حديث النبيﷺ عن تلقيح النخيل والتعلق بالله لا بالاسباب
المعرفة الإلهية و العقيدة

روي عن حضرة النبيﷺ

أنَّ النبي ﷺ مَرَّ بقوم يُلَقِّحُونَ فقال لو لَمْ تفعلوا لصلح قال فخرج شِيصًا، فَمَرَّ بهم فقال ما لنخلكم قالوا قلت كذا وكذا قال أنتم أعلم بأمر دُنْيَاكُم

{اخرجه مسلم والبخاري بنحوه }

* اقوال العارفين في ذلك * 

قال العارف بالله عبد القادر الجزائري:-

[[ ليس المراد من قول النبيﷺ أنه يريد منهم ترك الأسباب العادية التي أجراها الحق سبحانه وتعالى عادته بها في مخلوقاته .

لأن لرسل عليهم الصلاة السلام والعارفون إنما يأمرون برفع حكم الأسباب لا يرفع عينها بل يأمرون بإثبات عينها من حيث أن الأسباب وضعها وأثبتها الحكيم العليم بما يجريه ويثبته المولي عز وجل.

فمن طلب رفع العوائد الجارية والأسباب العادية فقد أساء الأدب وجهل وكيف يدعي المعرفة بالله والوصلة به والصحبة له من يطلب رفع العوائد والحق عز وجل هو الذي وضعها

فمن طلب رفع الأسباب فهو منازع وليس بمواصل ولا صاحب بل هو إلى العناد أقرب .

فالذي يثبت العادات والأسباب على وجه لا يناقض التوحيد هو العارف بالله لأنه يشهد الحق سبحانه وتعالى فيها لأن إذ كل شيء من الأشياء هو تجل من تجلياته - تعالى .

وإنما المراد أن النبيﷺ أراد أن ينبههم على باطن الحقيقة ونفس الأمر وهو أن هذه الأسباب العادية والصورة المشهودة لا تأثير لها في شيء مما جرت به العادة أنه يوجد عندها

وإنما الحق سبحانه وتعالى هو الفاعل لذلك فهو المؤثر بوجهه الخاص الذي له سبحانه وتعالى في كل مخلوق لأن للمولي عز وجل في كل مخلوق حتى الذرة وجه خاص لا يشاركه غيره فيه .

فبالله سبحانه وتعالى يكون التأثير وإنما ستر الله فعله بصور مخلوقاته رحمة بخلقه وتقديسا لجنابه

فمراده صلي الله عليه وسلم بقوله لو لم تفعلوا لصلحت بأن يكونوا مشاهدين للحق عز وجل بأنه الفاعل الحقيقي عند الأخذ بالأسباب ومعتمدين عليه لا على الأسباب . فليس مراده ترك السبب وانما لابد من الأسباب وجودا والغيبة عنها شهودا .

  • ثانيا قول النبي ﷺ « أنتم أعرف بدنياكم » :-

فهو کلام خرج منه مخرج الإعراض عنهم حيث أنهم لم يفهموا مراده بقوله لو لم تفعلوا لصلحت وحملوا كلامه على ترك التأبير وليس هذا مراد النبي ﷺ

وإنما المراد أنه سبحانه وتعالى يفعل الأشياء عند الأسباب وعند عدم الأسباب وهو التوحيد الحقيقي

  • وأيضاً قوله ﷺ « أنتم أعرف بدنياكم » :-

ليس معناه أن النبي ﷺ جاهل بأمور الدنيا والدين فهذا محال لأن المولي سبحانه وتعالى ما أرسلهم إلا ليعلموا الناس مصالح معاشهم ومعادهم ويرشدوهم إلى ما جهلوه من ذلك .

بل أظهر لهم النبي ﷺ التقرير على عادتهم حيث فاتهم فهم مراده وما فهموا إلا ترك السبب جملة واحدة ، وليس هو المراد .

وقد تكلم إمام العارفين محيي الدين ابن عربي والعارف بالله عبد العزيز الدباغ بغير ذلك والكل صواب إن شاء الله فإن الكل من عند الله .

 * المراجع * 
  • المواقف الروحية للجزائري الموقف رقم ٤٤
  • وانظر الابريز لعبد العزيز الدباغ
  • وانظر الفتوحات المكية لإبن العربي