حديث النبيﷺ عن حسن الخلق
أحاديث المعاملات

روي عن حضرة النبيﷺ ليس شيء أثقـل فـي الميـزان مـن الخلق الحسن

أخرجه الإمام أحمد وابن حبان وأبو داود والترمذي

البيان :-

اعلم ولي في الله تعالي أن الأعمال والاقوال وإن كانت معنوية أو حسية مثل الكلام الحسن أو القبيح أو السعي للكسب والصلاة وصلة الرحم والنظرة بالرحمة والشفقة والحب والنظرة السيئة كالحسد والصلاة والصيام...الخ فإنها تتشكل وتكون لها صورة حسية مجسدة فيكون لها فعل وتأثير من جهة ويكون له وزن في الميزان من جهة أخرى

فمن جهة الفعل والتأثير :-

كالصيام والقرآن يأتي كل منهما في صورة نورانية يطلب لك الشفاعة عند ربك يوم القيامة كما روي عن حضرة النبيﷺ يقول القران لربه يوم القيامة متكلما عن صاحبه الذي كان يقرأه في الدنيا :-

فيقولُ القرآنُ يارَبِّ حُلَّهُ ، فيَلْبسُ تاجَ الكرامةِ ، ثُم يقولُ ياربِّ زِدْه فيَلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ ثُم يقولُ ياربِّ ارْضَ عَنه فيَرضَى عنه فيُقالُ لهُ اقْرأْ وارْقَ ويُزادُ بِكُلِّ آيةٍ حسنةً

(رواه الإمام الترمذي والإمام أحمد )

وكذلك الميت إذا دخل قبره يأتيه رجل أسود اللون فيقول له الميت من أنت يقول أنا عملك السيء ويأتي للرجل الصالح بصورة حسنة فيقول له من أنت فيقول أنا عملك الصالح .

فالاقوال والافعال لها صورة نورانية حسية تدافع عنك وتشفع لك من جهة ويكون لها وزن وثقل في الميزان يوم القيامة من جهة أخرى كما في الحديث ليس شيء أثقـل فـي الميـزان مـن الخلق الحسن

أقوال العارفين في ذلك :-

من دلائل أن الأعمال والاقوال تتجسد فيكون لها وزن وثقل في الميزان يوم القيامة :-

[[ قال العارف بالله أبو الفيض الكتاني :-.
تجسم الطاعـات جـواهر بيض مشرقة في كفة الحسنات وجـواهر سـود مظلمة في كفة السيئات وبه نرد علي قول المعتزلة ان الأعمال أعراض لا توصف بالخفة والثقل المختصين بالجوهر اي الجسم . والدلائل علي ذلك كثيرة على أن الموزون الأعمال وأنها تجسم :-

الدليل الأول:-

روي عن حضرة النبيﷺ الطُّهورُ شطْرُ الإيمانِ ، والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ تَملآنِ ما بين السماءِ والأرضِ... الخ الحديث ( أخرجه مسلم عن سيدنا ابو مالك الأشعري )

الدليل الثاني:

روي عن حضرة النبيﷺ
بخٍ بخٍ وأشار بيدِه لخمسٍ ما أثقلَهنَّ في الميزانِ سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ والولدُ الصَّالحُ يُتوَفَّى للمرءِ المسلمِ فيحتسِبُه (أخرجه الحاكم والنسائي في السنن وأحمد والطبراني )

وعنه ﷺ.
كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ. ( متفق عليه)

الدليل الثالث:-

ظهور العلم بصورة اللبن في عالم المثال كما في رؤياه صلى الله عليه وسلم حيث قال : بَينما أنا نائمٌ إذ أُتيتُ بقدحِ لبنٍ فشَرِبْتُ منهُ ، ثمَّ أعطَيتُ فضلي عمرَ بنَ الخطَّابِ . قالوا : فما أوَّلتَهُ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : العِلمَ. ( متفق عليه )

الدليل الرابع :- ظهور الدين في صورة القميص :-

روي عن حضرة النبيﷺ
بَيْنا أنا نائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ، وعليهم قُمُصٌ، فَمِنْها ما يَبْلُغُ الثَّدْيَ، ومِنْها ما يَبْلُغُ دُونَ ذلكَ، وعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وعليه قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ، قالوا: فَما أوَّلْتَهُ يا رَسولَ اللَّهِ قالَ: الدِّينَ. ( متفق عليه)

الدليل الخامس :-

تمثيل الرحم وتجسيمها وتجسيم الأمانة وتجسيم النعمة ففيه أن الأمانة والرحم والنعمة الثلاث مجسّمات . كما روي عن حضرة النبيﷺ

ثلاثٌ متعلقاتٌ بالعرشِ : الرحمُ تقولُ : اللَّهمَّ إني بكَ فلا أُقطعُ ، والأمانةُ تقولُ : اللَّهمَّ إني بكَ فلا أُخان والنعمةُ تقولُ : اللَّهمَّ إني بكَ ؛ فلا أُكفرُ {أخرجه البيهقي في الشعب والبزار في مجمع الزوائد} ]]

{ ختم البخاري لأبو الفيض الكتاني بتصرف }

الدليل السادس:-

  • [[ قال العارف بالله ابي سعيد:- قال النبيﷺ إذا كان يوم القيامة يجاء بالإخلاص والشرك فيجثوا بين يدي رب العالمين فيقول الله جل جلاله للإخلاص انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ويقول للشرك انطلق أنت ومن معك إلى النار ثم تلا رسول الله ﷺ قوله تعالى:- { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ( سورة النمل ) ]]

{ مقامات أبي سعيد ص ٢٤٨ }

فكل عمل أو قول صالح أو سيء يتجسد ويكون له صورة وفعل بعد موتك ويوم القيامة فاجتهد علي أن تكون أفعالك الحسنة واقوالك هي الأغلب فيك وليس العكس .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

                                 * * *