قوله تعالى وَإِن مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبحُ بِحَمدِهِ
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

قوله سبحانه وتعالى :-

( وَإِن مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبحُ بِحَمدِهِ ﴾ [ سورة الإسراء ]

قال العارف بالله محمد المغربي الشاذلي:-

في قول عمر بن الفارض في قصيدته المشهورة :-

وألسنة الأكوانِ إنْ كنتَ واعياً

شهود بتوحيدي بحال فصيحة

يُريد بقوله " شهود بتوحيدي » : كل العالم أي : التوحيد القهري الحالي المُدخل للطائع والكافر والفاجر في حكم العبادة بالحال

وقوله : « بحال فصيحة » أخرجَ التوحيد بالقول فلم يتعرّض له ولا لأهلِهِ لأنَّه مخصوص بالمؤمنين دون الكافرين

وليس هو المقصود الأعظم في الآية المقتبس منها هذا البيت من قصيدته وهو قوله تعالى ( وَإِن مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبحُ بِحَمدِهِ ﴾

فـ : ﴿ شَىءٍ) نكرة وهي في سياق النفي تعم كل شيء من موحد وجاحد وحيوان وجماد فكأنَّ الحق تعالى يقول : كل شيء يوحدني ويعبدني بباطنه وإن اختلف أمر باطنه وظاهره

وقوله في القصيدة :-

فما عبدوا غيري وما كان قصدهم

سواي وإن لم يُضمرُوا عقد نيتي

فهذا هو التوحيد الحالي العام المُشار إليه في الآية بقوله ( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) أي هذا التوحيد الباطن

ومن شواهد توحيد الحال هذه الظلال المشار إليها بقوله تعالى : ( وظلالهم بالغدو والآصال ) فكل الوجود وجد دليلاً على مُوجده عابد راكع ساجد شاء أم أبى

فالقول بأن كل جاحدٍ في الظاهر هو موحد في الباطن جائر بين قوم يفهمون كلام الله و مواضع إشاراته وليس الذين يكذبون بما لم يُحيطوا به من أسراره وبيناته

ولكن هذا التوحيد ( بالحال وليس بالمقال ) لا ينفع الكفار بشاهد حديث القبضتين وحديث الفراغ وجف القلم بما هو كائن فلو كان ينفعهم هذا التوحيد الحالي لما دخل أحد منهم النار . فافهم . والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين

  • المراجع:-

  • الطبقات لعبد الوهاب الشعراني ترجمة العارف بالله محمد المغربي الشاذلي ج ٢ طبعة دار ضباء الشام . .