قوله سبحانه وتعالى. : ﷽
{ أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ }
.
* أقوال العارفين في ذلك:-
* الوجه الأول :
قال إسماعيل حقي الخلوتي:-
ألا يعلم السر والجهر من أوجد بحكمته جميع الاشياء التى هما من جملتها فهو سبحانه وتعالى وحده { اللطيف } العالم بدقائق الاشياء يرى أثر النملة السودآء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء { الخبير } العالم ببواطنها
وقال الغزالي :-
إنما يستحق إسم اللطيف من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف فاذا اجتمع الرفق فى الفعل واللطف فى الادراك تم معنى اللطف
ولا يتصور كمال ذلك فى العلم والفعل الا لله تعالى والخبير هو الذى لا يعزب عنه الأخبار الباطنة والظاهرة
فلا يجرى فى الملك والملكوت شئ ولا تتحرك ذرة ولا تسكن ولا تضطرب نفس ولا تطمئن الا ويكون عنده
خبرها
وهو بمعنى العليم لكن العلم إذا أضيف الى الخفايا الباطنة يسمى خبرة ويسمى صاحبها خبيرا
* أثر للعارف بالله لابراهيم الخواص :-
قال بعضهم كنا جماعة فأصابتنا فاقة ومجاعة فذهبنا الى إبراهيم الخواص قدس سره فلما وقع بصره على قال لى الحاجة الى جئتنى فيها هل ربك عليم بها أم لا فارفعها إليه فسكت ثم انصرفنا
فإذا علم العبد أن ربه عز وجل مطلع على سره عليم بخفى ما فى صدره يكتفى من سؤاله برفع همته إليه وإحضار حاجته فى قلبه من غير أن ينطق بلسانه .
( تفسير روح البيان سورة الملك أية ٢٠ بتصرف يسير )
* وقال ابن عطاء الله السكندري:-
علي حسب حال العبد حين الشدة والطلب فإذا وجدت قوة في قلبك وهمة تحفزك للدعاء فادع ربك فهذا مطلبه منك لأن وصول طلبك متوقف علي الدعاء وهي اسباب وحكمة الله تعالى في خلقه
واذا وجدت السكوت هو الغالب عليك والحياء قد شمل قلبك وروحك فالسكوت حينئذ هو المطلوب وتكتم طلبك وحاجتك في قلبك
لأنه لطيف خبيبر وهذا الحال هو مطلب الحق منك السكوت مع السكون والصبر مع الرضي ولله تعالى في خلقه شؤون ( الدرر الجوهرية للمناوي )
وقال عبد الرؤوف لمناوي :-
اللَّطِيف هو الْخَفي عَن الْإِدْرَاك ( اي لا يدركه شئ ولا مخلوق ولا كائنا من كان لعزته وعظمته وجبروته عز وجل وهو وحده سبحانه وتعالى) أ الْعَالم بالخفيات
والخبير أي الْعَلِيم بدقائق الْأُمُور. ( يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون ويجري المصلحة والنفع والخير لك ظاهر وباطن دون علمك فكم من نعمة باطنها نقمة والحمد والشكر عادت نعمة
فكم من نقمة في ظاهرها باطنها نعمة كالبلاء ظاهر نقمة وباطنه نعمة لأن كل محنة في قلبها منحة وكم من قسوة ظاهرية أعقبها رحمة خفيه جلية ...الخ )
( شرح الجامع الصغير للمناوي بتصرف يسير)
* الوجه الثاني :-;
قال ابن عجيبه الحسني :-
( اللطيف ) هو أن تعلم :- أن الحق سبحانه وتعالى منزّه عن الأين والجهة، والكيف، والمادة والصورة ولا كم، ولا كيف، ولا جسم، ولا جوهر، ولا عرض
ومع ذلك لا يخلو منه أين ولا مكان لأنه للطفه سارٍ في كل شيء، ولنوريته ظاهر في كل شيء
ولإطلاقه وإحاطته متكيّف بكل كيف غير متقيد بذلك ومَن لم يذق هذا أو لم يشهده فهو أعمى البصيرة محروم عن مشاهدة الحق.
(ط البحر المديد سورة الملك أية ٢٠ )
* الوجه الثالث وهو اسرار الاسم والآية :
قال زروق الفاسي :-
من ذكر هذا الاسم ( اللطيف ) ١٢٩ مرة أو ١٣٣ مرة وسع الله تعالى عليه ما ضاق
( من رزق حسي ومعنوي رزق الجسد مما تحتاجه ورزق الروح من العلوم والمعارف الربانية كل انسان علي حسب مراده ونيته وعلي حسب ما يراه المولي خيرا له ) وكان ملطوفا به في أمره
( الأسماء الحسنى للدمياطي ص ٨٠ بتصرف يسير )
.
* وقال بعضهم :- من كرر هذه الآية كثيراً وقت شدته فرج الله عنه فتقول:
( أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ الخبير ) ثم تقول بلي يعلم
.
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
.
* المراجع :-
* تفسير روح البيان لاسماعيل حقي الخلوتي سورة
الملك أية ٢٠
* تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد لإبن
عجيبه الحسني سورة الملك أية ٢٠
* التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي
* منظومة الأسماء الحسنى للدمياطي الشافعي ص ٨٠
وشرح خواصها لزروق الفاسي طبعة العلمية
* الدرر الجوهرية في شرح الحكم العطائية لعبد الرؤوف
المناوي طبعة دار كشيدة
.
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين