قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين  ج ٨٠ 

* لم يزل الحق تعالى ينظر إلى هذه الأمة المحمدية بعين الرعاية والحفظ من الآفات ظاهراً أو باطناً 

وإنما سلط عليهم الحكام بالجور والظلم ليجبر الحق سبحانه وتعالى الخلل بما فرطوا فيه من عبادات وحقوق نحو ربهم عز وجل ونحو العباد

وربما كانت البلايا والمحن في حقهم أنفع لهم من الصدقات والخيرات وأكثر أجراً وأثقل في موازينهم 

* عن سيدنا علي كرم الله وجهه كان يدعوا ربه عز وجل فيقول :- 

يا كهيعص أعوذ بك من الذنوب التي توجب النقم وتغير النعم أو تهتك العصم أو تحبس غيث السماء أو تزيد من الأعداء وانصرنا على من ظلمنا 

( فقوله كهيعص يشير إلي أنها من أسماء الله تعالى فيستغيث العبد بها ) 

* قال الإمام السفيري في شرح البخاري :

روي في الخبر أن سيدنا موسى عليه السلام قال في بعض مناجاته لربه عز وجل يا رب قال له المولي سبحانه و تعالى لبيك يا موسى 

فقال سيدنا موسى أنت أنت ومن أنا حتى تجاوبني بالتلبية فقال يا موسى إني آليت على نفسي أن لا يدعوني عبد من عبادي بالربوبية إلا أجبته بالتلبية

فقال موسى يا رب هذا لكل عبد طائع فقال المولي عز وجل ولكل عبد مذنب

فقال يا رب الطائع فبطاعته فما بال المذنب فقال المولي سبحانه وتعالى :

يا موسى إني إذا جازيت المحسن بإحسانه وضيعت المسيء لإساءته فأين جودي وكرمي 


*  إنما كان الملائكة لا يرد لهم دعاء لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم وكل من أحكم باب ترك المعاصي من البشر كان كالملائكة لا يرد له دعاء في الغالب

ولأن الله سبحانه وتعالى مع العبد على حسب ما العبد عليه مع ربه فكما أن المولي عز وجل دعاه إلى الطاعة فلم يجب كذلك دعاه العبد فلم يجب دعاءه .

* هل السالكون في طريق الطاعة والعبادة والذكر والصفاء  يصلون جميعاً إلى هذه المعارف الإلهية والعلوم الربانية والاشراقات والفيوضات والمكاشفات ؟ :- 

إعلم أن الفتح الإلهي على قدر الهمة وإن شئت قلت بلغة هذا الزمان على قدر الطاقة الروحية للعابد الذاكر لربه
فطاقات العقول مختلفة وطاقات الروح أيضاً مختلفة 

وكما تتباين كفاءات العلماء في الدراسة الظاهرية علواً وانخفاضاً  وعبقرية وجموداً  كذلك تتباين كفاءات المتطهرين العابدين  في الفتح والكشف .

* قال العارف بالله أبو الحسن الشاذلي :-؛

قرأت في ليلة من الليالي قوله تعالى [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ الناس إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ] 

فقيل لي شر الوسواس وسواس يدخل بينك وبين حبيبك ينسيك الطافه الحسنة ويذكرك أفعالك السيئة

ويقلل لك ذات اليمين ويكثر لك ذات الشمال ليميل بك عن حسن الظن بالله وبرسوله إلى سوء الظن بالله ورسوله

فاحذر من هذا الباب فقد أخذ منه خلق كثير بسبب الوسواس لوقال الشيخ الجليل أبي سليمان الداراني  إذا أردت أن ينقطع عنك.  الوسواس :-

فأي وقت أحست به فافرح فإنك إذا فرحت به انقطع عنك لأنه لا شيء أبغض إلى الشيطان من سرور المؤمن وإن اغتممت بسبب الوسوسة فرح الشيطان لذلك 

وقال بعض  الأئمة أن الوسواس إنما يبتلى به من كمل إيمانه فإن اللص لا يقصد بينا خراباً
.

والي الجزء ٨١ من حكمة العارفين:- 
.