خواطر في آية من كتاب الله تعالى ج٢
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

خواطر في آية من كتاب الله تعالى ج٢

قال المولي سبحانه وتعالى. ﷽ :-

قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( سورة التوبة)

الآية في عموم لفظها واضح جلي.

ومن باب الإشارة في الآية :-

من اراد سلوك طريق معرفة ربه فلا يشغلك عن ربك شئ من الظاهر حيث الأوامر بألا تترك أو تؤخر واجب عليك من فريضة صلاة أو صدقة أو عيادة مريض أو معونة أحد من الناس

بسبب السعي على الدنيا وهو حلال لاشك في ذلك لكن لا يكون فرض علي حساب فرض بل اجمع بينهما تنال خيرهما معا ورضي مولاك

الإشارة الثانية :؛

ألا يشغلك عن ذكر ربك ومراقبة ربك شئ من مال وأهل وولد وتجارة وسعي لمصالح أهلك والناس كما قال أحد العارفين عندما سأله الناس عن الرجل الكامل :-

فقيل له إن فلاناً يسير على الماء فقال هذا أمر سهل فالبعوضة أيضًا تسير على الماء

فقيل له إن فلانًا يطير في الهواء فقال إن الغراب والطيور يطيروا أيضًا في الهواء.

فقيل له إن فلانًا ينتقل من المشرق إلى المغرب في لحظة واحدة فقال إن الشيطان أيضًا ينتقل من المشرق إلى المغرب في لحظة واحدة

فمثل هذه الأشياء لا قيمة لها في طريق معرفة الله سبحانه وتعالى إنما الرجل الكامل :-

هو الذي يعيش بين الناس ويقوم وينام ويتعامل معهم ويختلط بهم ولا يغفل لحظة واحدة عن ذكر الله تعالى .

فهذا هو الجهاد الدائم لأن جهاد العدو فرض فلا تفضل اعمالك وأهلك عن الجهاد في سبيل الله تعالى جهاد ولكنه جهاد مؤقت وليس دائم

والجهاد الدائم جهاد النفس من شهوات الدنيا ومخالفتها فإذا شغلتك نفسك ابتعدت عن ربك ومن اشتغل بالله دائما بذكره وأنه يراه في كل لحظة كفاك الله تعالى مشاغل الدنيا بما فيها وتكفل برعاية اهلك وتربيتهم مع انك معهم

كما قال العارفين :-

  • لن ينال أحد اليقين والمعرفة والتوكل إلا بدوام ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان وكثرة مناجاته وقطع كل ما يَشْغَلُ القلب عن ذلك

  • مهر الجنة ومهر الحور العين هو إعراضك عن الدنيا ومهر الوصول إلى ربك هو إعراضك عن نفسك ( أي بمخالفة نفسك في كل ما تشتهي وترك كل ما تحبه نفسك )

  • إذا أردت أن يصير الحق في قلبك موجودًا فطهر قلبك عن غيره فإن الملك عز وجل لا يدخل بيتا فيه الخرافات والأقمشة ( والأثاث والسيارة والمال ) وإنما يدخل بيتا فارغا ليس فيه إلا هو عز وجل

  • على قدر شغلك بالله يشتغل فى أمرك الخلق

السعي على الدنيا لنفسك وأهلك من مال حلال واجب عليك لكن لا تجعل الدنيا اكبر همك ولا مبلغ علمك

فاجعلها وسيلة الي الوصول ومعرفة ربك فتكون سيدا عليها لا أن تجعل الدنيا سيدة عليك وانت خادم لها فتحجبك عن ربك

فكل ما بشغلك عن ربك من أهل ومال وولد فهو عليك مشؤوم

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .