حديث النبيﷺ عن الإخلاص لله وحده
أحاديث المعاملات

روي عن حضرة النبي ﷺ إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصًا وابتُغي به وجهُه

. ( أخرجه النسائي)

   * اقوال العارفين في ذلك *

[[ قال العارف بالله ابن علان الصديقي :-

نظر بعضهم إلى بعض العارفين وهو يصلي بكمال الآداب من إتمام الركوع والسجود وغير ذلك المستحبات فاستحسن ذلك منه وأطال النظر الله إليه فقال: لا يغرنك طول قيامي، وإكمال ركوعي وسجودي، فإن إبليس عبد ثمانين ألف سنة، وما أفاده ذلك شيئا

أي أنني لا أرضي عن نفسي بهذه العبادة ولا اتحقق فيها الإخلاص وما أعتمد إلا على فضله وإحسانه كما هو شأن العارفين

ولذلك كان إذا فرغ حضرة النبيﷺ من الصلاة استغفر الله تعالى ثلاث مرات

فإذا كان حضرة النبيﷺ يستغفر بعد صلاته خوفا من التقصير فيها وقد جعلت قرة عينه في الصلاة فكيف بسواه من أمثالنا،

ولهذا قال العارفين:
كلما ازداد العبد بصيرة ازداد معرفة بعيوب نفسه وكثر اتهامه لها وعدم الرضا عنها ]]

{ شرح الحكم الغوثية لاحمد بن علان الصديقي ص٦٨ }

. [[ قال العارف بالله عبد العزيز الدباغ:- كل عمل تعمله بقصد الأجور والحسنات فهو عمل لغير الله تعالى ولا بد أن يعرض فيه الوسواس .

مثال علي ذلك وهي الصدقة :-

فتقول فى نفسك إذا تصدقت بالقصد السابق لعل المتصدق عليه ليس أهلا للصدقة وإن كان أهلا فلعل هناك من هو أولى وأحق بها منه وأقرب إلى الله تعالى فى قبولها وهل قبلها منى أم لا ؟

وكل عمل دخله وسواس فلا نصيب فيه لأن الوسواس من الشيطان والشيطان لا يقدر على القرب من العمل الذى هو الله وتعالى

فقال الإمام أحمد بن المبارك وهو تلميذ الإمام :- وإذا تصدقت لا بقصد الأجور والحسنات ولكن بقصد القرب من الله تعالى فهل يضر ذلك أم لا ؟ .

فقال الشيخ عبد العزيز رضى الله عنه نعم يضر لأن قصد القرب من ربك علة من العلل والعمل هنا صدر منك لغرض من الأغراض( وهو القرب منه عز وجل)

وإنما معنى أن يكون العمل خالصاً لله :-
هو أن يعلموا ما ربهم عليه من أوصاف الجلال والكمال والكبرياء والعظمة وماله عليهم من النعم التي لا تعد ولا تحصى فيرون ربهم أهلا لأن يخضع له ومستحقاً من العبد الخضوع له عز وجل ولا يخطر ببالهم حظ من حظوظ النفس

بل يرون أنهم لو عبدوا ربهم أبداً وأطاعوه بأشق العبادات مع طول العمر واستمراره فلن تستطيع أن تقوم بشيء من الحق الواجب عليك للرب سبحانه وتعالى

وإنما يتصور منك أن تعمل لحظوظ نفسك لو فرغت من القيام بحقوق ربك وإذا لم تستطع أبدا أن توفى بحق واحد من حقوق وفضل ونعم ربك عليك فكيف تطمع أن تعمل لحظوظ نفسك

وإذا تأملت ما قلناه علمت أن العمل للأجور قاطع عن الله تعالى وعن القيام بحقوقه ولهذا لا يزيد صاحبه إلا بعداً من الله عز وجل

وإذا عبدت ربك سبحانه وتعالى لكونه أهلا لذلك لا يمكن أن يدخل عبادتك أو عملك وسواس أبداً

فقلت يا سيدى فإذا كان المتصدق يرى حين إخراج الصدقة أن المال الله وليس له وذاته لله وكذلك الفقير الذي يطلب الصدقة ذاته أيضا لله فهو يرى أن الكل لله فيخرج صدقته على هذه النية ولا يرى لنفسه شيئًا أصلا فكيف تكون صدقة من هذه صفته ؟
فقال رضي الله عنه هذا أحسن ما يكون

ثم قال رضى الله عنه :-

واعلم أن عبادة العارفين بالله تعالى إنما هي لأجل وجوده الكريم عز وجل وذاته الرفيعة فيفعلونها اجلالا وتعظيما ومهابة وتوقيرا ويعلمون أنهم لو عبدوا طول عمرهم ونطحوا الصخور بجباههم دائما سرمدا ما وفوا بشيء من حقوق الربوبية فكيف يطلبون لانفسهم أجورا

لأنه لا يطلب الأجر إلا من رأى أنه قام بالحق وأدى الله الواجب عليه والعارفين رضي الله عنهم يرون أنفسهم مقصرين ما قاموا لله بشيء مع أنهم يشاهدون الفعل الصادر منهم إنما هو من الله سبحانه وتعالى وليس منهم فكيف يطلبون الأجر على ما فعله غيرهم وهو الله تعالى وحده لا شريك له.

  • عدم وجود الاخلاص أن النفس حية *

اعلم انه لابد أن تكون أفعالك كلها خالصة لله فإذا كانت الأعمال لغير الله تعالى فذلك علامة حياة النفس وعلامة أخرى إذا كان العبد يجد من نفسه وسواس فهو آية على حياة النفس وبقدر كثرة حياتها يكثر الوسواس فمن لا وسواس لا نفس له ومن له وسواس فله نفس حية ومن له نفس حية لا تكون أعماله الله تعالى

ودواء موت النفس حتي تكون أعمالك خالصة لله عز وجل هو معرفة الله تعالى ومشاهدته فإذا كان قلب العبد معمورا بها وعلم أن ربه يراه ويسمعه

وأنه لا يتحرك في شيء إلا إذا كان ربه هو المحرك له وأنه المنعم عليه تعالى بما شاء من النعم وأن مصيره في الدار الأخرى إلى ربه .

فاذا فكرت فى هذا علمت قطعاً أنك لا تقدر على نفع لنفسك ولا لغيرك فى دار الدنيا ولا فى الدار الآخرة إلا إذا أعطاك ربك فعند ذلك لن تعتمد علي غير مولاك ولا تتشوف الي غيره عز وجل حينئذ تموت نفسك وفقنا الله لأسباب موتها بمنه وكرمه والله تعالى أعلم .]]

{ الابريز لعبد العزيز الدباغ لاحمد بن المبارك}

   * من علامات الاخلاص *

قال العارف بالله الحسن البصري:-.
[[ إن صبرك يكون قويا عندما تستغني عن نصيبك حتي يكون صبرك علي الأعمال والعبادات وترك ما نهاك عنه يكون كل ذلك لله تعالى وليس لكي تنقذ جسدك من الجحيم أو للوصول للجنة بل لله فقط وهذه هي علامة الإخلاص في كل عمل وقول وعبادة ]]

{ تذكرة الأولياء للعطار ترجمة الحسن البصري بتصرف يسير }

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .