حديث النبيﷺ عن الرزق الحلال
أحاديث المعاملات

فضل الكسب الحلال والسعي علي العيال

: روي عن حضرة النبيﷺ من طلبَ الدُّنيا حلالًا ، استعفافًا عن المسألةِ ، وسعيًا على أَهلِهِ وتعطُّفًا على جارِهِ جاءَ يومَ القيامةِ ووجْهُهُ كالقمرِ ليلةَ البدرِ ومن طلبَ الدُّنيا حلالًا مُكاثِرًا لقيَ اللَّهَ وَهوَ عليْهِ غضبانُ

رواه البيهقي وأبو نعيم في حلية الأولياء عن سيدنا أبا هريرة رضي الله عنه

قال العارف بالله سفيان الثوري:- حجة كل متهور في أكل الحرام والشبهات قوله عيالي . ونصح يوما إنسانا رآه يخدم الحكام وقال : ابعد عنهم فقال الرجل فما أصنع بعيالي ؟ فقال سفيان : ألا تسمعون إلى هذا يقول : إنه إذا عصى الله رزق عياله وإذا أطاعه ضيعهم .

وقال رضي الله عنه:- لأن أخلف بعدي ثلاثين ألف دينار أحاسب على كل درهم منها يوم القيامة أحب إلي من أن أحتاج إلى الناس فإن المال ما كان يكره إلا فيما مضى وأما اليوم فقد صار قوسا ( حماية ) للمؤمن يتقي به حاجته إلى الملوك والأغنياء .

وقال تعالى : (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) سورة المائدة

قال عون بن موسى:- إن الله عز وجل يرزق العبد رزق شهر في يوم واحد ، فإن أصلحه أصلح الله على يديه وعاش هو وعياله بقية شهرهم بخير ، وإن هو أفسده أفسد الله على يديه ، وعاش هو وعياله بقية شهر هم بشر

حلية الأولياء ج٢

. ** فضل ونتيجة الكسب من حلال **

١- استجابة الدعاء

روي أن سعداً سأل رسول الله أن تُستجاب دعوته، فقال له: ‏«‏أطبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة»،

٢- السعي بالحلال يعادل قيام الليل

[[ قال إبراهيم بن أدهم :- لا حرج عليك أن لا تقوم الليل ولا تصوم النهار نفلاً أطب مطعمك لأن طيب المطعم كصلاح القلب إذا صلح صلح الجسد كله]]

{الرسالة القشيرية ترجمة الإمام}

        * قصة *

[[قال مسلم لقيني معاوية بن قرة وأنا آتي من الكلأ فقال لي ما صنعت ؟ فقلت : اشتريت لأهلي كذا وكذا قال معاوية لمسلم وهل أصبت من حلال ؟ قلت نعم قال لأن أغدو فيما غدوت فيه أحب إلي من أن أقوم الليل وأصوم النهار ]]

{ حلية الأولياء ج٢ }

  • وقال ابراهيم إبن الأدهم رضي الله عنه:-

أَطِبْ مطعمك وَلَا عليك أَنْ لا تقوم اللَّيْلَ وَلا أن تصوم النهار .

( أي اجعل مالك وطعامك من حلال وليس من حرام ولا حرج عليك ولا لوم إن لم تستطع أن تقوم الليل وتصوم النهار فكل ميسر لما خلق له )

. ٣- الرزق الحلال يحفظ مالك وجسدك

[[ قال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني الجسد الذي يتورع ولا يأكل إلا الحلال لا يبلي جسده بعد موته

[[ قال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني:- أن من كان اكله حلال لا يبلي له ثياب ولا جسد بعد موته قال الإمام ؛- وقد وقع لجدي الشيخ على الشعراني ذلك حيث مات والدي

وعندما وضعوا والدي بجوار جدي في القبر بعد إحدى وعشرين سنة، فوجدوا جسد جدي بعد هذه المدة طريًّا لم يتغير منه شيء،

لأن جدي رحمه الله تعالى كان لا يأكل إلا حلالا من شدة ورعه، حتى كان لا يأكل من فراخ الحمام ولا من عسل النحل لأنه علم أن النحل يطوف علي زرع الناس وياكل من زهر فواكه الناس وكانوا مستائين لذلك فترك اكل عسل النحل لأنه كان بغير إرادة الناس وبغير رضي نفس منهم لذلك تورعا منه ]].

