حديث النبيﷺ من عرف الله قام بحقه
أحاديث المعاملات

رُوي عن حضرة النبيﷺ مَن عرف الله قام بحقه

{ تاريخ بغداد للخطيب والعجلوني في كشف الخفاء }

  • أقوال العارفين في ذلك*

قال العارف بالله أحمد الرفاعي:- أي من عرف الله بالهداية سَلَّمَ نفسه إليه

ومَن عرف الله بالربوبية قام له بأشراط العبودية

ومن عرف الله بالكفاية اكتفى به عن كل ما سواه.

:-قال الشيخ أبو بكر الواسطي رحمه الله

مَن عرف الله أحبه ومن أحبه أطاعه ومن أطاعه قطع عن قلبه كل ما دونه

ومَن حُرِم المعرفة، حُرِم حلاوة الطاعة ومَن حُرِم حلاوة الطاعة حُرِم المؤانسة في الخلوة

وقيل للسيدة عائشة رضي الله عنها :- كيف يحاسب المؤمنون العارفون؟ فقالت: ليس مع العارفين حساب ولكن معهم عتاب

وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: مَن عرف الله وفي قلبه هَمٌّ سوى الله تعالى لم يسجد سجدةً خالصةً لله

ومَن عرف الله ولم يستغن بالله فلا أغناه الله ومَن قال الله وفي قلبه شيء سوى الله فلم يقل الله

قال عليه الصلاة والسلام: " مَن أصبح وهَمُّه غير الله فليس من الله في شيء رواه الحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية

قال العارف بالله أحمد الرفاعي:-. قال الله تعالى في بعض الكتب

مَن أرادنا أردناه ومن أراد مِنّا أعطيناه ومَن أحَبَّنا أحببناه

ومن اكتفى بنا عمّا لنا كُنّا له وما لنا ألا

مَن طلبني وجدني ومن طلب غيري لم يجدني

أي مَن طلبني بالتوبة وجدني بالمغفرة. ومَن طلبني بشكر النعمة وجدني بالزيادة.

ومَن طلبني بالدعاء وجدني بالإجابة

ومَن طلبني بالتوكل وجدني بالكفاية.

ومَن طلبني بالقُربة وجدني بالمؤانسة.

ومَن طلبني بالمحبة وجدني بالوَصلة.

ومن طلبني بالاشتياق وجدني باللقاء والرؤية

  • وقال ذو النون المصري :

من نظر بعين المعرفة إلى سلطان ربه فَنِيَ عنه سلطانُ نفسه، ومن نظر إلى عظمة ربه صَغُرَت عنده عظمة نفسه، وقُهِرَت تحت جلال هيبته.

وقال بعضهم مَن كان لله كان الله له، :- أي مَن كان في أمر الله كان الله في أمره

ومَن كان في ذكر الله كان الله في ذكره

ومَن كان في حب الله كان الله في حبه

ومن كان في مرضاة الله يكن الله في مرضاته (ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم

وقال محمد المقدسي :-
دخلتُ دار المجانين يوماً بالشام فرأيت فيها شاباً على رقبته غُلٌ وعلى رجليه قَيد مشدود بالسلسلة فلما وقع بصره عليّ قال لي يا محمد أترى ما فعل بي وأشار بطرفه نحو السماء ثم قال جعلتك رسولاً إليه أن تقول له لو جعلتَ السموات غلاً على عنقي والأرضين قيداً على رجلي ما التفتُّ منك إلى غيرك طرفة عين

قال العارف بالله أحمد الرفاعي:-

يا بنيّ، إن الله تعالى أعطاك المعرفة ووفّقك لطاعته من غير إحسان سبق منك ومن غير شفاعة كانت لأجلك فينبغي أن تشتغل بذكره وخدمته من غير طلب عِوَض ومكافأة منه

ودخل رجلٌ على الإمام سري السقطي رضي الله عنهم أجمعين فقال له أي شيء أقرب إلى الله، ليتقرب به العبد إلى الله؟

فقال إن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله سبحانه أن يطلع الله على قلبك وأنت لا تريد من الدارين غيره. .

قال ذو النون المصري ذهبت للحج فرأيت شابا يقول إلهي قد اجتمع وفدُك ( ببيتك الحرام ) وأنت أعلم فما أنتَ صانع بهم ؟

فسمعتُ صوتاً يقول وفدي كثير وطلاّبي قليل

وقال العارف بالله أحمد الرفاعي:- اعلموا أن العارفين على أصناف مختلفة :-

من عرف ربه تعالى بالخبر :

كمَثَلِ إخوة سيدنا يوسف إذ عرفوا لونه وغفلوا عنه حتى افتضحوا بين يديه حيث (قالوا إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل)

 ومن عرفه ربه بالدلائل :

كمَثَلِ سيدنا يعقوب إذ عرف أن يوسف يُعَدُّ في الأحياء فازداد حُزناً وبكاء واحتمل ما احتمل من أنواع البلاء حتى ابيضَّت عيناه من الحزن عِلْماً منه بحياة ولده وشوقاً إلى لقائه حتى قال (إنّي لأجد ريحَ يوسف)

ومَثَلُ مَنْ عرف ربه بربه :-

كبنيامين حين أخذه يوسف لنفسه فقال يا أخي أمشاهدتي تريد أم الرجوع إلى أبيك قال بل مشاهدتك أريد

قال فإن أردتني فاصبر على مِحْنتي قال نعم أحتمل لأجلك كل بلوى ما دمت أبقى معك ولا أفارقك

ثم أخرج الصاعَ من وعائه ونسبه إلى السَّرِقة حتى عابه أهلُ مصر على ذلك ولاموه وشتمه إخوته وهو في ذلك كلِّه مسرورٌ ضاحكٌ في سِرِّه ولم يَخَفْ من لومة اللائمين

فهذا مَثَلُ مَنْ عرف ربه بربه من أهل اليقين .

وقال الإمام الحسن البصري رضي الله عنهم أجمعين: أهل المعرفة في الدنيا على ثلاث منازل :-

الأول : رجل لقي العبادة فعانقها وخلط بها لحمَه ودمَه ، وفزع إليها قلبُه ، وعًلِمَ أن الله تعالى رازقُه وكافيه فوثِقَ بوعده فلم يشغل نفسه بشيء من أمور الدنيا جعل السماء سقفه والأرضَ بساطه ولا يبالي على يُسرٍ أصبح أم على عُسر أمسى يعبد الله تعالى حتى يأتيَه اليقين فهذا النوع في الدنيا أعز من الكبريت الأحمر .

والنوع الثاني: لم يصبر كما صبر الأول ، فطلب كِسْرَةً من حِلِّها يقيم بها صُلْبَهُ وخِرْقة يواري بها عورته وبيتاً يسكنه وزوجة يستعفُّ بها وهو مع ذلك شديد الخوف عظيم الرجاء فهو على طريق حسن

وأما النوع الثالث : فإنه لا يصدق الله بقوله فيبني القصرَ المشيد ويركب المركب الغالي ويستخدم الخدم فليس له في الآخرة من نصيب إلا من يرحمه أرحم الراحمين.

وقيل لرابعة العدوية :- ما هو كمال حال العارف ؟

قالت احتراقُهُ بحبه لربه وعلامته أن يكون مستغنياً بالمُعطي عن العطاء وبالمكوِّنِ عن الكون مستغرقاً في بحار سرور وِجْدانِه ساكناً بقلبه معه مع ترك كل اختيار لنفسه

ولا يجزع عند الشدائد والبلوى لرؤيته ويعلم أن الله تعالى أقرب إليه من كل شيء وأرحم عليه من كل أحد وأعزُّ وأكبرُ من كل شيء وأن لكل شيء خلفاً ما خلا الله تعالى.

وقال الإمام ابن عباس رضي الله عنهما : بلغنا أن عيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام بينما كانا يسيران في بعض الطُرُق فصدم يحيى امرأة فقال له عيسى يا بن خالتي لقد أصبت اليوم ذنباً عظيماً قال ما هو قال امرأة صدمتَها قال يحيى والله ما شعرتُ بها

فقال عيسى سبحان الله نفسُك معي فأين قلبُك وروحك فقال يحي عند الله يا عيسى لو سكن قلبي إلى جبريل أو إلى أحد غير الله طرفةَ عين لظننتُ أنّي ما عرفتُ الله حقَّ معرفته.

وقيل المعرفةُ خمسة أحرف فمن وجد في نفسه معناها فليعلم أنه من أهلها

بالميم مَلَكَ نفسَه
وبالعين عَبَدَالله على صِدْق الوفاء
وبالراء رغب إلى الله بالكُلّية
وبالفاء فوّض أمره إلى الله
وبالهاء هرب من كل ما دون الله إلى الله

فكل عارف يملك نفسه بقدر معرفته بكبريائه تعالى وعظمته ،

ويعبدُ ربه على قدْر معرفته بربوبيته

، ويرغب إليه على قدر معرفته بفضله وامتنانه ،

ويفوِّض أمره إليه على قدر معرفته بقدرته ، ويهرب إليه على قدر معرفته بملكه وسلطانه فمن كان كذلك فهو عارف بربه

وقال ذو النون: العارف بين البر والذكر لا اللهُ يمل من بِرِّه ولا العارف يشبع من ذكره.

قال وهب  رحمه الله:.
بينما كنت أسير في أرض الروم، إذ سمعت صوتاً من شاهق الجبل يقول

إلهي عجبت لمن عرفك كيف يتعرض لسخطك برضاء غيرك إلهي عجبت لمن عرفك كيف يرجو غيرك،

فاتبعت الصوت فإذا أنا بشيخ ساجد، يقول:

سبحانك عجباً للخلق كيف يريدون بك بدلاً

سبحانك عجباً كيف يشتغلون بخدمة غيرك

سبحانك عجباً للخلق كيف يشتاقون إلى

غيرك

سبحانك كيف يتلذذون بغيرك وبشيء دونك.

قال أبو يزيد البسطامي: عجبت ممن يسكن إلى حال دون وليّ الأحوال

والعجب لمن أقبل على الخَلْق والحق يقول له إليَّ إليّ

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

                                   ****