روي في الخبر يا بن آدم أنا لك مُحِبٌّ فبحقي عليك كنْ لي مُحِبّاً
المعرفة الإلهية و العقيدة

الألم ومعرفة الله

روي في الخبر يا بن آدم أنا لك مُحِبٌّ فبحقي عليك كنْ لي مُحِبّاً

من العجيب في أمرك أنك لا تلجأ ولا تذكر ربك إلا إذا تعرضت للآلام من فراق للأحبة وآلام المرض وهموم المعيشة وتقلب الأيام بين رغد وحرمان وبين سعة وضيق وبين عز وذل

. ولما أظهرت وجود الله بذكرك له وقت الألم ولم تظهره علي لسانك ولم يشعر به قلبك إلا عند الحرمان وقت الرغد والصحة لا تتذكره إلا بلسانك

.

فلا يوجد عشق أو حرقة عند ذكره واذا ما أصابك شئ قلت يا رب بعشق وحنان وصدق حتي يأخذ بيدك

. متي نسيك مولاك بل أنت نسيت مولاك فلابد من الألم لهذا الجسد الذي يفصل بينك وبين ربك ولا ينفصل الجسد إلا بالعذاب عذاب الضمير عذاب الرزق عذاب المرض عذاب البلاء ...الخ .

ولهذا تجد آلاف مؤلفة من البشر موحدين باللسان وأنت منهم عاشوا عمرهم كله بحركات الجسد من صلاة وألم الجوع من الصيام لكنك لا تعرف ربك

لأنك عبد العلة عبد الذكر عبد الصلاة عبد الأنا عبد الفعل والترك لكن أين ربك .

لا تراه ولا تعرفه إلا إذا ضربك بسوط الألم للجسد من حرمان وشدة ومن التعرض لأذي العباد والمرض

حينيذ فقط تقول بقلب منكسر يا رب يقول لك ربك لبيك لبيك عبدي .

وهل ربك لم يقل لك لبيك وقت الرخاء والنعمة بل قالها لأنك لم تسمعها إلا وقت الألم فقط لأنك محجوب بالنعمة والصحة والمال والولد ورؤية نفسك بقولك انا صليت وصمت وذكرت فلما يفعل بي الإله ذلك .

ربك حنانه ملء الوجود فهو سبحانه وتعالى بحر من الحب يفيض عليك من فضله في كل لحظة .

حتي وان كان العبد ملحد فإنه لا ينساه لأنه عبده خلقك وخلقه بيده ونفخ فيكم من روحه فكيف تجهل معرفته وأنت موحد بالله تعالى بل كيف تنشغل عنه ولا يجد قلبك لوعة الحب نحوه .

لا تجد الأنس به إلا وقت الطاعة وهل هو في حاجة إليها بل هو يريدك أنت وحدك تشعر بقلبك بلوعة الحب نحوه ولو لحظة لحظة عشق وحب لربك تكفي عمرك كله .

حتي وان لم تسجد إلا سجدة واحدة فهو يريدك أنت لا يريد منك شئ.

فكل ما أمرك به ونهاك عنه إنما هو طلب منه الي جسدك حتي يفصله عن روحك فتشاهده وقت وقوفك بين يديه تشاهده وقت الرغد تشاهده وقت الألم .

تشاهده بقلبك أنه معك لم بنساك ولا ولن ينساك لحظة واحدة في عمرك لأنه لو نسيك ووكلك لنفسك كنت من الهالكين وأنت لا تدري

لم يخلق ربك الدنيا لك لكي تعشقها وتنساه فالدنيا مخلوق جميل لأنها هبة الحق سبحانه وتعالى وأنت ضيف فيها . فكيف تتعلق بالضيافة وملذاتها وتلوح بوجهك عن وجه مولاك الذي استضافك فيها أليس ذلك قسوة منك

وفي لحظة اليأس تجده معك فإذا هجرك الأحبة فهو معك إذا قلت يا رب ولو بلسانك وقلبك مع غيره فهو معك وقال لبيك لبيك لبيك عبدي.

فحنانه وحبه يملء جوارحك ولكنك لا تشعر لأن جسدك حرمك منه فكن عبده لا عبد الجسد والشهوة واللذة

بل عبدا له وحده لا تغفل عنه ولا تنساه سواء اعطاك أو منعك

دائما هو في طلبك في كل لحظة يحن إليك لأنك نفخة من روحه

إن لم تأتي إليه وتعرفه وتتعلق به عندما ينعم عليك فإنه يجذبك إليه بسلاسل الألم والمرض والبلاء وأذي الخلق والمخلوقات

لأنه يغار عليك يغار علي قلبك أن يعرف سواه وإن يتعلق بغيره خلقك ورزقك ووعدك ولم ولن ينساك

فمن غيرته عليك سلط عليك من لا تحب وما لا تحب حتي تعود إليه

لحظة انكسار وحزن بين يديه تساوي عبادة عمرك كله لأنك في تلك اللحظة كنت معه بقلبك لا بلسانك

عبدي انا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .

.