حديث النبيﷺ عن البلاء من غلاء وغيره
أحاديث المعاملات

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)

رواه الترمذي

رأيت في هذه الأيام وما قبلها ما لا أحب أن أراه ولا أتمني أن أراه ثانية حتي اموت وهو وجوه الناس التي أصابها العبس والحزن والكآبة ومنهم من يشتم ويلعن الايام والحاكم والمحكوم

لا تصدر هذه الأحوال إلا من عبد لا يعرف ربه بل دخل في الشرك بالله وهو لا يدري وتلك أعظم المصائب لأن من يظن ولو لحظة أو يجول بخاطرك أن الأرزاق والغلاء بيد الناس حاكم أو محكوم فقد اشركت بالله وانت لا تدري

اعلم يا ولي في الله تعالي أن كل ذرة تراب علي الارض أو في الهواء لا تتحرك الا بقدرة ربك ولا يصل رزق الدودة في الحجر والطير علي الشجر والرزق لكل البشر إلا باذن وعلم الله تعالى وقدرته

فإن ظننت أن الخلق بيدهم شئ فقد اشركت ولا تقول ما يقوله الجهال وللأسف المثقفين وبعض العلماء أنهم اسباب نعم أنهم اسباب لكن من بالذي يحرك الأسباب ومن الذي يرزق اتظن أن كل شئ يجري في ملك الله تعالى لا يعلمه أو يحدث بغير ارادته هذا كفر صريح

كلنا نعلم أن ضيق المعايش وغلاء الاسعار قد يكون بسبب كثرة الذنوب والمعاصي من الخلق

وبسبب إهانة النعم كما رأيت بعيني أيضا من يأكل ويرمي بقية اكله في الطريق تطأه أقدام الناس ونري حيوان ميت من كلب أو قطة أو غيره ويستحي الناس أن يرفعوها بل يتركونها فتطأها عجلات السيارات واقدام الناس

ونسيت قوله تعالى {مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰةࣰ طَیِّبَةࣰۖ وَلَنَجۡزِیَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ} فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح، بالحياة الطيبة في هذه الدار، وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار.

فهل هذه الأفعال من العمل الصالح حتي تطلب معيشة سوية

ونري ورأيت وسمعت من له مرتب ورزق معلوم يلعن العيشة والمعايش والناس والحاكم والمحكوم مع أنه يفطر ويتغدي ويتعشي ولا يرضي برزق ربه ويتطلع الي ما في أيدي الناس ولا يتذكر ولا ينظر إلي من هو أقل راتب ومعيشة بل انظر الي قدوتك حضرة النبيﷺ

قَالَ حضرة النبيﷺ انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) رواه الترمذي

وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله ﷺ وقالت لقد مات رسول الله ﷺ وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين. ولو أراد ﷺ لآتاه الله كنوز الدنيا كلها عليه الصلاة والسلام .

فكيف بحالك وقس حالك بحال النبي ﷺ كم مرة تاكل في اليوم وماذا تاكل ومع ذلك لا تحمد ربك فتعلم الأدب مع اقدار الله تعالى

    * ولكن * 

ما ذكرته لك سابقا من بعض اسباب غلاء المعيشة بسوء أدب الخلق فعاملنا ربنا من جنس أعمالنا من أهان النعم اهانه الله بحرمانه منها وغلاء سعرها

هل هذه أسباب تجعلك تيأس من رحمة الله تعالى اليأس صفة من كفر بربه وليس له إله إلا المال والسلطة والدنيا أما المؤمن الموحد فمستحيل .

إذا كان ربك لم ينساك وأنت في رحم أمك كيف ينساك وأنت توحده وإذا رزق الملحد ألا يرزق الموحد

لا تزداد المعيشة غلاء وشدة الا بسوء أدبك مع قدر ربك وسوء الأدب مع النعمة وسوء الأدب مع الحاكم والمحكوم

الرزق بيد الله القدرة بيد الله التدبير بيد الله التوفيق بيد الله الحاكم والمحكوم نواصيه ونواصي العباد بيد الله سبحانه وتعالى

كما روي عن حضرة النبيﷺ في الحديث القدسي أنا الله لا إله إلا أنا مالك الملوك وملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط والنقمة فساموهم سوء العذاب فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع أكفكم ملوككم

رواه الطبراني والهيثمي

فالملك والملوك نواصيهم بيد الله سبحانه وتعالى فلا تسب الحكام لأن المحرك هو الله تعالى والمدبر هو الله تعالى ولا تلعن الأيام فإنه لا يقلب الليل والنهار إلا الله تعالى ولا يجري في ملكه إلا ما أراده مولاك

فمن لعن أو سب الايام فقد شتم ربه واهانه فيذداد البلاء والغلاء

كما روي عن حضرة النبيﷺ في الحديث القدسي

لاتسبوا الدهر فأنا الدهر

وبدلا من ذلك ألجأ الي ربك بكثرة الاستغفار كما قال سيدنا العباس عم النبي ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة.

وبذكر الله تعالى تتغير الأحوال وليس بالتهكم والسخرية والشتم واللعنة بل باللجوء إلى الله تعالى ولا يلجأ إلي الله الا المؤمن بقدره وقدرته وأنه هو وحده الرزاق العاطي المقسم للارزاق وليس العباد

كما روي عن حضرة النبيﷺ فيما معناه :-. المصائب لا تصيب الذاكرين

وادع ربك بصلاح حال الأمة حاكم ومحكوم بدلا من الدعاء عليهم لأن الله تعالى إذا استجاب دعاؤك للحاكم بالصلاح عاد ذلك علي الأمة بالخير والرأفة وإذا استجاب دعاؤك علي الحاكم اذداد شرورا وعاد ذلك علي الأمة بالوبال والظلم

كما روي عن حضرة النبيﷺ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ :

( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) رواه البخاري ومسلم.  

لا يوجد من هو احن من ربك عليك ولا ارحم منه عليك لانك عبده خلقك بيده ونفخ فيك من روحه ومن حبه لك جعلك مسلما موحدا فهل تري من يحب يعذب ويؤلم حبيبه كلا.

من عرف ربه لا يحزن ومن جهل ربه عاش مهموما ومات مكروبا

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .