عصمة بيت النبوة سيدنا آدم ج١
عصمة الأنبياء

  • عصمة بيت النبوة سيدنا آدم ج١ *

  • قول الملائكة { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ }

الوجه الأول :-

يفهم من الاية أن الملائكة رأت خلقا آخر عاش على الأرض وأفسد فيها فكأنهم عاشوا التجربة من قبل ولكن عليهم أن يلتزموا لأمر الله تعالى الذى يأمر فلا يعصيه أحد .

والله تعالى حينما أخبر الملائكة فهو لم يخبر كل جنس الملائكة إنما أخبر هؤلاء الملائكة الذين لهم صلة بخدمة الخليفة القادم على الأرض وصيانته وحفظه كالمدبرات أمراً ، والحفظة ، ورقيب وعتيد ... الخ

الوجه الثاني:-

الملائكة لم تنطق بقولها اتجعل فيها من يفسد فيها بل قالت ذلك في سرها ولم تبوح به لله عز وجل لأنها تعلم حكمة الله تعالى في فعله وقوله عز وجل

ولكنها تساألت عن ذلك بسبب رؤيتها لمن أفسد في الأرض قبل ذلك فعلم المولي عز وجل ما دار في ذهن الملائكة لانه اللطيف الخبير

فأجاب الملائكة علي ذلك بدلالة قوله سبحانه وتعالى ﴿ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ﴾

فقوله أعلم ما تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) دليل على أن قول الملائكة كان في ذهنها وخاطرها ولم تبيح به والله اعلم )

  • هل هي جنة الخلد أم جنة في الدنيا *

قال تعالى:-﷽

{ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِنْتُما وَلَا نَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف ]

قال العارف بالله محمد متولي الشعراوي:-

كثير من العلماء قالوا إن المقصود بالجنة هي جنة الخلد فى الآخرة وليس هذا صواب لأنه كيف يمكن أن يدخل إبليس جنة الطائعين لله تعالى وهو عاص ؟ وكيف يمكن أن يدخل جنة الخلد ثم يخرج منها

مع أن الله تعالى قد كتب أن كل من يدخلها لا يخرج منها فهؤلاء جميعاً لم تفهم إلى مدلول كلمة جنة ذلك أن اللفظ يكون له معان متعددة ولكنه يؤخذ عادة وعرفا على معنى واحد

بحيث إذا سمع اللفظ انصرف الذهن إلى هذا المعنى بالذات ،ومن هذا المدلول حين يسمع كلمة جنة ينصرف ذهنه إلى جنة الآخرة لأنها هي الجنة الحقيقية .

فمن الجائز أن يكون للفظ فى اللغة معان متعددة ولكن في الدين فإنه يأخذ المعنى الشرعى الاصطلاحي ، مثلاً حين تسمع كلمة الحج تقول إن معناها أن تقصد بيت الله الحرام ولكن الحج فى اللغة معناه : القصد فقط

فإذا قصدت الذهاب إلى مكان تقول حججت إليه فلما جاء الإسلام أصبح المعنى الإسلامي الفقهي الشرعي لكلمة الحج هو أن تقصد بيت الله الحرام لأداء المناسك

وكلمة صلاة مثلا تجد معناها في اللغة هو الدعاء. قال تعالى﷽ ﴿ وَصَلَّ عَلَيْهِمْ ﴾ [ التوبة]

أى ادع لهم فلما جاء الإسلام أخذها إلى معنى العبادة المبدوءة بالتكبير المختومة بالتسليم بكل شروطها الصلاة .

وهكذا أصبح لهذه الألفاظ معان فقهية إسلامية بحيث إذا أردنا أن نستخدمها فى معناها اللغوى الأصلى لابد أن نبين ذلك للناس .

وهذا ما جعل العلماء يذهبون إلى أن كلمة جنة ساعة أن ننطق بها ينصرف المعنى إلى جنة الآخرة

ولكن الجنة فى اللغة معناها الستر ولذلك يطلق على المكان الذى فيه أشجار غزيرة ومتنوعة تستر الإنسان وهو يمشى فيها كلمة الجنة

وفي نفس الوقت فإنها بثمارها الكثيرة المتنوعة تعطى الإنسان ضروريات وكماليات الحياة ولذلك فهى تستره عما جاورها ويستطيع أن يبقى فيها مستترا ولا يخرج

فإذا جئنا إلى القرآن الكريم وجدنا أن القرآن استخدم الجنة في المعنيين معناها اللغوى ومعنى جنة الآخرة ، وإذا قرأنا القرآن الكريم نجد ما يلي

﷽. ( أيود أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ )

وقوله جل جلاله : ﷽ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهما بنخلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴾

وقوله تعالى : ﷽

( لَقَدْ كَانَ لِسَبأ في مسكنهِمْ ءَايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينِ وَشِمَالِ كُلُوا مِن رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَّهُ بَلْدَةٌ طيبة وَرَبُّ غَفُورٌ )

وأما من يقول أن لفظ الجنة إذا جاء بالالف واللام فالمقصود جنة الآخرة وأيضا هذا غير صحيح لأن الله سبحانه وتعالى يقول ﷽

{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ..} ا ( سورة القلم ] }

والحديث في الآية عن جنة أو حديقة لها ثمار في الدنيا إذن فالألف واللام لا يميزان اللفظ ولا يجعلانه ينصرف إلى جنة الخلد في الآخرة .

فالجنة التى عاش فيها آدم ليست هي جنة الخلد لأن جنة الخلد لا تأتى إلا بعد التكليف فهى جزاء لاتباع منهج الله تعالى وليست سابقة على هذا المنهج

كما أن جنة الآخرة هي جنة الخلد من يدخلها لا يخرج منها أبدا وآدم مخلوق للأرض إذن فالجنة التي عاش فيها آدم هي مكان أعده الله سبحانه وتعالى له لكي يتم تدريبه فيه على المنهج .

كما أن جنة الآخرة هي جنة الخلد من يدخلها لا يخرج منها أبدا وآدم مخلوق للأرض إذن فالجنة التي عاش فيها آدم هي مكان أعده الله سبحانه وتعالى له لكي يتم تدريبه فيه على المنهج . . وإلي الجزء الثاني من عصمة سيدنا آدم :-