{ الطبقات الوسطى للشعراني ص ٢٨٥ ج١}

٤- كل خير ينزل من السماء لك فيه نصيب:-

[[ قال العارف بالله حذيفة المرعشي: ثلاث خصال إن كن فيك لم ينزل من السماء خير إلا كان لك فيه نصيب :
يكون عملك لله وتحب للناس ماتحب لنفسك وهذه الكسرة تحر فيها ماقدرت ( اي تحري الحلال)]]

{المختار من مناقب الأخيار ج٢ ترجمة الإمام}

٥ - الرزق الحلال يعادل الجهاد في سبيل الله

[[ قال عبد الله بن المبارك:- الشخص الذي يحظى بعيال وأبناء ويرعاهم في الصلاح ويستيقظ من النوم ليلاً فيرى الأطفال عرايا ويلقى عليهم ثياباً كان عمله أفضل من الغزو

وقال رضي الله عنه

  • لا يقع موقع الكسب على العيال شئ ولا الجهاد في سبيل الله ]]

{حلية الأولياء وصفة الصفوة ترجمة الإمام بن المبارك والإمام سعيد بن المسيب }

٦- الرزق الحلال يعين علي الطاعة والعمل الصالح ويجعله مقبولا كذلك باذن الله تعالى

[[قال العارف بالله علي الخواص:- عليكم بإصلاح الطعمة ما استطعتم ، فإنها أساسكم الذي يتم لكم به بناء دينكم ، وأعمالكم الصالحة ؛ إذ الأعمال تابعة للقمة صلاحا وفسادا ، فلا ينشأ من أكل الشبهات إلا شبهات ، ولا من أكل الحرام إلا حراما .]] {الجواهر والدرر للشعراني}

ومن العواقب الوخيمة للكسب الحرام وأكل مال الناس دون تورع هو إحباط العمل:- فقد روي حضرة النبيﷺ أنه قال: «من حج بمال حرام فقال لبيك نودي: لا لبيك ولا سعديك فارجع مأزوراً غير مأجور»

فما أحبط الحج إلا المال الحرام والحج من أركان الإسلام ذو الدرجات العالية والغالية عند ربك فمن باب أولي أنه لا يقبل صلاة ولا صوم ولا زكاة ولا صدقة ولا صلة ولا أي عمل أساس مال صاحبه من حرام فافهم

[[ وحكي عن أبي يزيد البسطامي رضي الله عنه أنّه عبد الله تعالى فترة طويلة فلم يجد للعبادة طعمًا ولا لذّة فدخل على أمّه وقال لها

يا أمّاه إنّي لا أجد للعبادة ولا للطاعة حلاوة أبدًا فانظري هل تناولت شيئًا من الطعام الحرام حين كنت في بطنك أو حين رضاعتك لي فتفكرت الأم طويلاً ثم قالت له

يا بنيّ لمّا كنت في بطني صعدت فوق سطح فرأيت جرة كبيرة فيها جبن فاشتهيته فأكلت منه مقدار صغير جدا بغير إذن صاحبه

فقال أبو يزيد ما هو إلاّ هذا. فاذهبي الى صاحبه وأخبريه بذلك. فذهبت إليه وأخبرته بذلك، فقال لهاالرجل أنت في حلّ منه فأخبرت ابنها بذلك فعندها ذاق حلاوة الطاعة ( فكيف حالك وأنت جريء علي الشبهات أو لا تهتم بمالك حلال أم حرام أم فيه شبهة وتطعم اولادك منه كيف يكون حالهم مع الله ومع الناس ؟؟ ) ]] { الكواكب الدرية للمناوي ترجمة البسطامي}

٧- السعي علي الرزق الحلال يكفر الذنوب؛-

روي عن حضرة النبيﷺ إن من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها إلا السعي على الرزق

أخرجه الطبراني في الأوسط، وأبونعيم في الحلية من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف ( والضعيف يأخذ به في فضائل الاعمال بشروطه كما قال الإمام ابن حجر

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين