قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٢٧
قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٢٧

  • الذكرُ على قسمين :

ذكرُ اللسان بأسماء الله تعالى وذلك هو الذكرُ الظاهر

وذكر بالقلب وهو الذكر الخفي وهو اجمل مع الاول

وذكر الله بلا لسان ولا قلب بأنه يراك على الدوام وأنك بين يديه لا يغفل عنك وهو مع االنوع الاول والثاني أعلي وأكمل واقرب الي الوصول

*. الاستقامة أعظم كرامة لأنها بتوفيق الله تعالى لك والدوام عليها نعمة لا تقدر أن توفيها شكره

روي أن رجُلٌ مُقيمٌ بكوخ من الخص بالشاطئ وغذائه هو صيْدُ السَّمَك فرأى شابا يمشي على الماء من مكان بعيد فتعجب من ذلك فاقترب مِنهُ فسلم عليه باسمه

ثم استضافه فأَخَذَ يعاتب نفسه سراً حيث لم ينال كرامة المشي علي الماء مثل هذا الشاب لأنه لم ينال في شيخوخته ما نالَه هذا الصبي فعرف الشاب ما يجول في خاطره

فقالَ لهُ الشَّابُ لا تتعجب من هذا الشأن وهو المشي علي الماء إنما الشأن في الخاتمة

فلقد أخبرني والدي رحمه الله تعالى أنه رأى سبعينَ رجُلاً مَنْ حصلَ لهُ هذا المقامُ ثُمَّ مُكرَ بهِ عِنْدَ الموتِ، وَكانَ ذلِكَ استدراجا ( سنستدرجعم من حيث لا يعلمون}

فالمشي علي الماء والطيران في الهواء وغير ذلك ليس علامة علي صحة الولاية وانما الولاية في اتباع الشرع وثبات الإيمان والتوحيد

قال أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه:-

{ ليس هناك كرامة أعظم من كرامة الإيمان ومتابعة السُّنة فمن أعطاه الله تعالى الإيمان وإتباع السنة

ثم اشتاق إلى غيرهما من كرامة أو ولاية أو غير ذلك فهو عبد مُفترِ كذَّاب أو ذو خطأ في العلم بالصواب

فمثله مثل عبد أكرم بشهود الملك فاشتاق إلى سياسة الدواب } ( بتصرف يسير)

ولقد روي أن بعض الأنبياء شكى إلى الله تعالى الجوع والعراء فَأُوحَى الله تعالى إِلَيْهِ:

أما رضيتَ أَنْ عَصَمْتُ قلبك عن أن يكفر بي حتَّى تسألني الدُّنْيا فوضعَ التُّرابَ على رأسه وقالَ بلى يا ربُّ

فإذا كان هذا الخوفُ للأنبياء وهم من أكمل العارِفينَ بالله تعالى معَ رُسوخ أقدامِهِمْ وقوة إيمانِهِمْ فَكَيْفَ بِالضُّعَفَاءِ منا نسأل الله تعالى اللطف والرحمة

  • من دخل الدنيا ولم يجد أو لم يصاحب رجلاً عارفاً كاملاً يربيه خرج من الدنيا وهو متلوث ولو كان على عبادة الثقلين

  • من أعظم منن الله تعالى على العباد أن يُظهر بينهم ولي عارفا بربه وإن لم يعرفوه ولم يروه

  • التعبد هو مفتاح باب الخير ، فمن فاتته الأوراد في بدايته فقد حرم نفسه من الواردات في نهايته

فللأعمال أنوار كما أن للمعارف أسراراً فعليك أيها السالك بالدوام على الأوراد حتي ولو بلغت المراد

  • العارف لا يتكلف للعبادة كما لا يتكلف لدخول النفس وخروجه بل يفعلها بحب وشوق لربه لكون العبادة سبب مجالسته لله تعالى فلا تعب عنده بالأفعال الشاقة مثل غيره وهو معنى قول بعضهم : العارف لا تكليف عليه فافهم

وإلي الجزء ٢٨ من بحر حكمة العارفين :-