العارف بالله علي الجمل
من أحوال وأقوال بعض العارفين

من حكم العارف بالله علي الجمل :-

  • جرت عادة الله في خلقه أنه ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح

  • اعلم أنك إذا أردت ورود الحسيات عليك فلتكثر من المعاني وإذا أردت ورود المعاني عليك فأكثر من الحسيات جرت عادة الله تعالى يخرج الأشياء من أضدادها قال تعالى (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي (يونس)

وما كان دخولي إلى المعاني في ابتداء أمري إلا أني أكثرت من أفعال الحس ( من صلاة وذكر وصوم واعمال صالحة )

ودمت عليها أكثر من ثلاث سنين فما شعرت إلا والمعاني أقبلت علي وأحاطت بي من كل جانب حتى استغرقت فيها ، فما زلت كذلك إلى الآن فوجدت نفسي في بحر لا ساحل له لا يعلم حده إلا الله سبحانه الحكيم العليم

  • سئل أحد من المشايخ قيل له يا سيدي ما مراد الله تعالى من خلقه ؟ قال الحال الذي هم عليه الآن .

  • اعلم يا أخي أن انتفاع الناس من الولي على قدر حسن ظنهم به وهلاك الناس من الولي على قدر سوء ظنهم به.

واعلم أنه على قدر ما يحصل لك مع الشيخ من الأدب على قدره يحصل لك من مولاك لأن الآدمي خليفة الله في أرضه

  • من استحيا من الله تعالى وهو مطيع استحيا الله تعالى منه وهو مذنب

  • ألا إن العاقل المصيب من عمل ثلاثا : ترك الدنيا قبل أن تتركه ( اي جعلها وسيلة وطريق الآخرة فهي في يده وليس قلبه )

وبني قبره قبل أن يدخله ( بالأعمال الصالحة)

وأرضى ربه قبل أن يلقاه ( بإتباع أوامره وترك نواهيه )

  • على قدر خوفك من الله يهابك الخلق وعلى قدر حبك لربك يحبك الخلق وعلى قدر شغلك بأمر الله يشتغل الخلق بأمرك

  • دوام التعرض للنفحات الإلهية :-

من شاء أن يتعرض لنفحات ربه فلا يكن مع نفسه على ما تشتهيه ويخف عليها وليكن معها على ما لا تشتهيه ويثقل عليها فإن مسافة الطريق يطويها وثمرة عمله يجنيها .

وإذا أردت أن تتعرض دائماً للنفحات ربك وذلك بأن تقرن حركاتك وسكناتك بذكر ربك كما أمرك ربك وبمحبة أهل الانتساب إليه ( من أهل الذكر والعلم ) والإحسان إليهم دائماً

لأن نبينا ﷺ كان لا يأوي إلى أحد من ما كان يأوي إلى أهل الصفة الذين هم أصحابه ﷺ وأحب الناس إليه

  • ليس المطلوب منك معاندة الحكم السابق في الأزل وانما المطلوب منك أن تكون عبدا لله في كل حال

  • شغلك مع الله هو شغلك مع عباد الله وشغلك مع عباد الله هو شغلك مع الله من غير زيادة ولا نقصان لأنه لا موجود في الحقيقة إلا الله وحده.

  • مهما صفت معاملتك مع الخالق عطفت عليك جميع الخلائق ومهما اشتغلت بخدمة مولاك اشتغلت الأكوان بخدمتك

  • مهما تذللت لمولاك أو للمخلوق إذا شاهدت فيه مولاك نفسك أو جنسك استجيب لك في الحين

  • مهما كنت عبد الله في الوجود كان الوجود عبدا لك . ومهما أردت أن يكون الوجود عبدا لك تجد نفسك عبدا للوجود

  • جرت عادة الله أن طالب الله ما أعطى شيئا وزهد فيه وقصد مولاه إلا أعطاه الله تعالى ما هو أعظم من ذلك .

