نزاهة الصحابة عما نسب إليهم ج٤
فضائل الصحابه ومكانتهم

   * نزاهة الصحابة عما نسب إليهم ج٤ *

  • بيان وتوضيح للخلافات بين الصحابة الكرام:-

أما ما يطلق عليه مخالفات ومنازعات بينهم الواقعة في زمن خلافة سيدنا علي كرم الله وجهه لم تكن من جهة الهوى والهوس ولا لأجل حب الجاه والرياسة

بل كانت على وجه الإجتهاد والاستنباط مع أن اجتهاد واحد منهم واستنباطه ليس بعيدا عن الصواب

ومن المقرر عند علماء أهل السنة والجماعة رضي الله تعالى عنهم أن المحق في تلك المحاربات والمشاجرات كان سيدنا عليا كرم الله وجهه ومخالفوهم كانوا على خطأ

ولكن لما كان منشأ هذا الخطإ الاجتهاد كان صاحبه بعيدا عن الطعن والملامة عليه والمقصود أحقية جانب سيدنا علي والخطأ من جانب من خالفوه

وأهل السنة قائلون بذلك واللعن والطعن زيادة بلا فائدة بل متضمنة لاحتمال الضرر فإنهم أصحاب النبي صلّى الله عليه و سلّم ورضي عنهم

وبعضهم مبشر بالجنة وأهل غزوة بدر مغفور له والعذاب الأخروي مرفوع عنه كما ورد في الاحاديث الصحاح:-

روي عن النبيﷺ :-.

إن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم

وبعضهم تشرف ببيعة الرضوان وقد قال النبيﷺ

لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة

بل قال العلماء أن من قرأ القرآن المجيد يفهم أن جميع الصحابة من أهل الجنة لقوله تعالى :-

{ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } ( سورة الحديد)

والحسنى هي الجنة فكل صحابي أنفق وقاتل قبل الفتح وبعده موعود له بالجنة وصفة الإنفاق والقتال ليست للتقييد بل للمدح فإن جميع الصحابة كانوا متصفين بهاتين الصفتين فكلهم يكونون موعودا لهم بالجنة .

والخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم مبشرون بالجنة ثبت ذلك بأحاديث صحيحة بلغت حدا التواتر المعنوي

فاحتمال الزيغ والضلالة مدفوع عنهم والشيخان من اهل بدر وهم مغفور لهم مطلقا على ما في الاحاديث الصحاح

وأنهم من أهل بيعة الرضوان ومن أهل الجنة بأحاديث صحيحة كما مر سابقاً و سيدنا عثمان لم يحضر غزوة بدر

لأن النبي ﷺ تركه في المدينة لتمريض أهله وهي بنت سيدنا النبي ﷺ قائلا له ( إن لك من الأجر ما لأهل بدر )

ولم يحضر بيعة الرضوان لأن النبي ﷺ قد أرسله إلى مكة عند قريش وبايع عنه ﷺ بنفسه كما هو مشهور كما روي عن حضرة النبيﷺ

قال سيدنا عبد الله بن عمر {  بعث رسول اللهِ ﷺ عثمان وكانت بَيْعَةُ الرِّضوانِ بعد ما ذهب عثمانُ إلى مكةَ فقال رسولُ اللهِ ﷺ بيدِهِ اليُمْنَى هذه يدُ عثمانَ وضرب بها على يدِهِ قال: هذه لعثمانَ ... الحديث.  ( سنن الترمذي )

.* اختلاف الصحابة وتوضيح ذلك :-

  • تأخر سيدنا علي في مبايعة الصديق :-

( إعلم أنه) لا يجوز إجتماع أصحاب رسول اللَّه ﷺ  على أمر باطل قبل مرور يوم من انتقاله إلي ربه الكريم ومن المقرر أن أصحاب رسول اللَّه ﷺ  بايعوا كلهم الصديق سيدنا أبا بكر بالطوع والاختيار

واجتماع جميع أصحاب رسول الله ﷺ  في تلك الحالة على الضلالة من جملة المستحيلات  فلقد روي عن حضرة النبيﷺ  لا تجتمع أمتي على الضلالة

وأما تأخر سيدنا علي كرم الله وجهه عن مبايعة الصديق سيدنا أبا بكر في الابتداء ليس إلا لعدم دعوتهم إياه إلى المشورة كما قال سيدنا علي كرم الله وجهه بنفسه :-

ما غضبنا الا لتأخرنا عن المشورة وإلا لنعلم أن ابا بكر خير منا...... الخ.

وعدم دعوتهم لسيدنا علي كرم الله تعالى يمكن أن يكون مبنيا على مصلحة كتسلية أهل البيت بقعوده عندهن في الصدمة الأولى من المصيبة ( بوفاة  حضرة النبيﷺ )  أو نحو ذلك

والاختلاف الواقع بين أصحاب رسول اللَّه ﷺ ليس منشأه الهوى النفساني فإن نفوسهم زكية وطاهرة  وصارت مطمئنة وكانت أهوائهم تابعة للشريعة بل كان اختلافهم مبناه على الإجتهاد وإعلاء كلمة الحق

فللمخطئ منهم درجة واحدة عند الله وللمصيب عشر درجات فينبغي حفظ اللسان عنهم وأن يذكروا بالخير.

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى تلك دماء طهر الله أيدينا عنها فلنطهر عنها ألسنتنا وقال ايضاً اضطر الناس بعد رسول الله ﷺ فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرا من أبي بكر فولوه رقابهم

وهذا القول تصريح منه بنفي التقاة ( التقية اي التظاهر بشئ وفي قلبه غير ذلك ) ورضاء سيدنا علي كرم الله وجهه ببيعة الصديق رضي الله عنه.

وإلي الجزء الخامس من باب نزاهة الصحابة :- .