قطرة من بحر حكمة العارفين ج  ٦٩
قطرة من بحر حكمة العارفين

.قطرة من بحر حكمة العارفين ج  ٦٩

.* حقيقة التواضع وعلاماته :-

١- المتواضع هو الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع لأنه يشاهد من حقارة قدره وخمول ذكره، وذله لربه

٢- من رأى لنفسه قيمة فليس لك من التواضع نصيب و أهل الله تعالي حقيقة أنهم كلما ارتفعوا في مقام ظهر لهم حقارة نفوسهم وكمال غيرهم

٣- من نظر نفسه فوق الناس أو مساويا لهم حرم مددهم لأن المدد كالماء وهو لا يجري إلا في المواضع المنخفضة وأما الأماكن العالية فلا يصعدها والأماكن المساوية يقف فيها

٣- لا يبلع العبد رتبة التواضع حتى يرى نفسه أنها لبس بأهل أن تناله الرحمة وإنما رحمة الله له فضل ومنة عليه ولولا حسن ظنه بربه لهلك

٤ - المتكبر لا يصح له دخول حضرة الله أبدا لأن الحضرة الإلهية محرمة على من فيه شيء من الكبر والغرور

فمَنْ ظَنَّ بنفسِهِ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ فرعون فقد أظهر الكبر .

٥- من علامة التحقق بالتواضع أن لا تغضب إذا عيبك الناس أو انتقصوك ولا تكره ذم الناس لك حتي ولو اتهموك بالكبائر

٦- تحمل أذى جميع الخلق، ولا تقابلهم بأذي كما يفعل العبد مع سيده وأن لا يمنع أحدا شيئًا طلبه منه إلا لغرض شرعي ولا يخطر بباله أن أحدًا يَقومُ لَهُ أَو يُعِظُمُهُ

٧- التواضع هو ان تري نفسك أكثر الخلق شرورا وان تعتقد وتظن بأن كل الناس افضل وخير منك

قال أبو يزيد البسطامي :

ما دام العبد يظن أن في الخلق من هو شر منه فهو متكبر.

[[ وقال الشيخ أبي سعيد الخير :

هبط الوحي على سيدنا موسى عليه السلام أن قل لبني إسرائيل اختاروا أفضل شخص منكم فاختاروا ألف شخص

فهبط الوحى ثانيا أن اختاروا الأفضل من هذه الألف اختاروا ( افضل ) عشرة أفراد منهم

ثم هبط الوحى للمرة الثالثة أن اختاروا الأفضل من هؤلاء العشرة فاختاروا واحدًا الأفضل منهم

ثم هبط الوحي أن قولوا لذلك الأفضل: اذهب وأحضر أسوأ شخص في بني إسرائيل، فطلب مهلة قدرها أربعة أيام، وأخذ يطوف ويتجول حتى نزل في اليوم الرابع بمحلة العالية

كان فيها رجلا معروفًا بأنواع الرذائل والفساد. فأراد أن يأخذه معه، ولكنه قال لنفسه لا ينبغي أن أحكم بالظاهر ويجوز أن يكون هذا الرجل ذو قدر ومكانة ولا يليق بي أن أخذه بقول الناس

كما أنه يجب على ألا أغتر باختيار الناس لي على أنني الأفضل منهم وما دام ما أفعله ليس إلا ظنا فمن الأفضل لي أن أظن في نفسي

ووضع العمامة على رأسه ورجع إلى سيدنا موسى عليه السلام وقال له لقد بحثت كثيرا فلم أر من هو أسوأ مني

فهبط الوحي على سيدنا موسى عليه السلام أن ذلك الرجل هو افضلهم حقا ليس لأنه أكثر منهم طاعة، ولكن لأنه عرف أنه الأسوا.

( الرواية عن سيدنا موسى من كتاب أسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد ص ٢٤٧ طبعة دار آفاق ) ]]

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .

وإلي الجزء ٧٠ من بحر حكمة العارفين:-

.