قطرة من بحر حكمة العارفين ج  ٦٣
قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين ج  ٦٣

  • إذا  كنت ملتفت إلى سوي مولاك فأنت في حجاب عن أن تراه ولن تحظى بحضرته حتى لا ترى إلا إياه ومن رأى السوى فهو على غير استوي

فأخرج من قلبك ما سوي مولاك وكن حاضرا مراقبا له علي الدوام لأن العبد إن داوم على الحضور مع الله تعالى في حال أكله وشربه وشهوده

ورأى أن ذلك من فضله تعالى أورثه القناعة والزهد في الدنيا وكفاه شر نفسه

فلا تخرج من حضرته إلا لعذر منه شرعي ولا تدخل الحضرة ولك حظا من حظوظ النفس

فمن دخلها لطلب أو حظ  فعبادته معلولة وطريقه مدخولة لأن معرفة الله الخاصة هي الانقطاع إليه والأنس به والطمأنينة بذكره والحياء منه وشهوده في كل حال

قال العارف بالله إبن أرسلان الدمشقي:

انت مشتغل بك عن مولاك أين الاشتغال به عنك وهو عز وجل حاضر ناظر وهو معكم أينما كنتم في الدنيا

معني الحكمة السابقة :-

إذا كنت أسير لهذه الأربعة أشياء الشهوات والعبادات والمقامات والمكاشفات المرتبة على سبيل الترقي فأنت مغرور بسبب دخولك تحت أسر هذه الأغيار

فلا تظن نفسك من جملة المقربين الأخيار ما دمت ملتفتاً إلى هذه الأغيار ومشتعلاً بها عن مؤثرها عز وجل بالآثار

لأنك مشتغل بك أي بحظوظ نفسك الظاهرة كالشهوات والخفية كالعبادات والمقامات والمكاشفات عن مولاك

فلا تزعم أنك تريد التقرب إليه عز وجل والإقبال عليه وانت ملتفت لنفسك وحظوظها من شهوة أو عبادة أو طلب مقام أو كشف

إذا كنت صادقا في طلب مولاك لأفردت القصد إليه تعالى وحده دون جميع ما عداه وتركت كل ما سواه ولم تلتفت إلى ذلك

  • فراغ القلب من الأشغال نعمة عظيمة فإذا كفر العبد هذه النعمة بأن فتح على نفسه باب الهوي

وانحرف في إتباع الشهوات شوش الله عليه قلبه وسلبه ما كان يجد من صفاء قلبه .

  • إذا قضي الله تعالى عليك أمرا ورضيت به ( مع أن نفسك لا تقبله لكنك خالفت نفسك ورضيت) كان أفضل لك من ألف ألف عمل خير ولا يرضي هو عنه

كما روي في الخبر :-

طلب سيدنا داوود رؤية الميزان الذي يوزن به أعمال العباد يوم القيامة فرأي كفة الميزان بين المشرق والمغرب فغشي عليه ثم أفاق وقال

يا رب من يقدر أن يملأها بالحسنات فقال له المولي عز وجل إذا رضيت عن عبدي ملئت ميزانه بتمرة من صدقة .

وإلي الجزء ٦٤ من بحر حكمة العارفين:- .