حديث النبيﷺ عن البدعة وحقيقتها ج٢
احاديث ظاهرها تناقض

حديث النبيﷺ عن البدعة وحقيقتها ج٢

قال محي الدين ابن العربي:-

  • أمثلة للسنة الحسنة :-

كمسئلة بلال في الركعتين بعد الأذان و الـطهـارة عند كل حدث وركعتين عقيب كل وضوء والقعود على طهارة وركعتين بعد الفراغ من الطعام وكل ادب مستحسن مما لم يعينه الشارع فلهذه الأمة تسنينه ولهم أجر من عمل بذلك .

غير أنهم كما قلنا لا يحلون حراماً ولا يحرمون حلالاً ولا يحدثون حكماً فاستمر الشرع والعبادة المرغب فيها ـ مما لا ينسخ حكماً ثابتاً إلى القيامة

وهذا الحكم خاص بهذه الأمة وأعني بالحكم تسمينها سنة تشريفاً لهذه الأمة وكانت في حق غيرها من الأمم السالفة تسمى رهبانية قال تعالى ورهبانية ابتدعوها

فمن قال بدعة في هذه الأمة مما سماها الشارع سنة فما أصاب السنة إلا أن يكون ما بلغه ذلك والاتباع أولى من الابتداع والفرق بين الاتباع والابتداع معقول ،

ولهذا جنح الشارع إلى تسميتها سنة ولم يسميها بدعة.

لأن الابتداع إظهار أمر على غير مثال له أصل في الشرع فلو شرع الإنسان اليوم أمـراً لا أصل له في الشرع لكان ذلك إبـداعـاً ولم يكن يسـوغ لنـا الأخـذ به فعـدل الشارع إلى لفظ السنة إذ كانت السنة مشروعة

{ الفتوحات المكية لإبن العربي} . .

أفعال لم تكن على عهد النبي ﷺ :-

من خلال تتبع سير وتراجمِ السَّلف الصالح بدايةً من عصر ا الصَّحابة رضوان الله عليهم نجد أنهم في سلوكهم وعباداتهم وقُرُباتِهم من الله سبحانه وتعالى قد أحدثوا أمورًا لم تكن على عهد رسول الله ﷺ ولم يفعلها

فكان هذا دليلًا عمليا واضحا من خير النَّاس على أنَّ البدعة ليست هي كل ما لم يفعله رسولنا الكريم، وبالتالي فهو ليس مُحرَّم، أو أنَّ مجرَّدَ تركه صلوات الله وسلامه عليه يجعل الفعل غير جائز،

ومن دلائل ذلك :-

1- جمع القرآن الكريم في عَهْدِ صحابة رسول الله فقد أورد البخاري في صحيحه قضية جمع القرآن الكريم، ولم يكن القرآن قد جُمِعَ في شيءٍ واحدٍ كالمصحفِ فِي عَهْدِ رسول الله والحديث وارد في البخاري وغيره

أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر إن عمر أتاني فقال إنَّ القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بقراء القرآن

وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلتُ لعمر: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول

قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيتُ في ذلك اللَّذي رأى عُمرُ"

الشَّاهِدُ من هذا الحديث أنَّ هذا الأمر وهو من أهم الأمور في دين الإسلام، وهو جمع كتاب الله وقرآنه في كتاب واحده مع أنَّ رسول الله ﷺ لم يفعله

وقد فعله الصحابة رضوان الله عليهم، وقد استشكل أبو بكر بالله فقال: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟

فكان جواب عمر هذا والله خير أي جمع القرآن خير لا يخالف الشرع ولا يُوجد معارض له، فكونُ الأمر لم يفعله رسول الله ﷺ لم يمنع الصحابة من فعله ما دام ليس له معارض شرعي.

٢- أن عمر بن الخطاب بالله جَمَعَ النَّاسَ في رمضان على إمام واحده وقوله نعمت البدعة هذه.

( أخرجه البيهقي في السنن}

٣- كان الناس في زمان عمر يقومون رمضان بثلاث وعشرين ركعة ولم يكن ذلك في عهد النبي ﷺ

٤- كان سيدنا عثمان بن عفان رضوان الله عليه يُحيِي الليل كله في ركعة".

{ الزهد لابن المبارك والبيهقي }

٥- وكان الإمام الشافعي رحمه الله يختم القرآن في الليل واليوم". { تاريخ بغداد }

٦- الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان كان يصلي في اليوم مائة ركعة. { تاريخ بغداد }

٧- تتبع إبن عمر للأماكن التي نزل فيها النبي ﷺ ومشي فيها ويتتبع الصَّلاةَ في الأماكن التي صلَّى فيها رسول الله ﷺ { أخرجه البخاري كتاب الصلاه}

*ختاما لما سبق *

افعال الخير والعبادات التي لها أصول في الشريعة تندرج تحتها لا تكون من البدع حتى ولو لم تكن على عهد رسول الله

لكن المشكلة فيمن يتسرع في رمي الناس بالبدعة ويصد عن سبيل الله بطريق مباشر أو غير مباشر، فنجده يشوش على المسلم في عبادته أو أذكاره أو صلواته التي يلتزم بها ويتقرب بها إلى ربه

عندما يقول له إن ما تفعله بدعةً وغير جائز وضلالة... إلخ. فيترك ذلك الإنسان القربات والطاعات بالكلية خشية الوقوع في البدعة والإثم

فالحذر من ذلك وتولي الله تعالى هدايتك وهداية المسلمين لما فيه الخير والصلاح آمين يارب العالمين.

فكل عمل له اصل في الشرع فهو سنة حسنة وليس بدعة وان كان اسمها بدعة لفظاً فقط

وكل عمل ليس له أصل في الشرع يسمي بدعة مذمومة وليس سنة حسنة .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. .

المراجع *

  • صحيح مسلم والبخاري ولبزار والطبراني والدارقطني وموطأ مالك والبيهقي
  • موسوعة تصحيح المفاهيم والأفـــكـار في قضايا حارت فيها الأمة الشيخ أشرف سعد الأزهري
  • لفتوحات المكية لإبن العربي ج١ .
  • قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام
  • جامع العلوم والحكم لإبن رجب الحنبلي ج٢
  • شرح صحيح مسلم للنووي ج٧ *الزهد لابن المبارك .