قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٥٦
قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين ج ٥٦

  • من نظر إلى أقواله وأفعاله بعين الإعجاب فهو محجوب عن مقام التوحيد ولا يزف الولي إلى ربه حتى يترك الوقوف مع كل ما سواه من مقام أو حال

  • اسم الله العظيم جعله الله في الذل والانكسار :-

اعلم أن اسم الله العظيم الأعظم جعله الله تبارك وتعالى في الذُّلِّ مَن سأل به أعطي ومن دعا به أجيب

مهما تذللت لمولاك أو للمخلوق إذا شاهدت فيه مولاك بنفسك استجاب لك في الحين

قال المولي سبحانه وتعالى:

[ أمن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ.....الآية ]

قَرَنَ الإجابة مع الاضطرار لأن مع الاضطرار يقع الذل ومع الذل يكون العز لأنك مهما قابلت مولاك بالذل أغمسك في العز ومهما قابلت مولاك بالعز أغمسك في الذل.

وما توجهت بالذل لمولاك في شيء إلا قضاه الله تبارك وتعالى لك في الحين أو توجهت لعباد الله تعالى أيضاً بالذل لهم بشرط

ان تشهد فيهم مولاك إلا قضى الله تبارك وتعالى حاجتك من عندهم في الحين من غير تعطيل ولا تعب

ولا نصب لأن توجهك إليهم بالله عز وجل هو توجهك إليه بهم حجبت عنهم به عز وجل فنيت الآثار وبقي المؤثر .

قال ابن عطاء الله السكندري : مُحال أنْ تَشْهَدَهُ وتشهد معه غيره

وقال أيضاً : تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه

اي :- تحقق بالذل وهو وصفك يمدك بالعز وهو وصف مولاك تحقق بالفقر يمدك بالغني

تحقق بالضعف يمدك بالقوة تحقق بالعجز يمدك بالنصرة والمعونة

لأن الإنسان إذا فنى عن شهود الخلق ولم يشهد فيهم إلا الحق سبحانه وتعالى فإن تذلله لهم هو عين العزّ وفقره لهم هو عين الغنى وضعفه لهم هو عين القوة وعجزه لهم هو عين القدرة

لأنه صار فعله مع الخلق كلهم بالله و لله ومن الله وإلى الله لا يشهد غيره ولا يعرف سواه فانخرقت لك حجب الأوهام ولم تشهد في الوجود سوى الملك العلام

والمؤمن يفهم خلال ذلك انه فني عن شهود الخلق ولم يشهد إلا الله سبحانه وتعالى

أما إذا كان الإنسان مغموراً في دائرة الحجاب غلب عليه شهود الخلق ولم يعرف بين الفرق والجمع

فإن المذلةُ للناس ذلّ فوق الذل وفقره لهم فوق الفقر وعجزه لهم فوق العجز وهكذا. .

وإلي الجزء ٥٧ من بحر حكمة العارفين:- .