حديث النبيﷺ عن السهو في الصلاه
الأحاديث الفقهية

روي عن حضرة النبيﷺ

عن أبي هريرة (رضي الله عنه) صلى لنا رسول اللَّه (ﷺ ) صلاة العصر، فسلم في ركعتين، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان

ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى وفي القوم أبو بكر وعمر - رضوان الله عليهما - فهابا أن يكلماه

وفي القوم رجل وفي يديه طول يقال له ذو اليدين قال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فقال كل ذلك لم يكن فقال قد كان بعض ذلك،

فأقبل على الناس فقال: «أصدق ذو البدين قالوا نعم فتقدم فصلى ما ترك ثم سلّم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبَّر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع وكبر وقال عمران بن حصين ثم سلم

{ أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد بألفاظ متقاربة وبنحوه }

  • البيان :-

إذا سها المصلي عن التشهد الأول أو عن التكبيرات غير التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام لأنها فرض فإذا تركها بطلت صلاته

أما تكبيرات الركوع أو السجود أو نسيت التشهد الأول بعد الركعتين و نحو ذلك يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم أو بعد التسليم

وإذا كان إمامًا أو منفردًا أما المأموم فلا يسجد بل هو تابع لإمامه.

واتفق الفقهاء على أنه إذا ترك سجود السهو سهوا لم تبطل صلاته الا في رواية عن الإمام أحمد.

وموضع السجود عند الامام أبي حنيفة والشافعي قبل السلام مع قول مالك : إنه إن كان نقص في الصلاة فالسجود قبل السلام وإن كان عن زيادة فبعد السلام .

أما إن كان السهو شك بأن شك المصلي وهو إمام أو منفرد هل صلى ثنتين أو ثلاث من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء يعمل باليقين يعني يكمل صلاته علي الأقل من الركعات ثم يكبر ويسجد للسهو

( والافضل للإمام إذا سها في صلاته أن يسجد للسهو قبل السلام لأن من الناس من يأتي متأخرا ليلحق الإمام فإذا سلم الإمام قبل سجود السهو قام الناس واكملوا صلاتهم

ثم يجدون الإمام يسجد ثانية والكثير من الناس لا يعلمون الأحكام الفقهية للصلاة فيحدث تشويش للناس واضطراب

هل يصلي بعد ما ينتهي من صلاته سجود السهو أو لا أم أن صلاته باطلة لانه فارق الإمام بعد التسليم فالافضل للإمام أن يسجد للسهو قبل السلام والله اعلم )

  • أقوال العارفين في ذلك :-

  • وقال عبد الوهاب الشعراني:-

[[ اعلم أن حديث النفس المذموم ليس هو رؤية القلب لشئ من الأكوان كما توهمه بعضهم فإنه ليس في قدرة العبد أن يغمض عين قلبه عن شهود أنه في مكان قريب أو بعيد من بستان أو جامع أو غير ذلك

فلقد روي عن حضرة النبيﷺ رأيت الجنة والنار في مقامي هذا ( متفق عليه )

وكان ذلك في صلاة الكسوف فلو كان ذلك يقدح في كمال الصلاة لما وقع له ﷺ ذلك

وأما ما نقل عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تجهيز الجيوش في الصلاة فذلك لكماله لأن الكمل لا يشغلهم عن الله شاغل مع أن ذلك كان في مرضاة الله عز وجل.

{ العهود المحمدية للشعراني} . .

  • وقال العارف بالله بهاء الدين البيطار :-

سمعت بعض النساء من الذاكرات المتعبدات تقول : قول النبي ﷺ ( كل ذلك لم يكن ) هو الحق أي لا قصرت الصلاة ولا نسيت

بل إنما ذلك عبارة عن تجلي إلهي يشير به إلى سفره الباطني من حضرة (؛ كل يوم في شأن علي ) وذلك سفر ينتقل به في المشاهد الإلهية

فقصر صلاته ظاهرا لعنوان سفره الباطن فلم تقصر الصلاة في حق العموم ولم ينس بل ذلك تجلي الهي في ذلك الوقت خاصة فهو صادق في قوله كل ذلك لم يكن لأن للنبي ﷺ إطلاق في التجليات

ولما اعترض ذو اليدين ورأى خفاء هذا المشرب ( علي الناس ولم يعلموه ولم يذوقوه ) عاد إلى مراعاة الظاهر لئلا تتشوش القلوب فأتم وسجد للسهو { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ } ( سورة البقرة )

فقال بهاء الدين البيطار :-

هذا كلامها رحمها الله تعالى ومقصودها تصديق النبي ﷺ في قوله: ( كل ذلك لم يكن ) وأنه ما نطق إلا بالحق ولم يكن ناسيا بحكم قوله كل ذلك لم يكن .

  • أدب العارفين مع ربهم في السهو :-

  • قال الحكيم الترمذي ؛-

كان سيدنا عبد الله بن عباس وجماعة يسجدون عقب كل فريضة للسهو حتي وإن لم يقع منهم خلل في ترك شيء من السنن الظاهرة ويقولون :-

صلاة أمثالنا لا تسلم من الخلل ( وبه أخد الإمام محي الدين ابن العربي السجود بعد كل فريضة والترمذي لعلة ذلك )

{ نوادر الاصول للترمذي } .

  • وسأل أحد الفقهاء شيبان الراعي:-

ما يلزمك إذا سهوت في الصلاة ؟ فقال شيبان إن كان على مذهبكم ( الشريعة ) فسجدتين.

وأما في مذهبي ( الحقيقة ) فأعيد الصلاة فقيل له ما الدليل علي قولك فقال قوله تعالى﷽ ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله )

فأعيدها عقوبة ( لنفسي) لما ادعيت ويجب على الحد وهو أن أضرب بالجريد ويقال لي هذا جزاء قلب غفل عن الله تعالى

{ مرشد الزوار لابن الموفق} .

  • وقال العارف بالله أبو القاسم الجنيد :-

ظللت ثلاثين سنة أؤدى الصلاة قضاء لأني عندما أكبر التكبيرة الأولى حتى أنصرف إلى التفكير في أمور الدنيا

فكنت أودى تلك الصلاة قضاء وإذا ورد ذكر الجنة والآخرة ( في خاطري ) كنت أسجد سجود السهو

{ تذكرة الأولياء للعطار } .

  • التسبيح في سجود السهو :-

قال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني:-

أخد علينا العهد العام من رسول الله ﷺ أن نتبع السنة المحمدية في جميع أقوالنا وأفعالنا وعقائدنا فإن لم نعرف لذلك الأمر دليلاً من الكتاب والسنة أو الإجماع، أو القياس توقفنا عن العمل به

ثم ننظر فإن كان ذلك الأمر قد استحسنه بعض العلماء استاذنا رسول الله ﷺ فيه ثم فعلناه أديا مع ذلك العالم وذلك كله خوف الابتداع في الشريعة المطهرة فتكون من جملة الأئمة المضلين

وقد رأيت النبي ﷺ وسألته في قول بعضهم أن يقول المصلي في سجود السهو :

سبحان من لا ينام ولا يسهو فقال النبي ﷺ هو حسن ثم لا يخفي أن الاستئذان لرسول الله يكون بحسب المقام الذي فيه العبد حال إرادته الفعل فإن كان من أهل الاجتماع به اليقظة ومشافهة كما هو مقام أهل الكشف استأذنه كذلك،

وإلا استأذنه بالقلب وانتظر ما يحدثه الله تعالى في قلبه من استحسان الفعل أو الترك

{ العهود المحمدية لعبد الوهاب الشعراني ج١ } .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .

  • المراجع :-

  • الفقه علي المذاهب الأربعة

  • تذكرة الأولياء للعطار ترجمة الإمام الجنيد طبعة دار الكتاب العربي

  • مرشد الزوار لقبور الأبرار لابن الموفق ص ٥٠٤ طبعة
    دار السلام

  • العهود المحمدية لعبد الوهاب الشعراني ج١

  • نوادر الاصول للحكيم الترمذي دار الجيل بيروت

  • الميزان لعبد الوهاب الشعراني ج٢ باب السهو طبعة دار المنهاج

  • الواردات الإلهية للبيطار ج٢ ص ٢٢٣ طبعة دار الكتب العلمية

  • العهود المحمدية لعبد الوهاب الشعراني طبعة العلمية .