حديث النبيﷺ عن ميراث الملتين
أحاديث المعاملات

      *حديث النبيﷺ عن ميراث الملتين

روي عن حضرة النبيﷺ

لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ.

( اخرجه البخاري )

تتبيه عام لقضية الميراث :-

اعلم ان الميراث فرض فرضه الله تعالى ومن الحدود الشرعية الثابته بالكتاب والسنة فمن تعمد حرمان أو تأخير إعطاء أحد الورثة ما يستحقه من ميراث فقد اتي بكبيرةمن الكبائر

قال المولي سبحانه وتعالى : ﷽ . ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾

وروي عن حضرة النبي ﷺ.    . مَنْ قَطَعَ ( منع ) مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَطَعَ اللهُ بِهِ ميراثه مِنَ الْجَنَّةِ. ( أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه.) .

  • ما يتعلق بالميراث :-

اولا الزواج :-

المسلم له أن يتزوج من امرأة غير مسلمة ولها أن تبقى على عقيدتها ودينها بشرط أن تكون كتابية أي من أهل كتاب كاليهودية والنصرانية

ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير مسلم  وليس لهذا علاقة  بالتحيز للإسلام بل للحفاظ على المودة المنشودة من الزواج

حيث إن المسلم يؤمن بعقيدة زوجته ومأمور باحترامها وتمكينها من أداء شعائرها فى كنيستها أو معبدها فتستقيم الحياة بينهما مع اختلاف الدين

بخلاف الرجل المسيحى أو اليهودى إذا تزوج مسلمة  فهو لا يؤمن بالإسلام ورسوله ودينه فلن يمكنها  من أداء شعائر دينها فتبغضه لذلك.

ولهذا السبب منع زواج المسلم من غير الكتابية لأنه لا يؤمن بمعتقدها كالهندوسية ومن لا تؤمن بدين ولا يأمره إسلامه بتمكينها من أداء طقوسها

بل يوجب عليه منعها من عبادة النار والكواكب ونحوهما فتبغضه وتفتقد المودة المنشودة فمنع من زواجها حفظا لكرامتها من الامتهان، وعيشها مع شخص لا تحبه ولو كان أفضل منها دينا.

  •  الاسلام بعد الزواج :-

ومع أن زواج المسلمة من غير المسلم لا يجوز فى شريعتنا إلا أن الواقع يوجد بعض صور هذا النوع من الزواج

كزوجين تزوجا وهما على غير الإسلام فأسلمت الزوجة وبقى زوجها على غير الإسلام وهذا الزواج بهذه الصورة أفتى بعض فقهاء العصر فيها ببقاء الزوجية بينهما

خاصة إذا كان فى مفارقة المرأة ضرر ومخاطر ومن ذلك ألا يكون لها مأوى يؤويها أو أسرة تحتضنها أو عمل تعيش من دخله

وقد يترتب على ذلك ردتها عن إسلامها فى وقت لا يمثل إسلامها غضاضة عند زوجها الذى أحبها ولا زال على محبته لها لأنهم لا ينظرون إلى الزواج كرباط شرعى وإنما كعقد مدنى.

 كما يتصور حصول هذه الحالة فى المسلمة التى فارقت زوجها لدخولها فى الإسلام وعدم خوفها الضياع أو الارتداد لاستقرار حياتها من دونه

وفي المذهب الحنفي  لا يفرقون بين المسلمة وزوجها بمجرد إسلامها دونه أو ردته عن إسلامه إن كان مسلما وبقاء زوجته المسلمة على دينها

بل تبقى زوجة حتى صدور الحكم القضائى المفرق بينهما وقد يموت الزوج قبل صدور هذا الحكم.

  • الميراث :-

ولما كان وجود الزوجية بين المسلمة وغير المسلم ولو مؤقتا متصورا كان من الضرورى بيان حكم ميراث هذه الزوجة المسلمة من تركة زوجها غير المسلم إن مات

وهى زوجة كالمسلمة فى بلاد الغرب التى لم تستطع ترك زوجها بعد دخولها فى الإسلام خوفا من ضرر يلحقها

أو مؤقتا كهذه التى فارقت زوجها بعد إسلامها وما زالت فى العدة أو التى ارتد زوجها ولم يصدر حكم التفريق بينهما.

