جواهر العارفين في الحديث والقرآن الكريم:-
قوله سبحانه وتعالى ﷽
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
.
* أقوال العارفين في ذلك:-
* الوجه الأول:- قوله تعالى ( الذِّكْر ) :-
سمي المولي عز وجل كتابه الكريم الذكر لأنه يذكر العباد بالوحدانية والربويية والنشأة والميعاد وتقلبات الايام بالعباد بما حدث للأولين وما يحدث للآخرين
ولأن المتمسك به ينال شرف الذكر في الدنيا كما قال تعالي {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}
وتنال شرف ذكر اسمك في الملا الاعلي وفي الآخرة أيضاً كما في حديث حضرة النبي ﷺ
يقال لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها
(أخرجه أبو داود والترمذي في السنن الكبرى والنسائي)
وكما في حديث حضرة النبي ﷺ
يجيءُ صاحب القرآنُ يومَ القيامةِ فيقولُ يا ربِّ حَلِّهِ فيُلبَسُ تاجَ الكرامةِ ثمَّ يقولُ يا ربِّ زِدهُ فيُلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ ثمَّ يقولُ يا ربِّ ارضَ عنهُ فيرضى عنهُ فيقالُ لهُ اقرأ وارقَ ويزادُ بِكلِّ آيةٍ حسنةً
( أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه )
فهذ هو شرف ذكر اسم من حفظ وحافظ علي تلاوة كتاب الله تعالى
بل وتنال شرف أن تأخذ صحيفتك يوم القيامة بين يديك كما قال العارف بالله علي وفا الشاذلي :-
من قرا كتاب الله تعالى وعمل بما فيه اعطي كتابه بيمينه ومن قرأ كتاب الله تعالى وخالف ما فيه أعطي كتابه بشماله ومن هجر كتاب الله وترك قراءته اعطي كتابه من وراء ظهره
* الوجه الثاني قوله تعالى: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
قوله حافظون دلالة عن طريق العبارة أنه محفوظ من التلاعب فيه من الثقلين
وبدلالة إلاشارة أن الله سبحانه وتعالى كما حفظ كتابه من العبث فيه والسوء كذلك يحفظ من انزل القرآن عليه من السوء والمكروه
وهو حضرة النبي ﷺ فكان معصوما بإشارة هذه الآية ومعصوما بطريق العبارة في قوله تعالى ( والله يعصمك من الناس )
وكما حفظ كتابه حفظ نبيه فلا يتلقي من ربه عز وجل إلا بطريق الوحي أو النفث في روعه فلا يتلقي شيئاً عن طريق الجن أو الشيطان أو غيره فهو محفوظ ظاهرا وباطناً عقلا وقلبا
* الوجه الثالث:- لماذا تم تحريف التوارة والإنجيل بخلاف القرآن :-
قال العارف بالله عبد القادر الجزائري:-
الكتب والصحف المنزلة على الرسل ما عدا القرآن الكريم إنما أنزلت عليهم معاني مجردة وهم عبروا عنها بلغاتهم كالعبرانية والسريانية وغيرهما.
فلهذا قبلت الكتب الإلهية التحريف ( اي استطاع أهل الأهواء تحريفها ) حيث إن ترجمتها كانت من الرسل عليهم الصلاة والسلام والترجمة تقبل التحريف بخلاف المعنى فإنه لا يمكن تحريفه .
وأما القرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى أوجده في قلب جبريل وسمعه منظوما عربيا معجزا كما هو عندنا
كما قال تعالى : [ ونزل به الروح الأمين ] إلى قوله تعالى: [ بلسان عربي مبين ) وقال تعالى [ وكذلك أنزلته قرءنا عربيا ]
وحيث كان ناظمه هو الله سبحانه وتعالى ولم يترجمه عن الحق مخلوق كان محفوظا من التحريف .
* ( خبر في ذلك ) :-
ذكر الإمام السيوطي رضي الله عنه في الخصائص :
أنه حضر مجلس المأمون بن الرشيد في خلافته رجل يهودي فتكلم فأعرب عن بلاغة وبيان وذلاقة لسان وقوة جنان فأعجب به المأمون
فعرض عليه الإسلام فامتنع وبعد برهة من الزمان حضر اليهودي مجلس المأمون لمصلحة فرآه المأمون مسلما فسأله عن سبب إسلامه فقال له :
إنك لما عرضت على الإسلام حصل عندي اضطراب فعمدت إلى التوراة فكتبت منه عدة نسخ فبدلت وغيرت وقدمت وأخرت وذهبت بها لمدارس اليهود فتساقطوا عليها واشتروها
ثم عمدت إلى الإنجيل فكتبت منه عدة نسخ وفعلت بها ما فعلت بالتوراة وذهبت بها إلى البيعة فتساقط النصاري عليها واشتروها .
ثم عمدت إلى القرآن فكتبت عدة نسخ وفعلت بها ما فعلت بالتوراة والإنجيل وذهبت بها إلى المسلمين الذين ينسخون القران عدة نسخ لنفع الناس
فكل من رأى نسخة منها ضربني بها وقال ما هذا بقرآن فعرفت أنه الدين الحق فأسلمت
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
.
* المراجع:-
* سنن الترمذي وأبو داود والنسائي
* الخصائص للإمام السيوطي
* المواقف الروحية للجزائري الموقف رقم ٢٠٩
* الطبقات للشعراني ترجمة علي وفا الشاذلي
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين