جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

حديث النبي ﷺ ليس عند ربكم ليل ولا نهار

روي عن حضرة النبي ﷺ 

ليس عند ربكم ليل ولا نهار 

( أخرجه الطبراني وأبو الشيخ في العظمة ) 
.
* البيان :- 

الحديث يشير إلى الإهتمام بالوقت وبكل واجب وحق تفعله فما فاتك في الليل فافعله في النهار والعكس كذلك 
بشرط ألا يكون تهاون أو كسل 

من عمل أو واجب نحو العباد أو رب العباد من عبادة أو ذكر لأن الليل والنهار صفة العبيد تجري عليهم احداث الدهر والزمان اما ربك فلا ليل ولا نهار عنده لأنه خالف الدهر والليل والنهار والزمان والمكان 

* أقوال العارفين في ذلك:- 

* الوجه الأول:- 

*  قال المولي سبحانه وتعالى ( وجعلنا الليل والنهار خلفة لمن اراد أن يذكر أن اراد شكورا ) 

وروي عن حضرة النبي ﷺ من فاته حزبه من الليل فليقضه بالنهار 

فكل عمل أو واجب لا تؤخره وان فاتك فاقضه حتي لا تتعود الكسل من جهة 

ومن جهة أخرى هو سوء أدب مع ربك لأن العادة من عمل وعبادة وذكر مع ربك قد ألزمت نفسك بها تقربا إليه عز وجل أصبحت عهد بينك وبين ربك فلا تنقضه الا لمرض أو نحوه 

* الوجه الثاني:- 

أن الليل والنهار تسري فيهما عليك أقدرا ربك سبحانه وتعالى فلا تتعلق بالاقدار والمكتوب وتعلق بالله عز وجل يكفيك ما فات وما هو آت 

قال السري السقطي :

قلوب الأبرار معلقة بالخواتم وقلوب المقربين معلقة بالسوابق

وقال أبو القاسم الهروي التادلي: 

وأعلى من السابق ذكرهما  أن تكون ابن وقتك  لا تنظر إلي السوابق ولا للواحق فإنها  لا تتغير 

وإنما أنت عبد مأمور تقوم بحق ما أمرك به مولاك فيما هو مطلوب به 

فإن كنت تنظر إلى السوابق ( ما كتبه الله تعالى عليك ) او اللواحق ( فيما سيقدره عليك ) لشغلك ذلك عما هو أولى به من حق الوقت

والعبد ( المريد) ابن وقته واعلي منه من استغرق بالموقت ( المولي عز وجل) عن الوقت 

ولقد روي عن حضرة النبي ﷺ   ليس عند ربكم صباح ولا مساء فمن كان عبد ربه فليس هو في ليل ولا نهار 

فمن كان بهذا الوصف فلا يتفرع لمطالعة السوابق ولا اللواحق لغلبة أنوار الجلال والجمال على قلبه فهو في الجمال بأنوار أنسه وفي الجلال بصدمة هيبته

* الوجه الثالث 

أن تعطي كل وقت وزمان ومكان الأدب اللائق به 
كما قيل العبد الصافي ابن وقته ( فكن عبدا لربك فيما أمر به واعطي كل وقت حقه وكل مكان حقه وهذا هو عين الأدب مع ربك 

فعليك بمراعاة الأوقات بأن تنظر إلى الوقت الذي أنت فيه وتنظر ما قال لك الشرع أن تعمله فيه فافعله فإن كنت في وقت فرض فافعله  أو مندوب فبادر إليه 

(ولا تجلس فارغا لأن النفس إن لم تشغلها بحق أو واجب أو مندوب شغلتك بالباطل والفكر في الذنوب والعيوب )

وإن كنت في وقت مباح فأشغل نفسك فيه بما حثك الحق إليه من الخير على أنواعه 

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين 
.

* المراجع:- 

* مسند  الطبراني والعظمة للشيخ الاصبهاني 
* المعزي في مناقب سيدي أبي يعزي لأبي العباس 
   التادلي الهروي ص ٤٨ , ٤٩ ( بتصرف يسير ) 
* انظر الكواكب الدرية للمناوي والطبقات للشعراني 
   ترجمة السري السقطي 
*  الفتوحات المكية لإبن عربي باب الوصايا 
.