حديث النبيﷺ عن الدنيا بأنها سجن المؤمن
أحاديث المعاملات

روي عن حضرة النبيﷺ الدُّنيا سجنُ المؤمنِ وجنَّةُ الْكافرِ

أخرجه مسلم عن أبو هريرة رضي الله عنه

  • البيان*

ظاهر الحديث يتعارض مع الواقع فمن المسلمين والمسلمات أغنياء ومتوسطي الحال ولكن هذا غير حقيقي ولفهم ذلك ففي الحديث عدة وجوه

الوجه الأول:-

أن الصفة الغالبة في المؤمنين الزهد في الدنيا أو الرضي بالحال الذي اقامك الله تعالى فيه وعدم التطلع الي ما سوي ذلك والاغنياء بالنسبة للفقراء نسبة قليلة

الوجه الثاني :-

إن الغني أو الفقير أو غيرهما يخشي دائما زوال النعمة فأنت دائما في حالة الخشية من ربك ومن قدرته فقد تزول النعمة من مال أو ولد أو غيره في أي لحظة وهذا يسبب الغموم والهموم علي قلب العبد المسلم ومن كان غنيا او متوسط الحال يخشى دائما أن يحاسبه ربه علي غناه وما انعم عليه من النعم

فالإحساس بالخوف من حساب الله الخوف والقلق من زوال النعمة يعتبر سجن نفسيا لا يغيب عن قلب العبد المؤمن بالله تعالي ولذلك أمرنا المولي عز وجل بحمده دائما حفظا النعمة بألا تزول لأن الحمد والشكر والرضي يحفظ الموجود ويجلب المفقود .

الوجه الثالث :-

إن الله تعالي يبتلي المؤمن بين الحين والآخر أكثر بكثير مما يبتلي غيره من مرض وبلاء وفقد عزيز بينما غير المؤمن في رغد ونعيم وصحة وفيرة

وما يفعل ربك بك ذلك إلا تطهيرا من الذنوب والمعاصي والغفلة حتي يقل العقاب في الآخرة أو لا تعاقب فإن فضل الله تعالى ورحمته واسعة فتري غير المؤمن في نعيم وراحة وهذا احيانا يؤلم نفوس الضعفاء من المسلمين

الوجه الرابع :-

أن المؤمن إذا قارن نعيم الدنيا بالآخرة وجدت أن الدنيا لا تساوي ذرة من مقاييس نعيم الآخرة فالدنيا ضيقة كالسجن بالنسبة لسعة الآخرة وما فيها

[[ روي أن الحافظ ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري مر يوما بالسوق في موكب عظيم وهيئة جميلة فهجم عليه يهودي يبيع الزيت الحار وأثوابه ملطخة بالزيت وهو في غاية الرثاثة والبشاعة فأمسك على لجام بغلته وقال له :

يا شيخ الإسلام تزعم أن نبيكم قال الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فأي سجن أنت فيه ، وأي جنة أنا فيها ؟ فقال له ابن حجر :

أنا بالنسبة لما أعده الله لي في الآخرة من النعيم الآخرة كأني الآن فى السجن وأنت بالنسبة لما أعده الله لك في الآخرة من العذاب الأليم كأنك في جنة فأسلم اليهودي ]] { فيض القدير للمناوي }

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .