قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٣٤
قطرة من بحر حكمة العارفين

  • قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٣٤ :-

  • أهل الشريعة يبطلون الصلاة باللحن الفاحش وأهل الحقيقة يبطلون الصلاة بالاخلاق الفاحشة

فإذا كان في باطنك حقد أو حسد أو سوء ظن بعباد الله أو محبة للدنيا فصلاتك باطلة عند العارفين حتي وإن كانت صحيحة ظاهرا

لأن أهل هذه الأخلاق في حجاب عن شهود عظمة الله تعالى في الصلاة وإن كان قلبك محجوباً عن ربك فأنت لم تصلي لأنَّ الصلاة صلة بالله عز وجل

  • إذا تداينت بدين فتوجه بقلبك إلى الله تعالى وتداين على الله تعالى وقل :

اللهم عليك تداينت وعليك توكلت وإليك أمري فوضت

  • معني الفناء والبقاء عند العارفين بالله:-

الفناء هو فناء العبد عن رؤية العبودية والبقاء بقاء العبد بشاهد الألوهية

ويصل العبد إلى حقيقة العبودية حينما لا تري أن لك فعل أو عمل وتفني عن رؤية فعلك وتبقي برؤية فضل الله تعالى عليك

لتكون نسبة معاملتك كلها لله عز وجل لا لنفسك فالتبرؤ من الحول والقوة بالفعل والترك ونسيان ذاتك وفعلك هو معني الفناء وحقيقته

أما البقاء بالله ولله :-

فهو والإخلاص في العبودية عبدا بلا علة ولا طلب ولا سبب وهذا معني البقاء بالله ومع الله ولله سبحانه وتعالى

  • كن عبدا لله تعالى ولا تكون عبدا لنفسك وهواها ولا عبدا للمال والجاه فإن كل ما تعلق به خاطرك من محمود أو مذموم أخذ من عبوديتك بقدر حبك له

وأنت لم تخلق للكون ولا لنفسك بل خلقك له عز وجل فلا تهرب من مولاك فإنك حرام على نفسك فكيف لا تكون حرام على غيرك

  • من المُحال أن ينفتح باب الملكوت والمعارف لك وفي القلب شهوة كما أنه من المحال أن ينفتح باب العلم بالله من حيث المشاهدة وفي القلب لمحة للعالم بأسره عالم الملك والملكوت

  • إذا فتح لك ربك وجهة مِنَ التَّعَرُّفِ بِهِ بمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وصفاته بالقدرة والقهر والجمال والكمال

فأنزل عليك قهره وقوته من مرض أو بلاء أو هم أو غم أو سلط عليك العباد ومشقة نفسية أو معنوية في الرزق منعتك من الاوراد والعبادات التي كنت تفعلها غير الفريضة

فَلا تُبالِ مَعَها أَنْ قَلَّ عَمَلُكَ ولا تحزن فإنه سبحانه وتعالى يُرِيدُ تَطْهِيرَكَ مِنْ نفسك

فإنَّ المصائب والآلام الحسية والنفسية مُكفرات للذُّنوبِ بِلا كلام

فما فعل بك ذلك إلا ليسلك بك مسلك المقربين المؤدي إلى حقائق التوحيد واليقين و يُرِيدُ أنْ يُقْبِلَ عليك ويتعرف إِلَيْكَ لنهْجِهِ بِكَ منهج الخواص وَأَهْلِ الاخْتِصاص

فاعلم بذلك أنه عز وجل هيأك لتكون من أحبابه فلا تحزن لقلة الأذكار والأوراد بسبب ما فعله بك فذلك فضله وحبه لك فكن مؤدب علي بساط الأحباب

  • لا تشتغل قط بمن يؤذيك واشتغل بالله يردُّه عنك فإنه هو الذي حرَّكه عليك ليختبرك في صدقك بأنه هو النافع والضار والعاطي والمانع وبيده كل شئ وليس للخلق شئ

وقد غلط في هذا الأمر خلق كثير فاشتغلوا بمقابلة من آذاهم فاستمر الأذى مع الإثم ولو أنهم رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى لرد عنهم وكفاهم أمرهم

فكف غضبك عمن أساء إليك لأنه مسلط عليك بإذن ربك فإن غضبت عليه وعاملته بمثل معاملته ذاد الله تعالى في تسليطه عليك

وإلي الجزء ٣٥ من بحر حكمة العارفين:- .