حديث كمل من النساء اربعة وحديث تولية المرأة
روي عن حضرة النبي ﷺ
كَمَلَ مِن الرجال كثير ولم يَكْمُلْ مِنَ النساء : إِلَّا آسِيَةُ إمرأة فرعون ومريم بنت عمران،وَإِنَّ فضل عائشة عَلَى النساء كفضل الثريد عَلَى سائر الطعام ( متفق عليه)
وورد الحديث بلفظ : (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلّا أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ( ذكره الثعلبي في تفسيره )
.
* البيان:-
اكتمال النساء بما فيه من تقوي وصلاح ووصول إلي درجة الولاية أو الصديقية .
قال الإمام النووي :- هو التَّنَاهِي فِي جميع الفضائل وخصال الْبِرِّ والتقوى
وقال الصنعاني : وليس في الاقتصار عليهما حصر للكمال فيهما فقد ثبت أن فاطمة رضي الله عنها- أكمل النساء على الإطلاق ( كما في الحديث الثاني ) .
* أقوال العارفين في ذلك:-
* قوله ﷺ وفضل عائشة على السلام الفضل الثريد على سائر الطعام :-
قال إسماعيل حقي الخلوتي:-
فلقد كان العرب لا يؤثرون على الثريد شيئاً حتى سموه بحبوحة الجنة
وذلك لأن الثريد مع اللحم جامع بين الغذاء واللذة وسهولة التناول وقلة المؤونة في المضغ
فضرب النبي ﷺ به مثلاً يبين بأنها أعطيت مع حسن الخلق حلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة الفريحة ورصانة العقل والتحبب إلى البعل فهي تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها والأصغاء إليها
وحسبك أنها عقلت وفهمت من النبي ﷺ ما لم يعقل غيرها من النساء فلقد روي عن حضرة النبي ﷺ أنه قال في حق السيدة عائشة رضي الله عنها ( خذو ثلثلي دينكم من عائشة) ل
لكن الكمال المطلق في النساء الكاملين فهو للسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ
( تفسير روح البيان لاسماعيل حقي الخلوتي تفسير سورة التحريم آية ١٢ ) طبعة العلمية)
* قال محي الدين ابن عربي :-
اعلم أن الإنسانية حقيقة جامعة للرجل والمرأة وليس للرجال درجة على النساء من حيث الإنسانية، كما أن الإنسان والعالم الكبير يشتركان في العالمية
ونقص دينها معناء نقص الجزاء لأن الجزاء على قدر العمل، والعمل على قدر العلم والعلم على قدر الاستعداد، واستعداد المرأة يقل عن استعداد الرجل هذا من جهة الحقائق
وأما من جهة ما يعرض لهما من الإيمان والعبادات من ذكر وتوبة ونحو ذلك، فقد اجتمع النساء والرجال في درجة الكمال.
وقد كمل من النساء مريم وآسية وامرأة فرعون ( وفاطمة بنت سيدنا محمد ﷺ ) كما ورد في الحديث الشريف
وفضل الرجل بالأكملية لا بالكمال فالمرأة ليس لها درجة الرسالة والبعثة والنساء شقائق الرجال ومنزلة الرجل من المرأة في أصل الإيجاد منزلة الرحم من الرحمن
فإنها شجنة منه فخرجت على صورته، وآدم خلق على صورة الرحمن فمنزلتنا من الرحمن منزلة حواء من آدم
وهي محل التناسل وظهور أعيان الأبناء كذلك نحن محل ظهور الأفعال فالفعل وإن كان لله تعالى فلا يظهر إلا فينا وما من اسم إلهي إلا ولنا فيه نصيب
وحواء شجنة من آدم وجعل بهما مودة ورحمة كما أن بين الرحم والرحمن مودة ورحمة، فالمودة بين الزوجين هي ما يجده كل واحد من الزوجين من الحنان إلى صاحبه فيسكن إليه
فالرجل يحن إلى جزء قطع منه، والمرأة تحن إلى أصلها فهي كالفرع الذي تمده الشجرة وبالمودة والرحمة حدث الالتحام بين الزوجين وتولد الأبناء
والتحق الرجال بالنساء في الأبوة وقامت المرأة في بعض المواطن شهادة رجلين في قولها في حيض العدة وقبول الزوج قولها في أن هذا ولده مع الاحتمال المتطرق إلى ذلك فقد تنزلت هنا منزلة شاهدين عدلين
* ليس هناك تعارض بين حديث اكتمال النساء الذي نحن بصدده وبين حديث النبي ﷺ
( لَنْ يفلح قوم وَلَّوْا أمرهم امرأة ) "صحيح البخاري"
لأن هذا الحديث الشريف ورد على سبب مخصوص بواقعة العين وهي تختص بالشخص المُعَيَّن الذى وقعت لأجله فلا تعمُّ في حكمِها غيرَه وهذا الحديث الشريف واقعة عين، لا يُسْتَدَلُّ بها على غيرها أصلًا.
