من جواهر العارفين في الحديث والآيات القرآنية ج٨
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

من جواهر العارفين في الحديث والآيات القرآنية ج٨

.روي عن حضرة النبي ﷺ

روي عن حضرة النبيﷺ يا أبا بكرٍ لَلشِّركُ فيكم أخْفى من دبيبِ النَّملِ والذي نفسي بيدِه لَلشِّركُ أخْفى من دَبيبِ النَّملِ ألا أدُلُّك على شيءٍ إذا فعلتَه ذهب عنك قليلهُ و كثيرهُ قل اللهم إني أعوذُ بك أن أشرِكَ بك و أنا أعلمُ وأستغفِرُك لما لا أَعلمُ

( صحيح الأدب المفرد للبخاري و اخرجه السيوطي في  الجامع الصغير بنحوه عن السيدة عائشة رضي الله عنها ]

  • قال العارف بالله الملأ موسي الكردي :-

إذا لم تفن أنت أيها السالك الطالب للتوحيد الموجب للنجاة الأبدية ما هو منسوب إليك

بأن ترى الأفعال والحركات والسكنات لك وصادرة منك وأنت فاعلها فإنك تبقى في الشرك الخفي الموجب للحرمان من الدخول في حضرة القدس

لأن كلك شرك خفي كما قال الشيخ الولي الكامل رسلان قدس الله روحه في رسالته.

والدليل على هذا قوله تعالى:﷽

﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ]،

فالمراد الشرك الخفي وإلا فلا يجتمع مع الإيمان الشرك الجلي ومعنى كون الشرك الخفي هو أنه يشرك بالله من وجه لا يشعر به وهو في التوحيد

وخفاء هذا الشرك إنما هو عن العوام وأما الخواص فليس يخفي عندهم لأنهم لا يرون غير الله ( فاعلا لكل وبكل شيء )

  • وقال العارف باالله محي الدين ابن العربي: أفن ما أُضيف إليك تبق بما أضيف إليه

أي: أزل وارفع عنك كل ما أضيف ونُسب إليك من ذاتك وأسمائك وصفاتك وأفعالك وأحكامك بأن لا ترى لك وجودًا واسما وصفةً وفعلاً وحكمًا

وتتحقق بما قال الله سبحانه وتعالى ﷽ [ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ] يعني ظهر بصورتكم وصورة أعمالكم

فهو تعالى ما فقد في أعمالكم كما أنه ما فقد في ذواتكم فإثبات ما ليس بثابت محض دعوى ونزاع و لا يليق بالعبد النزاع مع سيده

  • وقال العارف بالله ابن عطاء الله السكندري:-

تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه تحقق بالذل يمدك بعزته تحقق بفقرك يمدك بغناه تحقق بعجزك يمدك بقدرته تحقق بضعفك يمدك بحوله وقوته

  • وقال احدهم :-

أتظن أنك من الإله قريب وأنه عنك راض اتعتقد بصلاتك تصل إليه ام بصومك تكون قريب منه كلك شرك في أفعالك واقوالك

شرك الأفعال العطاء والمنع والزهو والكبر وهو وصف الرب وليس وصف العبد

شرك الأفعال بظنك ووهمك أنك بصيامك صمت وبصلاتك صليت وبحجك حججت واعتمرت ونسيت أن كل ذلك فضل من ربك عليك

فإن تكلمت فبأمره وإن صمت وصليت فباردته وتوفيقه وان نمت واكلت وشربت فبقدرته لأن الماء لا يرويك إلا بإذنه والجسد لا ينام ويشعر بالراحة إلا بإذنه

ولا تشبع الا بإذنه الأسباب لا فعل لها وافعالك لا وجود لها وصفاتك لا أساس لها

فكيف تجرؤ أن تدعي الحب والقرب منه وقد اشركت في الظاهر والباطن بفعل وقول ووصف ههيهات ذلك لا يكون أبدا

لا يدخل حضرته إلا المنكسر الذليل لا يدخل محفل قدسه الا من صام وصلي وتعبد بربه لا بنفسه

من عرف نفسه عرف ربه عرفت نفسك بالذل فقد عرفت ربك بالعزة عرفت نفسك بالافلاس من كل قول وعمل وعبادة

وأن ذلك فضل ربك عليك وأنت لا تستحقه فقد عرفت ربك وصرت أهلا لحضرته

ومن الشرك الخفي أن تتوكل علي ربك كذبا لو كنت متوكلا لرضيت بقدره ولم تقل لما وكيف ولماذا

وتعتمد علي أسباب المعيشة من تجارة ومرتب ووهمت أنك بذلك متوكلا علي ربك لو كنت متوكلا لسلمت الأمر لله وحده ورضيت بما يجري عليك

ومن شركك الخفي فيك وأنت لا تدري بما فيك أن تكون لك إرادة غير إرادة مولاك هذه دعواك لنفسك والحقيقة غير ذلك

لأنك تريد تغير ما قدره عليك بالدعاء برفع بلاء أو غلاء أو فتنة نزلت بك أو جلب نعمة لم تصل إليك

قال العارف بالله ابراهيم الدسوقي كن ابن الأزل وليس ابن العمل .

فخذ بالاسباب والقلب مع الله وليس مع الأسباب ابن الأزل أن تعيش راضيا بما يجري عليك لا تريد تغييره أو زيادة من نعمة أو رفع بلاء

وابن العمل أن تظن بعملك أنك وصلت وعرفت ربك وانك تستحق ما أعده لك من ثواب ونسيت فضله عليك وإن المكتوب لن يغيره من أجل هواك وشهوة نفسك وتدبير عقلك

فتعلق بالله وبما سطره لك في علمه وأمره وحكمه واعمل وتعبد لأنك عبده فقط وهو ربك وكن بين خلقه كما أراد أن تكون وليس كما تريد

فكن متصفا بالعبودية لا الربوبية تنجو من الشرك في نفسك وتكون من أهل وداده وحبه

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وضلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

*المراجع :-

  • صحيح الجامع الصغير للسيوطي
  • شرح حكم الشيخ محي الدين ابن العربي للملا موسي الكردي ص ٦٩-٧٠ طبعة العلمية
  • رسالة التوحيد لارسلان الدمشقي
  • الحكم العطائية لإبن عطاء الله السكندري
  • الطبقات للشعراني ترجمة الإمام ابراهيم الدسوقي

وإلي الجزء التاسع من جواهر العارفين:- .