلا تعظيم الربوبية، والقيام بوظائف العبودية 

( البحر المديد لإبن عجيبه الحسني)
.

* وقال الإمام الثعالبي:-؛

روي عن حضرة النبي ﷺ:- 

 إِنَّ في اللَّيلِ لسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلَ اللَّهَ خَيْراً مِنْ أَمْر الدُّنْيَا والآخِرَةِ إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ". ( صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله ) 

 فإِن أردتَّ أن تعرف هذه الساعة فاقرأْ عند نومك مِنْ قوله تعالى:

 { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلْفِرْدَوْسِ } إلى آخر السورة

فإِنك تستيقظ في تلك الساعة  إن شاء اللَّه تعالى   ( تفسير الجواهر الحسان للثعالبي ) 
.

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين 
.

* المراجع:-

* صحيح مسلم 
* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن 
   للثعالبي سورة الكهف 
* المواقف الروحية لعبد القادر الجزائري 
    موقف رقم ١٤٧ بتصرف يسير 
* تفسير البحر المديد لإبن عجيبه الحسني