روي عن حضرة النبيﷺ كان رسول الله ﷺ إذا رفع يديه في الدعاء لَمْ يَحُطَّهُمَا ( أَيْ لَمْ يَضَعْهُمَا ) حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهه
أخرجه الترمذي عن حَمَّادُ بْنُ عِيسَى الْجُهَنِيُّ
* البيان *
هذا دليل علي مشروعية مسح الوجه بعد الدعاء وأنه من السنة وفيه دلالة علي أن البركة والرحمة تصيب الوجه والبدن كله بذلك الفعل والا لما فعل النبي ﷺ ذلك.
وقال العلماء وهذا الفعل عَلَى سَبِيلِ التفاؤل فكأن كفيه قَدْ امتلئت مِنْ البركات السماوية والأنوار الإلهية فكأن الرَّحْمَةَ أصابتهما فناسب إِفَاضَةَ ذلك عَلَى الوجه الذي هُوَ أشرف الأعضاء وأحقها بِالتَّكْرِيمِ
* اقوال العارفين في ذلك *
قال العارف بالله محمد عبد الحي الكتاني:-
[[ قد استحب في صفة رفع اليد أن تكون ظهورهما إلى السماء وبطونهما إلى الأرض.
وقيل في قوله تعالى ﷽
﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) [ سورة الأنبياء]
أن الرغب يكون ببطن اليد إلى السماء. والرهب بالبطون إلى الأرض.
وقال جلال الدين السيوطي:-
[ وقد بلغني عن بعض الناس أنه قال ليس في رفع اليدين في الدعاء حديث صحيح
فعجبت من ذلك فإن الأحاديث فيه مشهورة بل متواترة كثيرة المسالك وقد وقع لنا في رفع اليدين في الدعاء من فعل رسول الله ﷺ وأمره نيف وأربعون حديثا، فيها الصحيح والحسن والضعيف من رواية بضعة وعشرين من الصحابة.]]
{ فض الوعاء للسيوطي بتصرف يسير }
- وأما مسح الوجه بهما بعد الرفع عند انقضاء الدعاء فقد أنكره مالك حين سئل عنه، والعز بن عبد السلام
لكن قال المواق في سنن المهتدين:-
ورد الخبر بمسح الوجه باليدين عند انقضاء الدعاء، واتصل به عمل الناس والعلماء فالمسح عقب الدعاء مختلف فيه.
وأن الراجح ما وافق الخبر الصحيح وهو استعماله وهو إشارة إلي حديث النبي ﷺ الذي رواه الترمذي:-
كان رسول الله ﷺ إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطها حتى يمسح بهما وجهه . ( وقال الترمذي صحيح غريب .)
وكذلك روي عن حضرة النبيﷺ سلوا الله يبطون أكفكم فإذا فرغتم فامسحوابها وجوهكم
(أخرجه أبي داود والبزار وابن حبان بل وابن ماجه والحاكم بأسانيد جيدة )
وإن قلت كيف أنكره الإمام مالك ؟ قلنا لا غرابة في الإنكار إذا لم تصح عند المنكر الآثار وإذ قد وجدت وصحت فقد وجب أن يلقى معها عصى التيسير وقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه إذا صح الحديث فهو مذهبي وإلا فاضربوا بمذهبي عرض الحائط.
قال القرطبي :-
[[ قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما إذا أشار أحدكم بأصبع واحدة فهو الإخلاص في الدعاء
وإذا رفع يديه حذو صدره فهو الدعاء .
وإذا رفعهما حتى يجاوز بهما رأسه وظاهرهما مما يلي وجهه فهو الابتهال .
كما روي عن حضرة النبيﷺ :-
المسألَةُ أن ترفعَ يديْكَ حذوَ منْكبيْك، أو نحوَهُما والاستغفارُ أن تشيرَ بأصبعٍ واحدةٍ والابتِهالُ أن تمدَّ يديْكَ جميعًا
( سنن أبي داود عن إبن عباس ) ]]
{ تفسير القرطبي }
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم. وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين.
-
المراجع*
-
فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين بالدعاء لجلال الدين السيوطي
-
السر الحقي الامتناني الواصل الي ذكر الراتب الكتاني ص ٢٩٢, ٢٩٣
-
سنن المهتدين للمواق
-
تفسير القرطبي سورة البقرة آية ١٨٦ .