قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين ٩٨

1 دقيقة للقراءة
9 قراءة

قطرة من بحر حكمة العارفين  ٩٨ :-.

* قوله سبحانه وتعالى ﷽

 { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ  إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } 

وما يصدق أكثرهم بوجود الله في إقرارهم، بوجوده وخالقيته للأشياء وأنه هو وحده جل جلاله الرزّاق والمحي والمميت

.{ إلا وهم مشركون } بعبادة الأصنام أو الكواكب أو الطبيعة أو اتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله جلاله 

أو الوقوف مع الأسباب فإن من يرى السبب له قدرة خاصة أو مستقلة فهو مشرك شرك خفي ومن يرى المسبب هو الفاعل بالاسباب وبغير الأسباب فهو الموحد

* حقيقة ومعني الفناء عند العارفين:

الفناء هو خلاص الإنسان من نزعاته وأهوائه وشهواته وإرادته الخاصة فيكون كل فكره وعمله لله وبالله 

* وقال محمد إقبال :- 

لقد انتهت الرياضة الروحية الرفيعة بالصوفية إلى مقام الفناء وذاق الصوفية في هذا المقام بروق التجليات وأنوار الهبات الإلهية 

ثم تخلوا عن إرادتهم ومشيئتهم وصفاتهم ليفنوا في إرادة الله ومشيئته وصفاته ثم يتخلقوا بأخلاقه جل جلاله 

فخرجوا بذلك من نطاق البشرية الترابية، إلى أفق الربانية العلوي التي تقوم بالله تعالى وتتكلم بالله وتتحرك بالله ولا ترى في الكون سواه.

ومن هذا الأفق كانت كلماتهم التي عبرت عن الله سبحانه وتعالى بأنه الظاهر في كل شيء، الباطن في كل شيء فلا وجود للحقيقة لغيره.

ومن هذا المقام  انطلقت الإتهامات  قديما وحديثا تحاول أن تحيل هذا المقام الروحي الإيماني إلى ما أسموه بالاتحاد والحلول حينا وإلى ما أسموه بوحدة الوجود أحيانًا.

وسر الاتهام هو عجز الأقلام المادية، مع علمها ومكانتها، عن تذوق فلسفة مقام الفناء

 وهي فلسفة تنبع من السفر الصوفي الطويل في الطريق المضيء الصاعد إلى الله تعالى 

وهي فلسفة بنيت على تذوق وعلى مشاهدة، وعلى محبة فاستعصى فهمها على العقول التي لم تتذوق، ولم تشعر ولم تحب

* وقال العارف بالله التلمساني :

 أقل علوم القرب - القرب من الله تعالى- أنك إذا نظرت إلى أي شخص محسوس أو معقول أو غير ذلك فسوف ترى الله فيه ( بلا حلول ولا اتحاد )

وهذه الرؤية أكثر وضوحاً من رؤية الشيء نفسه والدرجات في ذلك متفاوتة.

فبعضهم يقول إنهم لا يرون شيئًا إلا ويرون الله قبله وبعضهم يقول  إنهم لا يرون شيئًا إلا ويرون الله بعده

وآخرون يقولون إنهم لا يرون شيئًا إلا ويرون الله معه ويقول غيرهم ما رأينا شيئًا غير الله تعالى.

وقال الجرجاني :- 

الفناء في الله تعالى نوعان:- أحدهما ذوقي والآخر خلقي

فالفناء الذوقي :  

هو عدم الإحساس بعالم الملك والملكوت بالاستغراق في عظمة الباري ومشاهدة الحق سبحانه وتعالى 

والفناء الخلقي :- 

هو سقوط أوصاف العبد المذمومة واستبدالها بالأوصاف المحمودة ( كما قال  الجنيد :   الفناء هو دخول صفات المحبوب على البدل من صفات المحب

ومعني ذلك هو التخلق بأخلاق الله تعالى وصفاته لتكون عبدا ربانيا.

* وقال الشيخ نجا في كتابه كشف الأسرار :-   
   
أن المولي عز وجل يشهدك تجلياته في سائر مخلوقاته لكن بغير حلول ولا مماسة ولا نوع من أنواع التجسيم والتشبيه

كما وقع لسيدنا موسى عليه السلام في تجليه سبحانه على النار التي رآها سيدنا موسى عليه السلام في جانب الشجرة 

حيث سمع النداء ( إني أنا الله لا إله إلا أنا ) فلم ينكر سيدنا موسى  تجلي الحق سبحانه وتعالى في النار بل آمن وصدق.
.

شارك هذا المقال:

مقالات ذات صلة