مقدمة موقع العارف ج ١
مقدمة موقع العارف

مقدمة موقع العارف من أقوال العارفين في أحاديث النبيﷺ الأمين ج١

بســم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الذي عجزت العقول عن ادراك كنه ذاته وتحيرت فهوم الفحول في معرفة صفاته وخلق نوع الانسان واودع فيه جميع ما في مكوناته وشرفه وكرمه بخلافته وفضله على سائر برياته

وأفضل صلاة وازكي سلام علي سيدنا محمد النبي الامي الزكي النقي نور الأنوار وسر الأسرار الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي الي صراط الله المستقيم

صلاة وسلاما بعدد أنفاس الخلائق منذ بدء الخليقة الي أن تقوم الساعة وبقدر عظمة ذات الله تعالى في كل وقت وحين

وعلي آله الكرام الطاهرين وعلي سائر الأنبياء والمرسلين والصحابة أجمعين المختارين من قبل رب العالمين نجومه المهتدين وخاصة ذوي القدر الجلي أصحاب السيادة

سيدنا أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين والامام علي كرم الله وجهه وجعفر الطيار وحمزة أسد الله وأبي هريرة وعمر بن عبد الله وسائر أصحاب رسول الله اجمعين

وعلي أئمة الحديث الذين استمدوا نور رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبحوا مشكاة تستمد من نوره ﷺ فحافظوا علي خدمة سنته وتبليغ حديثه الي أمته فاجتهدوا وكدوا وبذلوا الغالي والنفيس لتلبيغ الحديث النفيس لأشرف نفس نفيس سيدنا ﷺ

وعلي رأسهم تاج إمام المحدثين سيدنا البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم والدارمي والبيهقي وغيرهم ومن صار علي هديهم في مجال الحديث تحقيقا وتدقيقا وتطبيق

وعلي الفقهاء جميعا سيما الأئمة الذين حملوا السنة علي أعناقهم وفدوها بأرواحهم وبذلوا أموالهم وحياتهم في سيبل الله فكانت ولا زالت نبراس للأمة وشمسا تغذي القلوب والأرواح وتحفظ الاشباح من زيغ الضلال

وقمر الهداية لأولي الأبصار اسيادنا أبو حنيفة النعمان منبع الاجتهاد ومالك هدي سنة النبي بمدينة الانوار والشافعي شمس العافية للخلائق والإمام أحمد المتجلد صبرا والشهيد في كتاب الله محنة وحفظا وكرامة وليث مصر كريم العطاء والعلم

وعلى جميع أولياء امته الذين بذلوا جهدهم في احياء ملته واتباع سنته واقتفاء سيرته في جميع حالاته فأباح الله لهم موائد نعمه وزين ظواهرهم وبواطنهم بمكارم شيمهِ ونور قلوبهم من لواقح الأنوار وملأ اسرارهم بلحكم والاسرار وكحل ابصارهم بعوارف المعارف واطلعهم من العلم على مكنوناته ومن تبعهم واقتدي بهدبهم الي يوم الدين

وعلي من لهم فضل علينا علما وتوجيها ودراسة وتربية من العلماء والاولياء والمشايخ حيث نهل العبد الفقير كاتب السطور من بحر نورهم وبركاتهم ممن عاصرتهم أو تربيت علي أيديهم أو سمعت علومهم

ولم أستطع أن اتبرك بالجلوس معهم ولم يستطع العبد اخذ إجازة منهم لضعف الحال وحقارة نفسه للتأهل لذلك فاكتفي برؤيتهم والسماع منهم

فجزاهم الله تعالى خيرا دنيا وآخرة واخص بالذكر شيخي العارف بالله كامل عبد الودود رحمه الله تعالى ورضي عنه صاحب الفضل في تحفيظ القران الكريم وختمته علي يديه ثم توالت الرعاية والعناية الربانية علي يد خليفته وشيخي الدكتور أحمد الحسكي شفاه الله تعالى وبارك له في عمره وعمر أهله .

وممن تعلمت منهم ولم التقي بهم ولم أنال بركة زمانهم أو كنت في عصرهم ولم أنال بركة مصافحتهم أو الجلوس معهم منهم الحي ومنهم والميت

لكن الله تعالى اكرم العبد بتحفة رؤيتهم والاجتماع بهم في عالم الرؤي مناما أكثر من مرة مشاهدة ومكالمة وتوجيها فمن هؤلاء العارفين بالله تعالى الشيخ صالح الجعفري والشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ عبد ربه القليوبي والشيخ علي نور الدين جمعة والشيخ مجدي عاشور والشيخ أحمد رضوان

فلضعف النفس والعلم بحقيقتها بأنه ليس للعبد أهلية الاجتماع بهم فكيف للحشرة الضئيلة أن تجتمع بالنسور والصقور الكبيرة وأين الذرة بمكان من الجبال الشامخة فأسأل الله تعالى أن يجمعني بهم في الآخرة وأن لا يحرمني من شفاعتهم بحبي لهم في الله تعالي

فجزاهم الله تعالى جميعا خير الجزاء ورضي الله عنهم ورضي عنا بهم ورحمهم ورحمنا بهم ونفعنا بعلومهم في الدارين آمين ومن علينا بما من عليهم ومنحنا بركاتهم والخلعة التي خلعها عليهم

وحصنا جميعا بحصن الشريعة وافاض علينا من بحور الحقيقة وامدنا بجذبة من جذبات الصالحين مقرونة بالعوافي في الدارين آمين آمين آمين يارب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد

اعلم يا ولي في الله تعالي أن كل ما يقوله العارفون ليس منبعه فلسفة افلاطونية أو حكمة إغريقية أو تبعا لهوي النفس وإنما علومهم وأقوالهم منبعها الكتاب والسنة

قال تعالى ﷽ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ ﴾ ( سورة البقرة)

وقال تعالى ﷽ ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا وَآتَيْنَهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْتَهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴾ ( سورة الكهف )

فإنهم قوم تخلصوا من رعونات النفس وسلطة الجسد من المباح من شهوات وملذات ودنيا زائلة واخلصوا لربهم عبادة وأدبا فسقاهم المولي عز وجل من خزائن علومه الوهبية التي لا ينالها إلا خواص أحبابه ومن اصفطاهم لجماله.

ومن أنكروا تلك العلوم فإنهم قوم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه ومن القران إلا رسمه فتطاولت الألسنة الجاهلة علي علوم الوهب الرباني وعلي الأولياء..

ودلائل العلوم الربانية والمنح الإلهية من كرامات حسية معلومة ظاهرة ومن كرامات معنوية وهي العلوم والمعارف والفتح الإلهي وهو أعظم وأجل قيمة من الكرامة الحسية التي يهبها لمن يشاء من عباده كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ

منها قوله تعالى ﷽ ﴿ قُلْ هَذِهِ، سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ( سورة يوسف ).

وقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَبِمَّةً يَهدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ) (السجدة)،

وقال تعالى في قصة سيدنا موسى والخضر

 (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) ) سورة الكهف )

وفي السنة الشريفة:-

ما وروي عن أبي جحيفة قال: سألت عليا هل عندك عن النبي ﷺ شيء سوى القرآن؟ فقال لا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما في هذه الصحيفة.....الخ الحديث

وروي الإمام العلامة البخاري في باب العلم عن أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين قال:

قال رسول الله ﷺ { حفظتُ من رسول الله ﷺ وعاءين فأما أحدُهما فبثثتُه وأمَّا الآخرُ فلو بثثتُه قُطِعَ هذا البلعوم. }

فعلمُ الأولياء والصالحين هو هذا العلم.

[[ وقال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه وعنهم جميعا ردا منه علي المنكرين لعلوم الأولياء من الجهلة والفلاسفة والمتفيهقين فقال :-

والذين لم يبلغهم مما ورد في كتاب الله وسنة نبيه مما يقرر اختصاص الحق سبحانه لمن شاء من عباده بما شاء من عطاياه سواء كان المعطى محسوسًا أو معنويا كالعلم بالله والفهم في كتابه فراحوا ينكرون كل ما يجهلونه.

وكأنهم أحاطوا بهما عند الله أو تحكموا على الله في ألا يعطي أحدا من خلقه إلا بعد أن يستأذنهم، ولا يُفهم أحدًا في كتابه إلا بما فَهِمُوه هم بفهمهم السقيم لا غير فسبوا ولعنوا أولياء الله ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيْئًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ)

وجعلوا يستشهدون بأقوال أهل الكفر المستشرقين الذين ما أرادوا بالإسلام والمسلمين خيرا قط على أئمة الهدى المسلمين.

فينسبون العلم اللدني الوارد ذكره في كتاب الله وفي سنة رسول الله تارة إلى المسيحية وتارة إلى الفلسفة اليونانية وأخرى إلى الاستنباطات العقلية تبعًا لهؤلاء المستشرقين

الذين لم يدركوا حقيقة علوم التصوف وما لها من العظمة بحيث يعجز غير المسلمين عن الإتيان بشيء منها وكيف لا وهي من السيد الأعظم سيدنا محمد اﷺ .]]

{ الميزان الذرية للشعراني}

[[ وقال العارف بالله محي الدين ابن العربي:-

لو عمل الناس على جلاء مرآئيهم لم يقفوا قط في فهم شيء من كلام ربهم ولا من كلام نبيهم لأن الشريعة كلها جاءت بلسان عربي مبين يسع أفهام سائر من شملتهم الدعوة .

ومن انجلت مرآة قلبه صار الحق تعالى هو المعلّم له وهناك تكون المسألة منه وشرحها منه كما مر تقريره ثم لا يخفى أن من شرط العلم اللدني ألا تزلزله الأدلة ( أي لا يتعارض مع الشريعة ) ولا يدخله شكٍّ ولا حيرة ولا استدارج وذلك لأن العلوم اللدنية لا تأتي إلا موافقة للشرائع . ( كما قال العارف بالله أبو المواهب الشاذلي:-

إثبات المسألة بدليلها تحقيق وإثباتها بدليل آخر تدقيق. والتعبير عنها بفائق العبارة ترقيق. ومراعاة علم المعاني والبيان في تركيبها تنميق والسلامة من اعتراض الشرع فيها توفيق )

وأما من يقول إن العلوم اللدنية مخالفة للشريعة فإنه لم يمعن النظر ومعلوم أن الأحكام الشرعية لا تنصب حبالة للمكر الإلهي فإنها عين طريق السعادة فكيف يدخلها استدراج ]].

