روي في الأثر ابن آدم  خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك
المعرفة الإلهية و العقيدة

روي في الأثر :-

يقول تعالى ابن آدم  خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك فبحقي عليك لا تشتغل بما خلقته لك عما خلقتك له. 

{ ذكره المناوي في فيض القدير }

* البيان* 

لم يخلق لك المولي الدنيا وما فيها لتنشغل بها عن مولاك ولا تزهد فيها فتكون سئ الأدب لأن الدنيا دار ضيافته لك فكيف تكون ضيفا على ربك وترفض هديته

ولكن خذها واستخدمها لتكون دنياك وسيلة إلي مولاك وليس غاية تتنعم بها وتنسي مولاك

فحقيقة الزهد في الدنيا أن تملكها لا تملكك تستخدمها لا تستخدمك تكن سيدا عليها وليس عبدا لها بل عبد مولاك

خذ ما يكفيك ولا يطغيك وأنفق منها واجعلها وسيلة لتعبد مولاك فهي مطيتك للآخرة فهذا هو حقيقة الزهد فيها

فتكون عبدا لله فتأخذ الدنيا بمولاك وتنفقها بمولاك فكما تأخذ منها بأمره وتتركها بأمره فإنها لا تضرك

كما قال عز وجل لسيدنا موسى عليه السلام :-

  { قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ  *  فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ }

فخاف منها ليس لذاتها لأنه لايخشي إلا الله تعالى ولكن خاف من قدرة الله الظاهرة بها وفيها فالخوف من مولاه وليس مما أظهره له وأجلاه .

 { قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ }

فالدنيا كعصي سيدنا موسي ظاهرها عصي لا تضر ولكن حقيقتها كالحية تنهشك وتفرز السم فيك وأنت لا تشعر حتي تحجبك عن ربك

فلا تأمن شرها ومكرها بتركها بل خذها بأمر ربك واتركها بأمر ربك فإنها لا تضرك كما تركها سيدنا موسى بأمر ربه وأخذها بأمر ربه

فهذه هي الإشارة من الحديث فالدنيا علم ومال جاه خذها بأمره وانعم بها لأنها هدية مولاك ولكن لا تجعلها غايتك بل وسيلة لمولاك

قال ابن عجيبة الحسني:-

[[ خذها ولا تخف منها حيث رفضت الأسباب وعرفت مسبب الأسباب فاستوى عندك وجودها وعدمها ومنعها وعطاؤها سنعيدها سيرتها الأولى

فخذ منها ( الدنيا ) مطلبك وتخدمك ولا تخدمها يقول المولي عز وجل في الخبر :-   ( يا دنياي اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك ) ]] انتهي

فالعلماء حجابهم العلم عن ربهم علموا الناس العلم وهذا كله خير لكنهم انشغلوا بالناس عن رب الناس فصار العلم حجاب عن رب الارباب

والمال والجاه كذلك خذ ما يكفيك ويسترك ويحفظ ماء وجهك عن ذل السؤال ولكن لا تنشغل بدنياك وأسبابها عن مولاك بل اجعلها وسيلة لتكون في حضرة ربك علي الدوام .

وقال ابن عبد الجبار النفري في المخاطبات:-

[[ أوقفنى بين يديه وقال

ما فَطَرتُك لتأتمر للعلم ولا ربيتك لتقف على باب سواى ولا اتخذتك جليساً لتسألني ما يخرجك عن مجالستي

اعرف من أنت فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا تنهدم وسكينتك التي لا تزول

انت عبدي .. من روحي نفخت فيك وبي تحيا وإلى تعود وبي تقوم ولى تنتسب

خلقتك لتكون موضع نظرى ومجلى أسمائى وخلقت لك الدنيا وأسجدتُها لك وخلقت كل شيء من أجلك وبنيتك من أجلى لتكون من أهل حضرتى

واخترتك لشرف جمعيتي وأحببت لك معيتي وفطرتك على صورتي

اسمع عهد ولايتك أطع أحكامي دون تأويل ودون جدل ولا تدعنى من أجل نفسك

وإذا خرجت فإلى وإذا دخلت فإلى وإذا نمت فنم فى التسليم إلى وإذا استيقظت فاستيقظ في التوكل على وإذا أكلت فمن يدى وإذا شربت فمن يدى .

استعن بالدعاء إلى على الوقوف في مقامك بين يدى .

إنما أظهرت الشهوات حجاباً عليك لامتحان محبتك فإن اخترتني دون جميع شهواتك كشفت لك عن ذاتك وما عدت أسترك بشهوة

إنما الشهوة تأتيك من ناحية جسدك أما ذاتك فقد خلقتها خالصة مبرأة لا تميل إلا لى وحدى

استمد منى لا من علمى ولا منك تكن عبدى وتكن عندى وتفقه عنى لتكن حالك .. رب حاضر وكون غائب فهذه صفة من أستحى منه .

أليس إرسالى إليك العلوم من جهة قلبك إخراجا لك من العموم إلى الخصوص الست إذا أمرتك بترك ما أبديه لك من علوم ومعارف غيرة عليك ولأستخلصك لنفسى

ليس بيني وبينك شيء لا اسمى ولا اسمك ولا علومي ولا علومك ؟! أودعنى اسمك حتى القاك أنا به

لا تجعل بيني وبينك اسما ولا علما ولا معرفة فلحضرتى بنيتك لا للحجاب .( حجاب العلم والمال والجاه والذرية والزوجة والسلطة ...الخ ).

يا عبد اصحبنى فى سرك أصحبك في علانيتك أصحبني في وحدتك أصحبك في جمعك اصحبني في خلوتك أصحبك في ملائك

يا عبد خلقت لك الأشياء كلها وأنا خير لك من كل شيء لأني صاحب الفضل فول الأشياء ظهرك وولنى وجهك ]]

{ المخاطبات للنفري }

  * المراجع * 
  • فيض القدير لعبد الرؤوف المناوي
  • تفسير البحر المديد لإبن عجيبه الحسني سورة طه
  • المواقف والمخاطبات لابن عبد الجبار النفري