حديث النبيﷺ عن فضل الحسن وعدم سب معاوية
خصائص النبي ﷺ وآل بيته

روي عن حضرة النبيﷺ

عن أبي بكرة رضي الله عنه-قال أخرج النبي ﷺ ذات يوم الحسن فصعد به على المنبر فقال:

ابني هذا سيِّد ولعلَّ اللهَ ( عز وجل ) أن يُصلحَ به بين فئتين من المسلمين { أخرجه البخاري في صحيحه}

فيما يلي سيذكر اولا فضائل الإمام سيدنا الحسن بن علي كرم الله وجهه ثم أمر الخلافة بينه وبين سيدنا معاوية ثم الادب مع صحابة النبي ﷺ وخاصة عدم سب أو إهانة أو تحقير سيدنا معاوية رضي الله عنهم أجمعين .

       *  اولا فضائل سيدنا الحسن * 

من فضائل سيدنا الحسن بن سيدنا علي كرم الله وجهه ما روي أيضا عن حضرة النبيﷺ

اللهم إني أحبه وأحب من يحبه » .

قال سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه فما كان أحد أحب إلي من الحسن بعد أن قال رسول الله ﷺ ما قال .

وقال أيضا رضي الله عنه:-

ما رأيت الحسن بن علي قط إلا فاضت عيناي دموعا وذلك أن رسول الله ﷺ خرج يوما وأنا في المسجد وأخذ بيدي واتكأ علي حتى جئنا سوق قينقاع

فنظر فيه ثم رجع حتي جلس في المسجد ثم قال النبي ﷺ ادع ابني فأتى الحسن بن علي يشتد حتى وقع في حجره

فجعل رسـول الله ﷺ يفـتح فمه أي الحسن ثم يدخل فمه في فمه ويقول اللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ وأحب من يحبه ثلاث

{ أخرجه البخاري عن البراء بن عازب وغيره بألفاظ متقاربة }

وقيل إنه حج عشر حجات ماشيا وكان يقول إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات فكان يترك نعلاً ويأخذ نعلاً وخرج من ماله كله مرتين . .

           * ثانيا قضية الخلافة * 

تحقق فيه قوله حضرة النبيﷺ : « إن ابني هذا سيد ....الخ الحديث .

فإنـه لما ولى الخلافة بعد قتل أبيه بايعه أكثر من أربعين ألفا كانوا بايعوا أباه على الموت وكانوا أطـوع لسيدنا الحـسن بن علي وأحب له

وبقى سيدنا الحسن بن سيدنا علي كرم الله وجهه خليفة نحو سبعة أشهر في العراق وخراسان واليمن والحجاز وغير ذلك

ثم سلم الأمر إلى معاوية بدون حرب وهو العزيز خوفا من إراقة دماء المسلمين ( وليس خوفا من معاوية ) فلما بايعه الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال

أيها الناس إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهـل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سمع نشيجه .

ولما دخل معاوية الكوفة قال له قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا فقام الحسن في أمر لم يتروي فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال في بديهته :

أمـا بعد أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ألا إن أكيس الكيس التقي وإن أعجـز العجـز الفجور

وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه إما أن يكون أحق به مــــني وإما أن يكون حقي تركته لله عزّ وجل ولإصلاح أمة محمد ﷺ وحقن دمائكم

ثم التفت إلى معاوية وقال وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين . .

  • قال العلامة الصبان :

ولما نزل عن الخلافة ابتغاء وجه الله تعالى عوضه الله وأهل بيته عنها بالخلافة الباطنية ( الولاية في ذريته الي يوم القيامة ) حتى ذهب قوم أن قطب الأولياء في كل زمان لا يكون إلا من أهل البيت .

  • ثالثا: عدم سب سيدنا معاوية رضي الله عنه * .

ومن كان يقول إن سيدنا معاوية مستحقا للعن الخ فهو أيضاً غير مناسب له أين محل الاشتباه فإن قال هذا الكلام في حق يزيد فله وجه ومبرر وأما قوله ذلك في حق معاوية فشنيع ومرفوض

فلقد ورد في الاحاديث النبوية باسانيد الثقات عن حضرة النبيﷺ أنه دعي لمعاوية

فقال النبي ﷺ :

اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب ( رواه الطبراني وغيره)

وقال النبي ﷺ في محل آخر من دعائه:-.

اللهم اللهم اجعله هادياً مهدياً. (رواه الترمذي )

ودعاء النبيﷺ عليه الصلاة و السلام مقبول .

وما نقله الناس عن الامام الشعبي أنه ذم معاوية وأنه بالغ في مذمته وأوصلها إلى ما فوق الفسق لم يبلغ مرتبة الثبوت والامام الاعظم من تلامذته فعلى تقدير صدق هذا القول لكان هو أحق بنقله

وكذلك حكم الامام مالك الذي هو من تبع التابعين ومعاصره بقتل شاتم معاوية وعمرو بن العاص فإن كان هو مستحقاً للشتم فلماذا حكم بقتل شاتمه

فعلم من ذلك أنه اعتقد شتمه من الكبائر فحكم بقتل شاتمه وأيضاً أنه جعل شتمه كشتم أبي بكر وعمر وعثمان فلا يكون معاوية مستحقاً للشتم والذم .

واعلم أن معاوية ليس وحده في هذه المعاملة بل كان جمع ليس بقليل من الاصحاب الكرام تخمينا شريكا له فيها

فإن كان من حارب ضد سيدنا علي كرم الله وجهه كفرة أو فسقة فلقد زال الاعتماد عن نصف الدين الذي بلغنا من طريق تبليغهم ولا يقول بذلك الا زنديق مقصوده ابطال الدين. .

  • قال العارف بالله بهاء الدين البيطار:-

أولا:-

من قال إن سيدنا الحسن ترك الخلافة لمعاوية جبرا وقهرا فهو مخطئ لأن سيدنا الحسن مصلح بقول حضرة النبيﷺ له ذلك وغير مجبور على ذلك ولو دعا علي معاوية لهلك في وقته

ولقد اثني النبي علي الحسن قبل أن يفعل شيئا من ذلك حيث قال حضرة النبيﷺ إن ابني هذا سيد ( يقصد الحسن ) وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين

( فكيف يكون سيدا في الدنيا والآخرة ومن ذرية سيدنا النبي وله من الولاية والصلاح والعفة والطهارة فكيف لا بستجاب له دعاء بل كيف يكون مجبورا علي ذلك )

ثانيا :-

( لا يجوز سب سيدنا معاوية لأنه من صحابة رسول ﷺ ومن كتاب الوحي وشهد غزوة مع حضرة النبيﷺ .

كما روي عن حضرة النبيﷺ :-. الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي

وقال النبي ﷺ:

لا تَسبُّوا أصحابي فوالَّذي نَفسي بيدِهِ لَو أنَّ أحدَكُم أنفَقَ مثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما أدرَكَ مُدَّ أحدِهِم ولا نصيفَهُ

{ أخرجه ابن ماجه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه} .

فمن أبغض معاوية رضي الله عنه يلزمه أن يلوم الحسن عليه السلام على ما فعل وإذا لام الحسن فقد استقبح شيئاً استحسنه رسول الله ﷺ

فصحت تولية معاوية رضي الله عنه باستحسان النبي ﷺ لما فعله الحسن وما يراه النبي ﷺ حسناً فيجب علينا استحسانه ومن لم يستحسنه يكفر .

ومن استنابه الخليفة فليس بباغي فطهر الله معاوية من البغي بسبب مصالحة الحسن عليه السلام له واندرج معه في ذلك التطهير جميع من وافقه وجميع من تبعه .

وهذا هو اللائق برفعة مقام سيدنا الحسن عليه السلام والمناسب لسيادته التي شهد له جده سيدنا النبي ﷺ وكيف لا وأهل بيته أمان لأمته .

كما روي عن حضرة النبيﷺ:-

النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف  فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس 

{ أخرجه الحاكم عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنه }

ولو أحب الروافض الحسن حقيقة المحبة لما أبغضوا معاوية رضي الله عنه فإن الحسن عليه السلام لما صالحه ما داهن في دين الله ولا ولاه جبراً

ولو لم يكن فعله حسناً لما استحسنه رسول الله ﷺ ، ولكان رسول الله ﷺ يقول من نازع ابني هذا في الخلافة فقاتلوه ولا تقبلوا مصالحته .

فنعوذ بالله من الخوض فيما لا يعني و ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

خاصة وقد قال حضرة النبيﷺ:

« الله الله في أصحابي فحبهم جميعاً فرض على كل مسلم »

{رواه الترمذي وأحمد في المسند }

وروي عن حضرة النبيﷺ

من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا .

{ أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير وأبو نعيم في حلية الأولياء والديلمي في الفردوس وأحمد في المسند بنحوه }

[[ سئل الناس ابراهيم بن الأدهم عما حدث بين سيدنا علي كرم الله وجهه وبين سيدنا معاوية رضي الله عنهم أجمعين

فبكي كثيرا ثم رفع رأسه إلي السماء وقال من عرف نفسه اشتغل بها عن غيره ]]

{ الكواكب الدرية للمناوي } .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين.

 * المراجع * 
  • صحيح البخاري والترمذي ومسند الإمام أحمد
  • شرح ورد الستار للباكوبي ص ٢٠٣
  • النفحات القدسية في شرح الصلوات الأحمدية لاحمد بهاء الدين البيطار ص ٢٣٥-٢٣٦
  • الكواكب الدرية للمناوي ترجمة إبن الأدهم. .