  • المولى كريم ما توجهت لشيء إلا أمدك به وفيه ورزقك من يرافقك فيه حتى تبلغ فيه منتهى همتك . الهمة تزيد والمدد يزيد من مولاك ، ولا ينقطع المدد من مولاك حتى تقف همتك هذا القياس جرت عادة الله به في الأمور كلها

  • على قدر قرب العبد من ربه تعظم همته فعلى قدر عظم همتك يعظم كلامك ويعظم فعلك ، وبالعكس يعني على قدر بعد العبد من ربه تصغر همته وعلى قدر صغر همته يصغر كلامه ويصغر فعله

  • من انشغل بربه كفاه أمر نفسه

قال رضي الله عنه :-

الإنسان إذا كان متوجهاً لمولاه من طريق الأذكار أو من طريق الأفكار فإن مولاه يكفيه مؤنة ظواهره أحسن مما يقوم بها هو لنفسه

لأن من كان في الله تلفه كان على الله خلفه ومن لم يدبر لنفسه دبر الله تعالى له

  • واعلم أن الوجود كله كرجل واحد وأنت بمنزلة إصبع من ذلك الرجل إذا ملكت ذلك الإصبع وهو نفسك ملكت الوجود بأسره وغلبته وقهرته طوعاً أو كرهاً حتى تكون تتصرف في الوجود بأسره بما تريد ولا يكون فيه إلا ما تريد

وإذا غلبتك نفسك يغلبك الوجود بأسره ويملكك ويقهرك طوعاً منك أو كرهاً حتى يكون الوجود يتصرف فيك بما يريد كيف يريد .

إذا ملكت نفسك فالوجود كله عبدك ، وإذا ملكتك نفسك فأنت عبد الوجود ، والنفس حتماً لا تملك إلا بمعرفة العارفين بالله وبصحبتهم وبمجالستهم على الدوام

  • إذا أردت أن تكون عبدا لله حقاً فكن عبداً لعبيد الله حقاً تجد نفسك عبد الله حقاً

وإذا أردت أن تكون صادقاً مع الله فكن صادقاً مع عباد الله فذلك هو الصدق

وإذا أردت أن تكون متواضعاً الله فكن متواضعاً لعباد الله فذلك التواضع لله

وإذا أردت أن تكون محسناً لله فكن محسناً لعباد الله فذلك هو إحسانك لله وإذا أردت أن تكون شاكراً لله فكن شاكراً لعباد الله فذلك هو شكرك لله

وإذا أردت أن تعظم الله فعظم عباد الله فذلك هو تعظيمك لله هذا لعباد الله خصوصاً وعموماً .

وإذا تكبرت على عباد الله فأنت متكبر على الله ، وإذا كذبت على عباد الله فأنت كاذب على الله

، وإذا تجبرت على عباد الله فأنت متجبر على الله ،

وإذا أسأت الأدب على عباد الله فقد أسأت الأدب على الله ،

وإذا غضبت على عباد الله فأنت غاضب على الله ،

وإذا بخلت على عباد الله فأنت بخيل على الله

وإذا أسأت لعباد الله فأنت مسيء لله وإذا حقرت جانب عباد الله فأنت محقر لجانب الله

وإذا تعززت على عباد الله فقد تعززت على الله .

حاصله :

شغلك مع الله هو شغلك مع عباد الله من غير زيادة ولا نقصان لأنه لا موجود في الحقيقة إلا الله ولا في الوجود إلا الله والآيات من كتاب الله والأحاديث من كلام النبي ﷺ التي تصدق هذا المعنى كثيرة

وقال العارف بالله محي الدين ابن عربي:- في تلك المعاني السابقة التي ذكرها الإمام :-

ما تعامل به الخلق يعاملك به الحق وما تعامل به الحق يعاملك به الخلق .

  • إذا أنفقت على مولاك صفاتك أباح لك التمتع بمشاهدة صفاته وإذا أنفقت على مولاك ذاتك، أباح لك التمتع بمشاهدة ذاته.

  • التجريد:-

أعلم أن التجريد لا يكمل لصاحبه حتى يكون نفسا ودينا ودنيا ، وعلامات كمال صاحبه أنك تجده لا ينكر أحدا من مخلوقات الله يقرهم في أقوالهم وفي أفعالهم وفي أحوالهم حتى نفسه ولا يرى الوجود كله وما حوى إلا في غاية الإتقان وغاية الكمال

  • كل ما استعصى عليك من أمور الدنيا والآخرة اهبط فيه أسفل تجد راحتك فيه

من عظمت نورانية باطنه:-.
لا تجده إلا قليل المعرفة بالخلق وذلك لأنه ما عظمت نورانية باطنه حتى عظمت ظلمانية ظاهره

ومن عظمت ظلمانية ظاهره:-.
فإن الخلق يفرون منه ولا بعد فرار الخلق إلا إقبال الحق عليه.

المرجع :-

{ اليواقيت الحسان فى تصريف الإنسان لعلي الجمل }