عن سيدنا عثمان رضي الله عنه قال:-
قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ مَن تَوَضَّأَ نحو وضوئي هذا ثُمَّ قامَ فركع ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه غُفِرَ له ما تقدم مِن ذنبه
{ أخرجه مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه}
* اقوال العارفين في ذلك*
.
الوجه الأول في الحديث:-
قال العارف بالله عبد الوهاب الشعراني :-
[[ سألت شيخي علي الخواص عن هذا الحديث هل يقدح ( يؤثر أو يبطل ) ذلك في شهوده للأكوان بعين قلبه ؟
فقال لا يقدح في حضور العبد في صلاته شهوده للأكوان بعين قلبه لأنه ليس في قوة الشخص أن يغمض عين قلبه عما يتجلى له فيه من الصور بخلاف حديث النفس فإنه اشتغال بالغير عن الحق . وقد أخبر النبي ﷺ :
أنه رأى في صلاته الجنة والنار ومن فيها ( متفق عليه) وتأخر عن موقفه حين رأى النار وما أخبرنا بذلك إلا ليعلمنا أن ذلك لا يقطع الصلاة ]]
( وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفكر في تجهيز الجيش وهو يصلي لكن هذا للكمل من الصالحين فإنه يكون في ذلك ومع ربه في ذات الوقت وليس بمقدور العامة فعل ذلك )
{الجواهر والدرر} . . الوجه الثاني في الحديث:-
قال محي الدين ابن العربي:- [[ السنة على قسمين:-
١- سنة أمر بها وحرص عليها أو فعلها بنفسه وخير أمته في فعلها
٢- وسنة ابتدعها واحد من الأمة فاتبع فيها فله أجرها وأجر من عمل بها
واعلم أن لهذه الأمة المحمدية بحكم شرع النبي محمد ﷺ أن يسنوا سنة حسنة مما لا تحل حراماً ولا تحرم حلالاً ومما لها أصل في الأحكام المشروعة وإنها حكم به المشرع وقرره بقـولـه ﷺ
مَن سنَّ في الإسلام حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أَنْ يَنقَصَ مِن أجورهم شيء، ومَن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزرُ مَنْ عَمِلَ بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
( أخرجه مسلم}
ومن أمثلة هذه السنة الحسنة:
مسئلة سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه في الركعتين بعد الأذان و الـطهـارة عند كل حدث
وركعتين عقيب كل وضوء والقعود على طهارة وركعتين بعد الفراغ من الطعام...( الي غير ذلك )
فلقد روي عن حضرة النبيﷺ
أنه قال لبلال عند صلاة الفجر يا بلال حدِّثْني بأرجي عملٍ عملته في الإسلام فإني سمعت دُفَّ ( أي صوت ) نَعْلَيك بين يدي في الجنة
قال ما عملتُ عملًا أرْجَى عندي أَنِّي لم أتطهَّرْ طُهورًا في ساعةِ ليلٍ أو نَهار إلَّا صليتُ بذلك الطُّهورِ ما كُتِبَ لي أنْ أُصلِّي
{ أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه}
فكل أدب مستحسن مما لم يعينه الشارع فلهذه الأمة تسنينه ولهم أجر من عمل بذلك .
وهذا الحكم خاص بهذه الأمة وأعني بالحكم تسميتها سنة ( وليس بدعة ) تشريفاً لهذه الأمة .
فمن قال بدعة في هذه الأمة مما سماها الشارع سنة فما أصاب السنة ولهذا جنح الشارع إلى تسميتها سنة ولم يسميها بدعة لأن الابتداع إظهار أمر على غير مثال له أصل في الشرع ]]
{ الفتوحات المكية لإبن العربي ج١} .
- الوجه الثالث في الحديث:-
من فوائد الركعتين بعد الوضوء أنها تجعلك زاهداً اي راضيا بما قسمه الله لك ويوسع رزقك من حيث لا تحتسب
[[ فلقد روي أن جاء رجل الي العارف بالله شمس الدين الحنفي يشكو إليه الفقر فقال للإمام
يا سيدي أنا ذو عيال وفقير الحال فعلمني الكيمياء
فقال الإمام الحنفي يا رجل أقم عندنا سنةً كاملةً بشرط أنك كلما أحدثت توضأت وصليت ركعتين فظل الرجل علي هذه الحالة سنة كلما توضأ صلي ركعتين
فلما بقي من مدة السنة يوم واحد جاء الرجل إلى الشيخ الحنفي فقال له تقضى حاجتك أن شاء الله تعالى
فقال الإمام الرجل له قم فاملأ من البئر ماء للوضوء فملأ دلواً من البئر فوجده ذهب بدلا من الماء فقال يا سيدي ما بقي في الآن شعرةٌ واحدةٌ تشتهي الكيماء ( اي أصبحت لا اتمني عمل شئ من أجل ذهب وغيره )
فقال له الشيخ صبه مكانه واذهب إلى بلدك فإنك قد صرت كلك كيمياء فرجع إلى بلاده ودعا الناس إلى الله تعالى وحصل بالرجل نفع كبير للناس ولنفسه ]]
( أي أن الرجل بسبب محافظته علي صلاة ركعتين بعد الوضوء نورت قلبه وزرعت فيه الزهد والرضي ففتح الله تعالى عليه العلوم والمعارف الربانية وفتح عليه الرزق من غير سؤال والتجربة خير شاهد على ذلك )
{ طبقات الشعراني ترجمة الحنفي الشاذلي}
* المراجع *
- صحيح البخاري ومسلم
- الجواهر والدرر الوسطى للشعراني ص ٤٤١
- الفتوحات المكية لإبن العربي ج١
- طبقات الشعراني ترجمة العارف بالله شمس الدين الحنفي الشاذلي
.