نزاهة الصحابة عما نسب إليهم ج٥
فضائل الصحابه ومكانتهم

  • نزاهة الصحابة عما نسب إليهم ج٥ *

  • موقف سيدنا معاوية مع سيدنا علي :-

قال العارف بالله أحمد الفاروقي السرهندي:-

صحابة رسول الله ﷺ  كلهم كبراء عظماء ينبغي أن يذكر كلهم بالتعظيم لما رواه سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ

إن اللَّهَ اختارني واختار لي أصحابا واختار لِي منهم أَصْهَارًا وأنصارا فمن حَفِظَنِي فيهم حفظه اللَّهُ وَمَنْ آذَانِي فِيهِمْ آذَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .  ( رواه الخطيب البغدادي )

وروي عن النبيﷺ :

من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ( رواه الطبراني )

وما وقع بينهم من المنازعات والمحاربات ينبغي حملها على محمل حسن وإبعادهم عن الهوى والتعصب فإن تلك المخالفات كانت مبنية على الاجتهاد والتأويل لا على الهوى والهوس كما أن جمهور أهل السنة على ذلك.

وقال الشيخ ابن حجر في الصواعق :-

إن منازعة معاوية لعلي رضي الله عنهما كانت على وجه الإجتهاد وجعل هذا القول من معتقدات أهل السنة فلا يجوز تفسيق مخالفي الإمام علي و تضليلهم

وقال القاضي عياض في الشفاء :-

قال الإمام مالك رضي الله عنه من شتم أحداً من أصحاب النبي ﷺ أبا بكر وعمر وعثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص رضي الله عنهم

فإن قال كانوا على ضلال وكفر قتل وأن سبهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكل نكالا شديداً .

فلا يكون محاربوا علي كفرة كما زعمت الرافضة ولا فسقة كما زعم البعض  كيف وقد كانت الصديقة وطلحة والزبير من الصحابة منهم

وقد قتل طلحة والزبير في قتال موقعة الجمل مع ثلاثة عشر ألفا من القتلى قبل خروج معاوية فتضليلهم وتفسيقهم مما لا يجترئ عليه مسلم إلا أن يكون في قلبه مرض وفي باطنه خبث.

وما وقع في عبارة بعضهم ممن قالوا بإطلاق لفظ الجور في حق معاوية حيث قال كان معاوية إماما جائراً

فمراده بالجور عدم حقية خلافته في زمن خلافة سيدنا على كرم الله وجهه وليس الجور الذي مآله فسق وضلالة ليكون موافقاً لأهل السنة والجماعة

ولا يجوز الزيادة على القول بالخطإ كيف يكون جائرا وقد صح أنه كان إماما عادلا في حقوق الله سبحانه وحقوق المسلمين كما قال ابن حجر في الصواعق .

ومن كان يقول أنه مستحقا للعن الخ فهو أيضاً غير مناسب له أين محل الترديد وأين محل الاشتباه فإن قال هذا الكلام في حق يزيد فله وجه ومبرر وأما قوله ذلك في حق معاوية فشنيع

وقد ورد في الاحاديث النبوية باسانيد الثقات عن حضرة النبيﷺ:-

أنه  دعي لمعاوية اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب     (رواه الطبراني وغيره) 

وقال النبيﷺ في حقه ( اللهم اجعله هادياً مهدياً )؛.  
(رواه الترمذي )

وما نقل عن الامام الشعبي من ذم معاوية وأنه بالغ في مذمته وأوصلها إلى ما فوق الفسق لم يبلغ مرتبة الثبوت

وكذلك حكم الإمام مالك رضي الله عنه الذي هو من تبع التابعين ومعاصره حيث حكم بقتل من يشتم معاوية وعمرو بن العاص كما مر آنفا

وأيضاً أنه جعل شتمه كشتم أبي بكر وعمر وعثمان كما مر سابقاً فلا يكون معاوية مستحقاً للشتم والذم .

واعلم أن معاوية ليس وحده في هذه المعاملة بل كان نصف الأصحاب الكرام تخمينا شريكا له فيها

فإن كان محاربوا علي كفرة أو فسقة زال الإعتماد عن نصف الدين الذي بلغنا من طريق تبليغهم ولا يبيح ذلك إلا زنديق مقصوده إبطال الدين.

ومنشأ إثارة هذه الفتنة هو مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه وطلب القصاص ممن قتلوه فإن طلحة وزبيرا إنما خرجا أولاًً من المدينة بسبب تأخير القصاص ووافقتهم الصديقة (  السيدة عائشة رضي الله عنها ) في هذا الأمر

فوقع حرب موقعة الجمل التي قتل فيها ثلاثة عشر ألفا من الصحابة وقتل فيها طلحة والزبير اللذان هما من العشرة المبشرة ثم خرج معاوية من الشام وصار شريكا لهم فوقعت حرب الصفين .

وصرح الإمام الغزالي رضي الله عنه أن تلك المنازعة لم تكن لأمر الخلافة بل كانت لاستيفاء القصاص في بدء خلافة الإمام علي كرم الله وجهه واعتبر ابن حجر أن هذا القول من معتقدات أهل السنة.

والطريق الأسلم في هذا الموطن السكوت عن ذكر مشاجرات اصحاب النبي ﷺ والإعراض عن ذكر منازعتهم قال حضرة النبيﷺ :

إذا ذكر أصحابي فأمسكوا  ( رواه الطبراني وابن عدي)

وقال النبيﷺ :

إياكم وما شجر بين أصحابي (  ابن الأثير في النهاية )

وقال حضرة النبيﷺ:- :

الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا (  الترمذي)

يعني أحذروا الله تعالى واتقوه في حق أصحابي ولا تجعلوهم هدفا لسهم ملامتكم وطعنكم

وقال الامام الشافعي رضي الله عنه وهو منقول عن عمر بن عبد العزيز ايضاً أنه قال تلك دماء طهر الله عنها أيدينا فلنطهر عنها ألسنتنا .

ولقد ذكر ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة وعزاه الى جامع الخطيب البغدادي ما روي عن حضرة النبيﷺ

اذا ظهر الفتن أو قال البدع وسبت اصحابي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله له صرفا ولا عدلا .

{ المكتوبات الربانية للسرهندي رقم  ٨٠ ,٢٥١,  ٤٣، ٤٣٦ } .

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين . . وإلي مراجع الأجزاء الخمسة لنزاهة الصحابة:- .