حديث النبيﷺ عن الرؤي
أحاديث المعاملات

روي عن حضرة النبيﷺ رؤيا المؤمن جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة " .

وفي رواية أخري للبخاري : لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة " .

وروي عن حضرة النبيﷺ عن السيدة عائشة -رضي عنها- أنها قالت أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة يراها في النوم ( متفق عليه)

 * اولا كيفية تفسير الرؤي * 
  • قال العارف بالله محمد عبد الحي الكتاني:-

[[ إن في القرآن الكريم كل شيء، إلا أن الناس يختلفون في الفهم.

وذلك أن يعد الرائي والمعبر من أول سور القرآن من الفاتحة بقدر الأيام الماضية من الشهر إلى حين الرؤيا، فالسورة التي وقف فيها يعد من آياتها بقدر تلك الأيام الماضية أيضًا فالآية التي يقف فيها ففيها تعبير رؤياه

وطريقة أخري :-

مما قاله الشيخ أبي سالم العياشي من صفوة من انتشر مما استنبطه - رحمه الله - لأخذ الفأل من المصحف أن تذهب للمسجد يوم الجمعة.

وتبدأ في القراءة بالمصحف فأي آية خرج عليك الخطيب وأنت فيها فهي جواب سؤالك انتهى و الحمد الله الَّذِي هَدَانَا هَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ]]

{ السر الحقي الامتناني لعبد الحي الكتاني} .

 * أقوال العارفين في الحديث وأهمية الرؤي*

قال العارف بالله محي الدين ابن عربي:-

[[ مبادئ الوحي النبوي إنما هي المبشرات وهي التي بقيت في الأمة بعد انقطاع النبوة فتخيل من لا علم له بالأمر على ما هو عليه أن ذلك نقص في حق هذه الأمة

وليس الأمر كما ظنه من لا علم له بتقسيم الوحي فإن وحي المبشرات هو الوحي الأعم الذي يكون من الحق إلى العبد فأبقى الله عزّ وجل على هذه الأمة الوحي الذي لا يخطئ أبدا .

وكان رسول الله ﷺ إذا أصبح في أصحابه يسألهم « هل رأى احد منكم رؤيا ؟ ؛ لأنها نبوة وكان يجب أن يشهدها في أمته

والناس اليوم في عماية من الجهل بهذه المرتبة التي كان رسول الله ﷺ يعتني بها ويسأل عنها كل يوم والجهلاء في هذا الزمان إذا سمعوا بأمر وقع في النوم لم يرفعوا به رأسا ( اي لم يهتموا بها ) ]]

وقال العارف بالله أبو عبد الله الترمذي الحكيم:-

[[ إنه جاء عن رسول الله ﷺ:- « إن رؤيا العبد المؤمن كلام الرب يكلمه في منامه » .

فإذا كانت البشرى كائنة على روحه في منامه فكائنة البشري على قلبه في اليقظة فإنه خزانة الله تعالى

وقد ورد أن رسول الله ﷺ قال : . من لم يؤمن بالرؤيا الصادقة لم يؤمن بالله تعالى ولا باليوم الآخر »

وقال العارف بالله أبو بكر الأشكل:-

[[ وأما رؤية النبي ﷺ فإنها من أكرم الكرامات وما أخذ عنه في المنام فهو حق .

وقد أورد الإمام مسلم في صحيحه أنه ﷺ قال من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي »

قال الإمام محيي الدين النواوي فإنه يري النبي ﷺ حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها كما قاله الإمام الماوردي.

وقال أيضا العارف بالله أبو بكر الأشكل:-

اعلم أن عالم المثال وهو عالم النوم عالم عظيم فسيح ، وحكم ما يري فيه حكم صحيح حق وهو حق ما تصور فيه يظهر للإنسان آثار تعلقاته وعلومه ومعاملاته .

وما هو عليه من الاستقامة والاعوجاج واعتدال الطبيعة والمزاج وجمعية الأمر على أمر محمود أو مذموم أو تفرقته فيما لا حاصل تحته ولا معلوم .

وهذا العالم مرأة لما هو عليه الإنسان ويجعل المعاني صورا مشهودة للعيان وبينه وبين عالم الحس تصور في عالم المثال غالبا بل قد لا يكون إلا هو .

وهذا مما يفوت فوائد الرؤيا ويحجب عن فتوحاتها فينبغي للإنسان ألا ينام إلا وهو حاليا فارغا صافيا عن الفكر والخواطر والتعلقات ليطلع على الحقائق المغيبات وما له من الزيادات والترقيات .]]

{العطر الوردي لاسماعيل الجبرتي }

وقال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني:-

[[ إذا حجب الكامل عن شهود بعض أعماله أراه الله المنامات الرديئة رحمة به وإذا فترت همة المريد لطالب معرفة الله تعالى وأراد الله ترقيته أراه منامات صالحة لينشط في الطاعة لأنه في مقام التألف]]

{الكواكب الدرية للمناوي } .

 *  الرؤي التي يراها الذاكر لله كثيرا * 

قال العارف بالله عبد الرؤوف المناوي:-

[[ قلب السالك مرأة تراكم عليها عيم الصدا، وبمجاهدة العبادة، ولزوم الذكر يكون حلاوة وفي أول جلاء القلب يلوح له صور الخيال بألوان وأشكال

فيشهد في مبدأ سيره في طريق الله تعالى بكثرة الذكر والدوام عليه وجوده كغيم كدر فإن صحبة الشيطان راه كغيم أحمر

فإن فني عن حظه راه كغيم أبيض وتتراءى له النفس كلون السماء، لها نبعان كتبع الماء من ينبوعه فإن صحبت الشيطان تراءت كماء ونار مظلمة، والشيطان كنار كدرة، وقد يراه شخصا أسود طويلا، فيفزع إلى الله بقوله بصدق الالتجاء: "يا غياث المستغيثين أغثني " ولا يلتفت له، فيعبث به،

فإذا داوم الذكر رأى الذكر مثل نار صفراء تحرق جميع الحظوظ والشهوات، ثم يتخيل كأنه في مفازة يقطعها ثم كأنه ينزل بئر ثم كأنه بيلاد وقرى

ثم كأنه صعد من البئر، ثم يشهد خضرة وهي علامة حياة قلبه ثم ناراً صافية وهي علامة قوة همته

ثم يري لونا ازرق وهي علامة حياة نفسه فإن شهد صفرة فعلامة ضعفها وعلامة شهود الخضرة انشراح الصدر واختلاط الألوان حالة تلوين الأمر،

وثياب الخضرة آخر لون يبقي وبعده تسطع الأنوار وفي هذه الحال يرى القلب مثل ماء صاف ثم يري الوجود كأنه بئر عميق يراه فوقه وأمامه وتحته ثم يعقبه نور أخضر.

وهذا السير يكون نوما ثم يصبح يقظة فافزع إلى الذكر وأكثر ما يكون ورود الملائكة من خلفه، لاستناد الظهر إلى الأمن، والسكينة من فوق

وعلامة الخير تكرار الصلاة على المصطفى ﷺ بغير قصد، وفي هذه الحال يتبدل الشوق بالمشاهدة ويكشف الغطاء عن البصيرة،

وتنقلب الحواس بحيث ترى وتسمع بغير ما كنت تعهده من حواس خارجية ولا يمنعك بحر ولا نار، ولا علو ولا سفل، وقد تطير وتمشي علي الماء وتتصرف بالهمة ]]

{الدرر الجوهرية للمناوي}

وقال العارف بالله الكاشاني : -

[[ والمشارب على اختلاف أنواعها ترجع إلى أربعة الماء القراح ( الصافي النقي)، واللبن ، والعسل ، والخمر وهذه الأربعة هي مظاهر التجليات العلمية

فالماء القراح للتجلي المعنوي والعلمي واللبن للعلوم الفطرية . والعسل للعلوم المحققة بالوحي والإلهام. والخمر لعلم الأحوال .]]

{شرح الزلال للكاشاني }

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين.

* المراجع * 
  • صحيح البخاري ومسلم والترمذي

  • السر الحقي الامتناني الواصل الي ذكر الراتب الكتاني لمحمد بن عبد الحي الكتاني ص ٢٢٩

  • العطر الوردي في كرامات اسماعيل الجبرتي ص ٢٩٩ - ٣٠١

  • الكواكب الدرية للمناوي ترجمة الإمام الشعراني

  • الدرر الجوهرية شرح الحكم العطائية للمناوي ص ٥٢

  • شرح الزلال في شرح الألفاظ المتداولة بين أرباب الأذواق والأحوال للكاشاني صفحة ١٨٢