حديث النبيﷺ عن التعامل بأخلاق ربك ج١
أحاديث المعاملات

  • حديث النبيﷺ عن التعامل بأخلاق ربك ج١ *

روي عن حضرة النبيﷺ

إن لله تعالى مائة خلق وسبعة عشر من أتاه بخلق منها دخل الجنة

( أخرجه البزار والترمذي والبيهقي في الشعب والطبراني في الأوسط )

وروي عن حضرة النبيﷺ

إن لله ثلاثمائة وثلاثة عشر خلق فمن تخلق بخلق واحد منها دخل الجنة . * أقوال العارفين في ذلك *

الحديث ظاهره يتكلم عن حسن الأدب بالتخلق بالاخلاق الربانية من عفو وكرم وحسن خلق ورحمة وتعاطف وأن المعاملة الحسنة لا تختص بجنس أو لون او ديانة

لأن الحديث لم يخصص ولم يقيد بشئ من ذلك فلم يقل تخلقوا بالاخلاق الحسنة مع المسلم بل اللفظ مطلق لأن الكل عباد الله تعالى مهما كانت ديانتهم

وكما قال سبحانه وتعالى :-

 لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.  { سورة الممتحنة }.

قال الإمام القرطبي هذه رخصة من الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم.

وقال إبراهيم النخعي:-

لا بأس أن تسلم علي النصراني إذا كانت لك إليه حاجة أو بينكما معروف . { الطبقات للشعراني}

وقال محي الدين ابن عربي :-

ما عاملت به الخلق يعاملك به الحق وبما عاملت به الحق يعاملك به الحق عز وجل.

( والآية والحديث لم تحدد نوع الإنسان ولا دينه فمن حدد المعاملة الحسنة بالاخلاق الحسنة للمسلم فقد أساء الي سنة رسول الله ﷺ وتحكم علي الله في قوله لعباده)

كما قال بعضهم :-

كل ما تعمل ما غيرك من سوء أو حسن فإما يجري ذلك عليك وتراه أو يجري على ولدك ويراه .

فينبغي المعاملة مع ( الحق في صورة ) الخلق معاملة حسنة لا سيئة سواء كان إنسانا أو غيره والإنسان مسلم أو غيره ذي نسب أو لا شريف أو خسيس.

لأن الإسلام والكفر وغيرهما من العوارض فإن بني آدم طاهر بلسان الشريعة ( لأن الله تعالى لا يخلق إلا طاهر ) فإن إبن آدم من حيث ذاته طاهر

ونجاسة المشركين كما في الآية الكريمة لوصف عارض قام بهم فالمراد من الآية ( إنما المشركون نجس ) أن المشركين نجس في اعتقادهم لا ذاتهم أو المراد اجتنابهم كالنجس فالحكم بالنجس مجاز لا حقيقة .

وأما ذكر المسلم وحده في حديثه ﷺ:: لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا ( أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الكبرى )

فهذا حكم الغالب ( أي الأغلبية ) ولهذا تري هذه الطائف العالية من أهل التصوف لهم شفقة تامة على جميع خلق الله سواء كانوا مسلمين أو غيرهم ومن ذلك:- .

  • من دلائل التعامل الحسن مع المسلم وغير المسلم :- .

١- كان حضرة النبيﷺ يعاشر اليهود وغيرهم بالإحسان في المدينة المنورة

فقد قبل النبي ﷺ دعوة المرأة اليهودية إلى طعامها، وعاد الغلام اليهودي المريض واستقبل وفد نصارى نجران في مسجده وأكرمهم فيه.

٢- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي ﷺ فَمَرِضَ الغلام فَأتَاهُ النبي ﷺ يعوده فقعد عند رأسه فقال لَه ( النبي ﷺ) :

أسْلِمْ فنظر إِلَى أبيه وهو عنده فقال أطع أبا القاسم فأسلم فخرج النبي ﷺ وَهوَ يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار . [رواه البخاري]

٣- واستمر هذا الحال في الخلافة الراشدة أيضا وخير شاهد على ذلك الوثيقة التي أعطاها عمر بن الخطاب للنصارى في بيت المقدس.

والتي سميت بـ "بالعهدة العمرية" فقد أمنهم فيها على أنفسهم، وأموالهم، وكنائسهم، وغيرها من حقوقهم وحرياتهم..

٤- لما توفي الشيخ محي الدين ابن عربي في رحمة لله تعالى تخاصم المسلمون واليهود والنصارى عليه وادعى كل منهم أنه شيخه ويقيمون بمؤنة جهازه ودفنه

وما حدث ذلك القول ومحاولة الفعل بذلك إلا لأن الإمام محي الدين من فهمه للشرع وسنة النبي ﷺ كان من تمام رأفته بكل خلق الله تعالى بغض النظر عن دينهم

فظنوا أنه شيخهم وهل هذا إلا هو فهما صحيحا في التعامل مع عباد الله تعالى مهما كانوا .]

{ شرح الحكم للملا موسي الكردي ص ٩٢ }

وإلي الجزء الثاني من حديث التعامل بأخلاق ربك:-