( الفتوحات المكية)

* منهج شرح الاحاديث في موقع العارف* 

اولا :

ذكر نبذة يسيرة فيما يخص بعض الأصول الفقهية التي تشير الي بعض الأسس في فهم الأحاديث والقرآن والتي لابد السالك أن يعرفها من خلال اقوال الفقهاء واقوال بعض العارفين فيما يخص هذا الباب مع العلم أن الفقهاء العالمين العاملين أيضا أولياء وعارفين بالله تعالى كما قال العارف بالله سيدنا الإمام الوتد الشافعي رضي الله عنه إن لم يكن الفقهاء أولياء فليس هناك أولياء

كما يجب علي المريد السالك أن يعرف فقه دينه فما لا يؤخذ كله لا يترك كله وقد قال أهل الله تعالى أن من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق

ثانيا :-

الكتاب ( موقع العارف) ما هو إلا جمع لأقوال وحكم العارفين بالله تعالى فيما يخص الحديث النبوي في الأخلاق والمعاملات و الفقه و العقيدة وعصمة بيت النبوة والرسالة من خلال حكمة تخص متن الحديث أو قصة حدثت للعارف فتم الحاقها بالحديث أو شرح الولي ذاته لنص الحديث

ثالثاً:-

سرد بعض حكم العارفين في أبواب مستقلة لما فيها من أهمية لفهم السالك الي طريق الحق سبحانه وتعالى وكيفية التعبد لربه ومعاملة خلقه كما قال أحد العارفين من سمع بالحكمة ولم يعمل بها فهو منافق

رابعا :-

ذكر بعض ما يخص التصوف ورجاله في رسائل محدودة أو شرح حديث أو آية من كتاب الله تعالى لرفع الشبهات وتطاول الألسنة علي أهل الله سبحانه وتعالى

هذه الألسنة التي وقفت جامدة متحجرة أمام النصوص ولم تعلم الإشارة والعبارة فيما وراء النص ولم تتذوق رحيق كأس المحبة الإلهية الذي به تتفتح البصيرة ويرتقي القلب

ولم تتذوق حلاوة الوجدان بغيبة الهيكل البشري في الحب والقرب الذي يثمر قبسات وومضات من المعرفة الإلهية لأنه لا يعرف الرب كمال المعرفة إلا ذاته وحده عز وجل

خامساً:-

ذكر بعض أقوال العارفين بالله مثل ابن عباد النفري والشعراني وعبد القادر الجيلاني وأبو الحسن الشاذلي والخرقاني وأبو يزيد البسطامي والجيلي وعلي وفا الشاذلي

وغيرهما من الملهمين بالواردات والهواتف الربانية من أمة حضرة النبيﷺ من باب التضمين والاستشهاد في شروح بعض الأحاديث

خصوصا في الفاظهم حيث قالوا قال لي ربي أو يا عبدي أو أوقفني ربي بين يديه وقال أو خاطبني أو قال الله سـبـحـانه وفي هذه الألفاظ:-

قال العارف بالله أبو المواهب الشاذلي ؛-

[[ قول بعضهم « حدثني قلبي عن ربي » لا إنكار فيه لأن المراد أخبر قلبي عن ربي من طريق الإلهام الذي هو وحي الأولياء وهو دون وحي الأنبياء ولا إنكار إلا على من قال كلمني الله تعالى كما كلم سيدنا موسى ففرق واسع بين ( أخبر ) و ( وكلم ) يا من أنكر وتوهم ]]

( الطبقات الوسطى للشعراني ) .

وقال الدكتور مصطفى محمود:-

[[ لا يجب أن ينصـرف ذهنك إلى دعوى النبوة لأمثال هؤلاء الصالحين فالرجل منهم أكمل وانقي من أن يدعى لنفسه نبوة ولم يزعم أحد منهم بأن جبريل نزل عليه ..

وكلهم ملتزم بالقرآن الكريم حرفـا ومعنى وبسنة حضرة النبيﷺ سلوكا واتباعاً حالا ومقالا وإنما هي لغة الصوفية تعبيرا منهم عما يلقى الحق سبحانه وتعالى في قلوبهم من الحقائق في لحظات الصفـاء الكامل .

{ مقدمة كتاب رأيت الله )

  • مراجع المقدمة *

  • القرآن الكريم

  • صحيح الإمام البخاري

  • الميزان الذرية للإمام عبد الوهاب الشعراني بتصرف يسير جدا

  • الطبقات الوسطى للإمام عبد الوهاب للشعراني ج٢ ترجمة الإمام أبو المواهب الشاذلي

  • مقدمة كتاب رأيت الله للدكتور مصطفى محمود ( بتصرف يسير)