باب الدعاء وأسراره

حديث النبيﷺ عن الدعاء في الصلاة

روي عن حضرة النبيﷺ

أما الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرب عزَّ وجلَّ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أنْ يستجاب لَكُمْ

{ أخرجه مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه.}

 * البيان* 

الدعاء يكون بعد القراءة وقبل الركوع وبعد الرفع من الركوع وقبل السجود وفي السجود وبين السجدتين وفي حال الرفع من السجدة الثانية وبعد التشهد الأخير

لكن منه ما هو جائز كالدعاء بعد القراءة وقبل الركوع وبعد الرفع منه وقبل السجود وفي حالة الرفع من السجدة الثانية .

ومنه ما هو مستحب كالدعاء في الركوع مع التعظيم وبعد التشهد الأخير وبين السجدتين

فأما الركوع :-

روي عن حضرة النبيﷺ أما الركوع فعظموا فيه الرب »

{أخرجه مسلم والنسائي وابن خزيمة}

وإن كان الدعاء لا ينافي التعظيم كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها عن حضرة النبيﷺ قال في ركوعه

سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي ( متفق عليه)

ولدفع التعارض بين الحديثين

اولا :-

أن يكون المأخوذ من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الجواز ولذلك اختار اللخمي جواز الدعاء في الركوع (وهو أرجح الأوجه)

ثانيا :-

تخصيص الركوع بالتعظيم ويحتمل أن يكون السجود قد أمر فيه بتكثير الدعاء بدليل لفظ ( اجتهدوا ) ، وما وقع في الركوع من قوله : ( رب اغفر لي ) فليس كثيرا .

( ومن فعل هذا وذاك فهو جائز وقد آتي بالسنة )

  • الدعاء بين السجدتين *

روي عن حضرة النبيﷺ أنه كان يدعوا بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واسترني واجبرني وارزقني واعف عني وعافني »

{أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد}

وكان يدعوا في السجود :-

اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ( متفق عليه )

ثم إنه يدعو فيما يجوز الدعاء فيه بما شاء من حوائجه مما يجوز الدعاء أمور الدنيا والدين مما يشبه كلام الناس

لما روي عن عروة بن الزبير :؛

إنّي لأدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتي بالملح

{رواه مالك في المدونة ج١ }

خلافا للإمام أبي حنيفة والإمام أحمد القائلين بأنه لا يجوز الدعاء فيها إلا بالأدعية الواردة الموافقة للقرآن العظيم . .

  • الدعاء للإنسان باسمه في الصلاة *

وإذا سمى الإنسان من يدعوا له أو يدعوا عليه فقال يا فلان فعل الله بك كذا لم تبطل صلاته ولا فرق بين أن يقدم ذكره أو يؤخره

وقد دعا النبي ﷺ للوليد بن المغيرة وذكر اسمه في الصلاة وقال بعد رفعه من الركوع

كما روي عن حضرة النبيﷺ: ( غِفَارُ غفر اللَّهُ لها وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ.)

ودعا على آخرين فقال :-

اللهم العَنْ بني لحيان وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَوُا الله ورسوله ثم سجد

{ أخرجه مسلم وأحمد وابن حبان }

والحديث كاملاً:-

قال رسول اللهِ ﷺ في صلاة اللهم العَنْ بني لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عصوا الله ورسوله غِفَارُ غفر الله لها وَأَسْلَمُ سالمها الله

( أخرجه مسلم عن خفاف بن إيماء الغفاري ) . تنبيه :-

لكن من باب الرضي والصبر والأدب مع الله تعالى ألا تدعوا علي من ظلمك لا في الصلاة ولا خارج الصلاة لأن الله يسلط عباده عليك ليؤدبك من جهة لتعود إليه وتلجأ إليه وليختبر صبرك ودعواك بالرضي عن قضائه من جهة أخري

وقال علي وفا الشاذلي:-

[[ احذر أن تدعو على من ظلمك ، فإنك إذن تدعو على نفسك كما قال تعالى إن احسنتم احسنتم لأَنفُسِكُمْ وَإِن أَسَأْتُمْ فَلَهَا

وقال تعالى ﴿ إِنَّ لَكُمْ لما تَحْكُمُونَ ﴾

فإن شهدت ظلماً فإنما هو منك وإليك كم قال تعالى ( أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمرُ﴾ فأين الظلم ؟ ]]

{الطبقات للشعراني} .

وقال محي الدين ابن العربي:-

[[ الأفضل أن يدعو في الصلاة بالأدعية التي ورد ذكرها في القرآن فتكون قد جمعت بين التلاوة والدعاء في نفس الوقت

وأن يجتنب أن يدعوا بدعاء مخترع قد يكون فيه إساءة أدب في الصلاة كأن يقول يا رب اريد كذا وكذا لانه قد يكون طلبه لشئ لم يكتب له أو مكتوب له ولكن لم يحن وقته بعد

وبذلك أساء الأدب مع ربه لأن كل شئ له وقته وميعاده وإذا استجاب الله له فقد لا يتحمل ذلك في غير وقته ]]

{ الفتوحات المكية }

وكذلك من دعا بدعاء النبي ﷺ فقد جمع بين العبادة والدعاء لأن المولي عز وجل قال وما آتاكم الرسول فخذوه

فمن دعاء ايضا بدعاء النبي فقد دعا بالقران لأمر الله تعالى بذلك في الاية السابقة

وهذه بعض من الادعية الواردة في القرآن والسنة لمن ارادا حفظها وقد جمع فيها خير الدنيا والآخرة

  • رَبِّ أَدخِلني مُدخَلَ صِدقٍ وَأَخرِجني مُخرَجَ صِدقٍ وَاجعَل لي مِن لَدُنكَ سُلطانًا نَصيرًا

  • رَبِّ اشرَح لي صَدري* وَيَسِّر لي أَمري* وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني

  • رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

  • اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي

  • اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ وأعوذُ بكَ مِن الشَّرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن الخيرِ ما سأَلكَ عبدُك ونَبيُّكَ وأعوذُ بكَ مِن الشَّرِّ ما عاذ به عبدُك ونَبيُّكَ وأسأَلُكَ الجنَّةَ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ وأعوذُ بكَ مِن النَّارِ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ وأسأَلُكَ أنْ تجعَلَ كلَّ قضاءٍ قضَيْتَه لي خيرًا

  • اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ

  • اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَالهَرمِ وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا

  • رَبَّنَا اغفِر لي وَلِوالِدَيَّ وَلِلمُؤمِنينَ يَومَ يَقومُ الحِسابُ.

  • رَبِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتي رَبَّنا وَتَقَبَّل دُعاءِ.

  • رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلي آله وصحبه أجمعين.

    * المراجع * 
  • القرآن الكريم
  • صحيح مسلم والنسائي وابن خزيمة وأبو داود والترمذي وأحمد
  • الموارد الشهية في حل الفاظ العشماوية ج١ ص ٦١١-٦١٤
  • الفتوحات المكية لإبن العربي بتصرف يسير
  • المدونة للإمام مالك بن أنس ج١
  • الطبقات للشعراني ترجمة العارف بالله علي وفا