  •  توسع الفقهاء في الميراث :-

الفقهاء قد توسعوا فى هذه المسألة تبعا لاختلافهم فى مسألة ميراث المسلم من غير المسلم بصفة عامة

الرأي الأول:-

يرى بعضهم عدم التوارث لأن اختلاف الدين مانع من الميراث مطلقا لقول حضرة النبيﷺ

لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم»

فكما لا يرث غير المسلم قريبه المسلم أو زوجته المسلمة فكذا لا يرث المسلم قريبه غير المسلم ولا ترث المسلمة زوجها غير المسلم.

وذهب جمهور الفقهاء إلى أن أنه لا توارث بين المسلم وغير المسلم البتة فلا يرث مسلم غير مسلم ولا يرث غير مسلم مسلمًا

واستدلوا على ذلك بحديث النبي ﷺ :

«لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» رواه أبو داود والترمذي

والحكمة من كون المسلم لا يرث غير المسلم والعكس أن التوارث مبناه على النصرة والموالاة، ولا موالاة بين غير المسلم والمسلم.

ولا تحصل المرأة الكتابية على ميراث زوجها المسلم والمرأة المسلمة لا ترث أيضاً من الكتابى اذا وجدت بينهما صلة قرابة كأن تكون ابنته أو قريبته وأشهرت اسلامها بينما بقى هو على دينه

وهذا الحكم السابق  يستند على الحديث الذي روي عن حضرة النبيﷺ    (لاتوارث بين أهل ملتين شتى)

وهذا الأمر محل اتفاق العلماء وهو ما يجعله قطعيا لايحتمل الشك لأن الاجماع هو المصدر الثالث للتشريع الاسلامى بعد القرآن الكريم والسنة النبوية

ويجوز للمسلم قبول هدية غير المسلم وقد أباح الله تعالى البر والقسط مع غير المسلم الذي لم يقاتل

قال سبحانه وتعالى:.   ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾

وروي عن حضرة النبيﷺ

من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: "غَزَوْنَا مَعَ النبي ﷺ ( غزوة )  تَبُوكَ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ للنبي ﷺ  بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا.  ( متفق عليه) .

وتجوز الهبة من غير المسلم الي المسلم وتجوز الوصية له وكذلك الوصية منه فلا حرج  في قبول الهدية أو الوصية من غير المسلم.

وتصح وصاية غير المسلم إلى المسلم يقول الإمام النووي لا يجوز وصاية مسلم إلى ذمي ويجوز عكسه

  • الرأي الثاني:-

بينما يرى فريق آخر أن المسلم يرث قريبه غير المسلم وأن هذا يعنى أن المسلمة ترث زوجها غير المسلم

وممن كان يقول بذلك سيدنا عمر بن عبد العزيز حيث كان يقول رضي الله عنه:

نرثهم ولا يرثوننا كما نتزوج نساءهم ولا يتزوجون نساءنا

فإذا كان اختلاف الدين لا يمثل مشكلة لدى البعض خاصة فى بلاد الغرب وقوانينها  لا تمنع التوارث بسبب اختلاف الدين

فلا يعقل أن تكون مكافئة المسلمة التى تركت ما كانت عليه ودخلت فى الإسلام من قبل دينها الذى دخلت فيه حرمانها من ميراث يمكنها أخذه

وإلا أصبح هذا عقابا على دخولها فى الإسلام وهذا لا يقول به إلا من تجمد فكره

فالزوجة المسلمة ترث زوجها وقريبها غير المسلم إذا توفي قبل قضاء القاضي بفسخ العقد لدخولها الإسلام

وإن كان فى بلاد غير مسلمة ولا سلطان لنا عليها كبلاد الغرب فإن قوانينهم إن كانت لا تمنعه فلا ينبغى أن تكون فتاوانا حجر عثرة لعقاب المسلمين والمسلمات هناك . والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

  • المراجع:-

  • الفقه علي المذاهب الأربعة

  • فتوي مجمع البحوث الإسلامية باختصار شديد

  • روضة الطالبين للنووي الشافعي

  • مغني المحتاج للخطيب الشربيني .