الوصول الي معرفة الله بلسان أهل الله ج ٥
المعرفة الإلهية و العقيدة

الوصول الي معرفة الله بلسان أهل الله ج ٥

  • معني الوصول إلى الله تعالى :-

قال العارف بالله السهروردي :-

[[ الوصول إلى الله تعالى هو الوصول إلى العلم به أي إلى مشاهدته بعين البصيرة مشاهدة تغني عن الدليل والبرهان ويعبر عن ذلك العلم بالمشاهدة وبعلم اليقين وبالتجلي وبالفيض الرحماني والذوق الوجداني .]]

{ عوارف المعارف للسهروردي بتصرف يسير جدآ }

  • بيان لمراتب الوصول :-

قال العارف الزيني دحلان :-

وحاصل كلام السهروردي السابق هو تقسيم الوصول إلى ثلاث مراتب تجليات من الله تعالى وشهود لكنها اختلفت باختلاف المتجلي ( عليه وهو العبد ) وهي :-

الأولى : تجلي الفعل :-

بأن يكشف لصاحبها عن صدور الأفعال كلها الله تعالى فلا يمكنه رؤية الفعل من غيره مع ذلك وإنما يكشف ذلك لبصيرته .

( كما قال محي الدين ابن العربي من رأي الأفعال كلها من الله تعالى فهو الموحد )

فكل فعلاً من الأفعال رأيته أو نظرت إلي أثراً من الآثار تراها من حيث إنها صنع الواحد الحق سبحانه وتعالى

فرؤيتك للسماء والأرض والحيوان والشجر وفير ذلك ليس من حيث إنها أرض وسماء وحيوان و شجر فقط بل من حيث إنها صنع الله تعالى

فمن كانت نظرته بهذه الحيثية كان ناظراً إلى الله تعالى فيقال فيك أنك فاني في التوحيد وفاني عن نفسك وإليه الإشارة بقول بعضهم :-

كنا بنا ، فغيبنا عنا ، فبقينا بالله وفى هذا المقام يسقط التدبير والاختيار وهذا اساس الطريق وعمدته وصاحب هذا المقام صاحب مقام علم اليقين .

  • والثاني تجلي الصفات الجمالية :-

وهي تجلي الجمال :-

من الكرم والحلم ورفق وإحسان ورحمة ولطف وعطف وفضل وامتنان التي هي منشأها الأنس

وتجلي الجلال :-

ويكون من بطش وسطوة وعزة ونقمة والتي هي منشأها الهيبة

وتجلي الصفات :-

من جمال وجلال هو صاحب تجريد وتفريد ولا يرى نفسه أي لا يفعل الطاعة لأجل الأغراض الدنيوية أو الأخروية بل ما كوشف به من أنه يؤديها عبودية وانقياداً

فترى نعمة الله عليك فانت بذلك صاحب فناء لفنائك عن كل ما سوي الله تعالى وبقائك لشهوده صفات الحق فيك فيكون فناء عن صفاتك المذمومة وبقاء لصفاتك المحمودة

وصاحب هذا المقام يسمي صاحب عين اليقين له سكر من التجليات الصفاتية بما فاجأه الله تعالى من تجلّي نور الجمال والجلال يزيد على سكر صاحب علم اليقين .

والثالث تجلي الذات المقدسة :-

وه أن يكتمل اليقين من تشعشع أنواره في قلبك فيستولي على قلبك أنوار الحق عز وجل حتى لا يبقى لك هاجس ولا وسواس وليس من ضرورياته الفناء

بل الكامل في ذلك هو الذي يكون في غاية الصحو فيجمع بين الحق والخلق وهو اكمل التجليات الثلاثة

( ولم يعطي هذا التجلي الكامل الذي يجمع بين الحق والخلق إلا للأنبياء وورثتهم من الصالحين الكاملين مع اختلاف مقام النبي علوا وشهودا عن مقام الولي ) .

  * الحاصل من التجليات الثلاثة 

علمنا مما سبق أن قربك من الله سبحانه وتعالى

( بالتجليات الثلاثة تجلي الأفعال والصفات والذات )

أن تكون مشاهداً لقرب الله تعالى منك قرباً معنوياً

فتستفيد بهذه المشاهدة شهود المراقبة في التأدب بآداب الحضرة وليس معني كلامنا القرب الذي هو من صفات الأجسام لأن ذلك مستحيل على الله تعالى

فأين أنت ووجود قربه قرباً حسياً ( وهو سبحانه وتعالى لا يحده زمان ولا مكان وليس بجسم حتي تجالسه وهو محيط بكل شيء ولا يحاط به شئ أو فوق شئ أو علي شئ تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا )

بل القرب الحقيقي قرب الله منك كما قال تعالى﷽

( إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ )

وقوله تعالى ﷽ ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)

وقوله ﷽ ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ﴾

فحظك أنت من ذلك إنما هو مشاهدتك لقربه فقط وأما حقيقة قربك فليس لك منه شيء ولا يليق بك إلا وصف البعد وشهوده من نفسك ]]

{ تقريب الأصول للزيني دحلان ص ٣٩٢-٣٩٤ } .

وبالجزء الخامس يكون قد انتهي الكلام علي بعض البيان والفهم ومحاولة تسهيل الوصول الي معرفة الله تعالى

من خلال أفعال وأقوال العارفين بالله تعالى واقتباسا من القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين. . . والي مراجع الأجزاء الخمسة لباب المعرفة :-