وبيان ذلك أن النبي ﷺ بعث عبدَ اللهِ بنَ حذافة إلى كسرى ملك الفرس فلما قرأه مزَّقه..
فدعا عليهم رسول اللّه ﷺ أن يُمزَّقوا كلّ مُمَزَّق وقد استجاب الله تعالى لدعوةُ النبي ﷺ في حق كسرى وقومَه ودعاؤه عليهم
والعلاقة بين سبب ورود الحديث الشريف ودعاء النبي ﷺ على كسرى ومُلْكِه حيث قال العلامة القسطلاني : -
لمَّا مزَّق كسري رسالة النبي ﷺ ودعا عليه سلَّط الله عليه ابنَه فمَزَّقَه وقتله ثم قتل إخوته
حتى أفضى الأمر بهم إلى أن يتولي أمرهم المرأة فأدي ذلك إلي ذهاب ملكهم ومُزِّقوا واستجاب الله دعاء النبي ﷺ فيهم .
.
* وقال محي الدين ابن عربي:-
يشترك النساء مع الرجال في جميع المراتب حتى مقام القطبية ولا يحجبك قول الرسول ﷺ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة فنحن نتكلم في تولية الله لا تولية الناس
والحديث جاء فيمن ولاه الناس ولنا غنية في قول الرسول ﷺ. "النساء شقائق الرجال"
أي كل ما يصح أن يناله الرجل من المقامات والمراتب والصفات يمكن أن يكون لمن شاء الله من النساء
[ فكانت بلقيس ملكة علي قومها وكان للسيدة مريم الولاية ودرجة الصديقية وامرأة فرعون والسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وكذلك بعض نساء أمة سيدنا محمد ﷺ
* وفي حلية الأولياء والطبقات:-
[[ كما هو الحال في رابعة العدوية وبنت العجم وكانت امرأة أمية وتكلمت بلسان قطب العارفين محي الدين ابن عربي وميمونة العابدة التي تكلم عنها ذو النون المصري
حيث قال رضي الله عنه:-
وصفت لى جارية فى جبل المقطم تتعبد به يقال لها ميمونة العابدة فانطلقت اليها لأزورها فعرفتني فقلت لها من أين عرفتينى؟ فقالت: جالت روحى وروحك فى الملكوت فعرفنى بك الحى الذى لا يموت.
والله ياذا النون لست مجنونة وإنما أنا بحبه مفتونة فقلت لها أوصينى فقالت:
يا ذا النون اجعل التقوى زادك، والزهد شعارك، والورع دثارك، لا يبعد عليك المطلوب، ولا يغلق فى وجهك باب المحبوب.يا ذا النون إن لله أحبابا عرفهم به فعرفوه، وأطلق ألسنتهم بذكره فنزهوه، ولو احتجب عنهم طرفة عين لتقطعوا من ألم البين
إذن الكمال في النساء يكون في بعضهم مثل الرجال وقد يعلوا مقام المرأة عن الرجل ذلك فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ]]
وسمى الله الرجل المرء"، وسمى الأنثى "المرأة" فذادها "هاء" فلها على الرجل درجة في هذا المقام
فسد بهذا الكلمة التي كان للرجال على النساء درجة. ووصف الحق المرأة في الشهادة { أن تَضِلَّ إِحْدَثهما ﴾ يقصد الحيرة والحيرة نصف النسيان لا كله
وإذا حارت المرأة في الشهادة لا بد أن تذكرها المرأة التي معها. وكل ذلك جبر لقلب المرأة الذي يكسره من لا علم له من الرجال بالأمر
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
.
* المراجع:-
* صحيح البخاري ومسلم
* إرشاد الساري شرح صحيح البخاري للقسطلاني
* عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني
* شرح الجامع الصغير للصنعاني
* الفتوحات المكية لمحي الدين ابن عربي الباب الرابع
والعشرون وثلثمائة
* مختصر الفتوحات المكية ج٣ ص ٤٤ د. كمال الجزار
* حلية الأولياء لأبو نعيم الأصفهاني
* انظر الطبقات للشعراني والكواكب الدرية للمناوي
ترجمة ذو النون المصري
.