حديث النبي ﷺ جف القلم وطويت الصحف
روي عن حضرة النبي ﷺ :-
( قيل) يا رسولَ اللَّهِ العملُ فيما جفَّ بهِ القلَمُ وجرَت بهِ المقاديرُ أم في أمرٍ مُستَقبلٍ قالَ بَل فيما جفَّ بهِ القلَمُ وجرَت بهِ المقاديرُ وَكُلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِقَ لَهُ
( أخرجه ابن ماجه ورواه الترمذي ومسلم بنحوه )
* البيان :-
يشير الحديث على أن الله قدر مقادير العباد قبل أن يخلقهم فلقد روي عن حضرة النبي
ﷺ إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة
( رواه الإمام مسلم)
فكل ما يجري في هذه الحياة الدنيا فهو مكتوب عنده في اللوح المحفوظ
وهو نافذ في الخلق بقدرة الله وإرادته التي لا تغلبها إرادة المخلوقين {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين}
فالمولي عز وجل أخبرنا بأن أفعال العباد صغيرة أو كبيرة هي بإرادتهم واختياراهم ظاهرا
لكنها لا تخرج عن تقدير الله عز وجل وما يفعلونه لا يخرج عما كتبه الله عز وجل وسطره في اللوح والقلم لأنه اللطيف الخبير
* وقال العارف بالله جلال الدين الرومي :-
هذا الحديث يحتج به الجبريون ( اي الذين يقولون أن الإنسان مجبور غير مختار )
بأن كل ما جرى على البشر قدر منذ الأزل وبالتالي فلا فائدة من العبادة أو الدعاء
لأن الله سبحانه وتعالى لن يغير شيئًا ما دامت الأقلام قد جفت والصحف قدم طويت
بل إن الحديث تحريض على العمل لا على الكسل لأن القلم جف وفرغ من أمر جعل الجزاء من جنس العمل
ولا تبديل لسنة الله تعالى ولا تغيير لها لإنك مرتبط بأفعالك
{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يرم}
فإذا رحمت الناس رحمك رب الناس وإن سرقت تقطع بهذا جف القلم
وجف القلم بألا تستوي الطاعة والمعصية ولا تستوي الأمانة والسرقة
وجف القلم بألا يستوي الشكر وكفر النعم جف القلم بأن الله لا يضيع أجر المحسنين.
إذن فقد كتب القلم أن لكل فعل ما يليق به من تأثير وجزاء تسير معوجا يأتيك الاعوجاج بهذا جف القلم
وإن أتيت بالصدق والاستقامة تأتيك السعادة وإن ارتكبت الظلم فأنت مدبر سيئ جف القلم بهذا
وإن عدلت فأنت ذو نصيب من هذا العدل وعندما يسرق أحد فقد ضاعت يده بالقطع ومن يشرب الخمر يعاقب بهذا جف القلم
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المراجع:-
* صحيح ابن ماجه والترمذي ومسلم
* انظر فتح المنعم شرح صحيح مسلم
لموسي لاشين وللنووي
* المثنوي لجلال الدين الرومي
*
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين