تابع حديث النبي ﷺ عن ورثة الأنبياء ج٢
باب العلم وفضله

تابع حديث النبي ﷺ عن ورثة الأنبياء ج٢

الإشارة الرابعه :-

وهي تأكيد أن الوراثة المقصودة من قول النبيﷺ هو وراثة العلم والحال كما سيدنا زكريا طالبا من ربه وارثا له فقال تعالى﷽ .

{ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا *  يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (سورة مريم) }

[[ يحيلنا تعالى إلى حقيقة مهمة من حقيقة الوراثة الروحية فلو كانت الوراثة المراد بها ماديا فقط لقال سيدنا زكريا عليه السلام يرثني وسكت لكنه حدد مطلبه من الوراثة.

وأن الوراثة لم تكن مادية فقط بل هي كذلك روحية فقال سيدنا زكريا ( ويرث من آل يعقوب )

وهناك فارق زمني كبير بين سيدنا يحيى عليه السلام وبين آل سيدنا يعقوب عليهم السلام، فالمراد هنا قطعا الوراثة الروحية.

وما كمن فيها من معارف وقد جاء الحرف (من) ويراد به العلم الموروث من آل يعقوب الذي يناسب الزمان والمكان .]]

( وقوله رضيا أي اجعل يا رب ذلك الولي الذي يرثني مرضيا عندك ممتثلا لأمرك )

{ الروح الصوفي}

( وكذالك ميراث سيدنا داوود يشير إلي ميراث العلم أو العلم والنبوة لا المال والجاه .

قال الإمام القرطبي:-

[[ وورث سليمان داود وعبارة عن قول زكريا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب وتخصيص للعموم في ذلك

وأن سليمان لم يرث من داود مالا خلفه داود بعده وإنما ورث منه الحكمة والعلم وكذلك ورث يحيى من آل يعقوب هكذا قال أهل العلم بتأويل القرآن. { تفسير القرطبي }

الإشارة الخامسة :-

قال العارف بالله صالح الجعفري :-

( كيف تتم الوراثة بين الأولياء والعارفين ) إذا سلكت طريق شيخ وكنت محبا له انتقل حال الشيخ إلي حالك بمعنى أن روحك تعمل مثل عمله

فإن كان عالما كان حالك مائلا إلى العلم وإن كان في خلوة كان حالك حب الخلوة وإن كان في عزلة كان حالك الميول إلى العزلة وإن كان في جذب مالت إلى الجذب

وإن كان في تلاوة القرآن وتدريس العلم مالت الروح إلى ذلك حتى تكون في الدنيا حياتك كحياة شيخك

وهذا يسمى مقام الوراثة يتأتى بالمحبة وتلاوة الأوراد واقتفاء أثر الشيخ

( اقطاب الأمة ترجمة الشيخ صالح الجعفري ص ١٢٠ .)

  • الإشارة السادسة :-

  • وقال عبد القادر بن مغيزل الشاذلي :-

ما من نبي ولا رسول إلا وله من هذه الأمة وارث وكل وارث على قدر إرثه في مورثه

فقول رسول الله ﷺ: العلماء ورثة الأنبياء ولا يكون وارث إلا وله نصيب معلوم من مورثه يقوم مقامه على سبيل إرث العلم والحكمة لا على سبيل التحقيق بالمقام والحال

فإن مقامات الأنبياء قد جلت أن يلمح حقائقها غيرهم وكل وارث في المنزلة بقدر مورثه

قال ألله سبحانه وتعالى : ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ } [سورة الإسراء ]

فكما فضل بعضهم على بعض كذلك فضل بعض الأولياء على بعض لأن الأنبياء أعين الحق وكل عين مستمد منها على قدرها وكل ولي له مادة مخصوصة

فانقسم الأولياء على نوعين : منهم أبدال الأنبياء والنوع الثاني أبدال الرسل.

فأبدال الأنبياء هم الصالحون وأبدال الرسل هم الصديقون وبين الصالحين والصديقين في الفضل كما بين الأنبياء والمرسلين

فمنهم طائفة انفردوا بالمادة من رسول الله ﷺ يشهدونها عن يقين لكنهم قليلون وهم في التحقيق كثيرون وكل نبي وولي مادته من رسول الله ﷺ

فمن الأولياء من يشهد عينه ومنهم من يخفى عليه عينه ومادته فيفني فيما ورد عليه ولا يشتغل بطلب مادته بل هو مستغرق بحاله لا يرى غير وقته. والله أعلم.

( الكواكب الزاهرة لابن مغيزل الشاذلي ص ١٥٧ طبعة العلمية )

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين. .

  • المراجع

  • تفسير القرطبي لسورة مريم

  • سنن الترمذي

  • الفتوحات المكية لمحي الدين ابن العربي

  • الروح الصوفي للشيخ ضاري مظهر ج٢ ص ٥٤

  • الكواكب الدرية للمناوي ترجمة أبي مدين الغوث .

  • اقطاب الأمة في القرن العشرين لمحمد خالد ثابت ترجمة الشيخ صالح الجعفري طبعة دار المقطم

  • كتاب الكواكب الزاهرة في إجتماع الأولياء بسيد الدنيا والآخرة لعبد القادر بن مغيزل الشاذلي .