تابع حديث النبيﷺ عن الفطرة ج٣
احاديث ظاهرها تناقض أحكام المولود

  • الجزء الثالث من بيان حديث الفطرة *

فقتل الخضر للغلام رحمة به فإنه قبل بلوغ سن الرشد لا تكليف عليه فلحق الغلام بأبويه في الآخرة، فإن الولد ما دام لم يبلغ الحنث محكوم له بحكم أبويه في الظاهر وأحكام الدنيا

وأما في الباطن والدار الآخرة فالراجح بل هو الحق أن كل من مات قبل الحنث من الأولاد يكون من أهل الجنة لحكم الفطرة المطلقة التي ذكرناها سابقا

بدليل الرؤيا التي رآها النبي ﷺ - وهي في صحيح البخاري قال فيها النبي ﷺ :-

رأيتُ الليلةَ رجُليْنِ أتَيَانِي ؛ فأَخَذا بيدِي فأخرجانِي إلى الأرضِ المقدَّسةِ ( إلي أن قال النبي ﷺ )

فانطلقتُ فإذا روْضةٌ خضْراءُ وإذا فيها شجرةٌ عظيمةٌ وإذا شيْخٌ في أصلِها حولَهُ صِبيانٌ ( إلي أن قال النبي ﷺ ) :-

فقُلتُ لهُما ( اي للرجلين ) إنَّكما قدْ طَوَّفْتُمانِي مُنذُ الليلةِ فأخْبِرانِي عمَّا رأيتُ قالَا نعمْ ( إلي أن قال النبي ﷺ) :-

وأما الشيخُ الّذي رأيتَ في أصلِ الشجرةِ فذاكَ إبراهيمُ عليه السلامُ وأمّا الصِّبيانُ الّذينَ رأيْتَ فأوْلادُ الناسِ .. الخ الحديث ( أخرجه البخاري )

فعمم في الحديث ولم يخصص ولد مسلم من ولد مشرك فكان قتل الخضر رضي الله عنه للغلام رحمة بالغلام حيث قتله قبل الحكم عليه بالكفر ورحمة بأبويه فإنه لو كبر وكفر لربما تابعاه على الكفر وارتدا عن دينهما

كما كان خرق السفينة رحمة بالملك الغاصب للسفن فلا يزيد في عذابه غصب السفينة لو غصبها ورحمة بأهل السفينة كما أن إقامة الجدار كان رحمة باليتيمين ورحمة بأهل الجدار الذي كانوا ينتفعون به

فاعرف هذا الموقف فإنه من نفائس العلم ولربما لا تجد هذا التفصيل في كتاب وهو من أنفاس شيخنا - رضي الله عنه - اللهم أجزه عنا أفضل ما جزيت معلماً عن متعلم ومرشدا عن حائر وهاديًا عن ضال وناصحًا عن منصوح فإنك القادر على ذلك المليء به.

{ المواقف الروحية للجزائري موقف رقم ٣٠٤ }

  • ومن إشارات الحديث :- .

قال العارف بالله أحمد بن علوان

قول النبي ﷺ مَنْ أحْدَثَ وَلَمْ يَتوضأ فَقَدْ جَفَانِي وَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ جفاني ومن صلى ركعتين ولَمْ يَدْعُني فَقَدْ جَفَانِي وَمَنْ دَعَانِي فلم أجبه فقد جفوتُهُ ولستُ بِرَتِ جاف

معنى الخبر في الشريعة ظاهر وفي الحقيقة إشارة إلى أن كل مولود يولد على الفطرة حتى يتهود أو يتنصر أو يُشرك أو يعصي

وذلك حدث ناقض لوضوء الفطرة فلا طهارة من هذا الحدث إلا بماء التّوبة فمن توضأ بماء التوبة من إحدى هذه النواقض خرج من جفاء المخالفة إلى تجديد العهد .

ومن صلى بعد هذا الوضوء ركعتين مُقبلاً على الله تعالى مقتدياً برسوله ﷺ خرج من جفاءِ المُخالفة إلى وُدَ المُؤالَفَة

ومن دعا بعد هذه الصَّلاةِ. خرج من الغنى عن ربه إلى الخضوع والافتقار إليه فليس ببعيد أن يُستجاب له ، و له ، ويدخل صف الأحباب ، بين يدي رب الأرباب

{ طبقات الخواص للزبيدي ص ٧٤ }

.

  • المراجع *

  • مسند بن حبان و البخاري ومسند الإمام أحمد والترمذي وأبو داود

  • شرح صحيح مسلم للنووي

  • تفسير القرطبي والطبري سورة النحل آية ٧٨

  • الواردات الإلهية لبهاء الدين البيطار ج٢

  • تحفة الاحوذي للمباركافوري

  • الفتوحات المكية لمحي الدين ابن العربي

  • المواقف الروحية لعبد القادر الجزائري

  • التمهيد لابن عبد البر

  • طبقات الخواص للزبيدي طبعة دار المنهاج