حديث النبيﷺ عن الفاتحة
الأحاديث الفقهية

روي عن حضرة النبيﷺ إن اللهَ تعالى يقولُ : قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفينِ ، نصفُها لي ونصفُها لعبدي ولعبدي ما سألَ ، فإذا قالَ : { الحمدُ للهِ ربِّ العالمين } قالَ اللهُ : حمِدني عبدي ، وإذا قالَ : { الرحمنُ الرحيمُ } قالَ اللهُ : أثنى عليَّ عبدي ، وإذا قالَ : { مالكِ يومِ الدينِ } قال اللهُ عز وجل : مجّدني عبدي ، وفي روايةٍ فوَّضَ إليَّ عبدي ، وإذا قالَ : { إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعينُ } قال : فهذه الآيةُ بيني وبين عبدي نصفينِ ولعبدي ما سألَ ، فإذا قالَ : { اهدنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم غيرِ المغضوبِ عليهم ولا الضالينَ } قال : فهؤلاءِ لعبدي ولعبدي ما سألَ

أخرجه مسلم في صحيحه

     * البيان *

قوله ( إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين ) ومعني رب العالمين الذي بتولي تربيتك ورعايتك وكفالتك ورزقك

فهل العبد الذي انعم الله عليه بالنعم وغير راض بها ومعترض علي قسمة ربه وساخط علي قضائه وقدره بل ويستخدم النعمة في أذية العباد أو حرمانهم منها هل هذا العبد ينال هذا الفضل وهذا الثناء من الله عليه

بمنطق العقل لا تستحق وبمنطق رحمة الله كل شئ يجوز لأنه رحمته واسعة ولكن انت في خطر شديد إذا كان هذا حالك مع ربك

  * أقوال العارفين في ذلك*

[[ قال العارف بالله محي الدين ابن العربي:- من تلا كتاب الله ولم يمتثل أوامره ويتجنب نواهيه ويقف عند حدوده فلا يتخيل أن يقول الحق تعالى عند قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) حمدني عبدي وأثنى علي عبدي إلا لأهل الحضور.

بل أقول من امتثل أوامره واجتنب نواهيه، ووقف عند حدوده وكان اللسان صامتاً عن التلاوة؛ فإنه حامد الله تعالى بحاله شاكر له بأفعاله، ويقول الله: حمدني عبدي

واعلم أن على اللسان تلاوة فتلاوة اللسان ترتيل الكتاب على الحد الذي رتب المكلف له

وعلى الجسم أعضائه تلاوة وتلاوة الجسم المعاملات على تفاصيلها ( من سعي وكسب بالحلال ومنع الاعضاء من المعاصي من نظرة وغيبة ونميمة وسعي بالفساد بين العباد واعطائهم حقوقهم وعدم اذيتهم وقطع الأرزاق الخ )

وعلى النفس تلاوة وتلاوة النفس التخلق بالأسماء والصفات ( اي بالاسماء الحسني من حلم وكرم وود وعطف وسلام ...الخ

كما روي عن حضرة النبيﷺ:-. إن لله ثلاثمائة وثلاثة عشر خلق فمن تخلق بخلق واحد منها دخل الجنة )

وعلى القلب تلاوة وتلاوة القلب الإخلاص والفكر والتدبر

وعلى الروح تلاوة وتلاوة الروح التوحيد ( اي توحيد الله تعالى بأنه لافاعل إلا الله ولا حركة ولا سكون إلا بالله ولا موجود إلا الله وإن الرزق والعطاء والنفع والضر والاحياء والاماتة.. الخ كله بإرادة الله تعالى وقدرته توحيد صفات وأفعال )

وعلى السر تلاوة وتلاوة السر الأدب الوارد عليه في التلقي منه جل وعلا

فمن قام بين يدي سيده بهذه الأوصاف كان عبداً كلياً، وقال له الحق إذ ذاك حمدني عبدي

فإذا كانت فيك هذه الأوصاف وتعلقت فيك غفلة فيكون فيك من عبودية الاختصاص إلا قدر ما اتصف به ذاته، فثم عبد يكون فيه السدس ولهواه ما بقي والربع والثلث والنصف على قدر حضورك في الصلاة مع الحق عز وجل كما روي عن حضرة النبيﷺ إنه لا يقبل منها إلا ما عُقل منها والله أعلم.]]

{ المسائل لإيضاح المسائل لمحي الدين ابن العربي بتصرف يسير } .