الآخرة وما فيها من رحمة الله

خطورة الكلمة حسنة أو قبيحة

روي عن حضرة النبي ﷺ  

 إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة مِن رضوان اللَّهِ لا يلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات وإن العبد لَيَتَكَلَّمُ بالكلمة مِن سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم

( أخرجه  البخاري عن أبي هريرة ) 

* البيان:-

اعلم أن الكلمة مهما كانت حسنة أو سيئة فإنها تتحول من معني الي صورة حسية فإن كانت حسنة كانت صورة نورانية ولها هيئة شفافة  وان كانت سيئة كانت صورة شفافة لكن مظلمة فتصعد الي الملاء الاعلي 

قال المولي سبحانه وتعالى ( والعمل الصالح يرفعه ) 
والكلام من العمل فإما أن يرفع كتابة أو يرفع بصورته التي تحول إليها نورا أو ظلاما والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم 

* أقوال العارفين في ذلك:- 

* قال عبد الوهاب الشعراني المصري:- 

واعلم يا أخي أن قصورك في الجنة وما فيها من النعيم لا يكون إلا على صورة أعمالك هنا ( قول أو فعل ) من كمال أو نقص 

وقد بلغنا أن بعض العارفين صلى في الليل ركعتين ثم نام بعدهما فرأى قصرا عاليا فيه شرفات بيض كأنها الكواكب فاستحسه فقال لمن هذا القصر ؟ 

فقال له ملك من الملائكة هاك هذا ثواب الركعتين اللتين صليتهما قال العارف ففرحت بذلك وجعلت اطوف حوله

فرأيت شرفة من ركنه قد وقعت فصار ناقصا قال العارف فاصابني الغم لذلك وقلت فلك لو كانت هذه الشرفة لم تقع لكان القصر كاملا

فقال لي الملك لقد كانت هذه الشرفة في مكانها من القصر إلا أنك لما التفت في صلاتك وقعت الشرفة

* وقال محي الدين إبن عربي ؛- .

ما من كلمة يتكلم بها العبد إلا ويخلق الله من تلك الكلمة ملكا إن كانت خيرا كان ملك رحمة وإن كانت شرا كان ملك نقمة

فإن تبت إلي ربك وتلفّظت بالتوبة خلق الله من تلك الكلمة ملك رحمة وخلع معناه على الملك الذي خلقه الله من كلمة الشر،د 

وإن كانت التوبة عامة خلع الله الرحمة على كل الملائكة النقمة مثل قول العبد لربه :- 

 "تبت إليك من كل شيء لا يرضيك" 

فيخلق الله من هذه الكلمات ملائكة كثيرة بعدد كلمات الشر التي قالها العبد، والكشف أعطانا ذلك وصدقه الوحى فيما ورد من تبديل السيئات حسنات

* تصور الأقوال والافعال الي صورة حسية :- 

وقال محي الدين ابن عربي :  أخبرنا عبد الكريم بن وحشى المصرى وكان من الرجال بمكة، سنة ٥٩٩ هـ، أنه ركب البحر من جدة يريد الذهاب إلي الديار المصرية

فقام رجل يريد قضاء حاجته فوقع في البحر والناس نيام وبعد ثوان عاد يمشى على الماء بصحبة طائر كبير وطار هذا الطائر إلى السارى ثم وضع الطائر منقاره في أذن الرجل

وفي الصباح سأل صاحب السفينة هذا الرجل أن يدعو له وأخبره بما رأى فقال الرجل: ما أنا بصاحب دعاء

ولكن لما سقطت في البحر استسلمت لقضاء الله وأخذت أردد قوله تعالي ( ذلك تقدير العزيز العليم) ، فلما نجاني الله عز وجل اخذت أقول في نفسى "ترى من يكون هذا الطائر ؟!

فمد الطائر منقاره إلى أذنى وقال لي : أنا كَلِمَتُك "ذلك تقدير العزيز العليم" وبه سُمِّيت.( انتهي ) 

فكل كلمة وفعل ينشأ منها صورة فتصعد الي الملأ الأعلى كما قال تعالى والعمل الصالح يرفعه 

ومنها ما يتحول الي صورة حسية في الجنة حيث تزرع الملائكة الشجر وغيره في الجنة بكلمات الذكر التي تقولها ثم تتوقف الملائكة فيقال لها لما توقفت عن الزرع فتقول توقف صاحبها عن الذكر 

*  وعن السيدة رابعة العدوية :- 

أنها قالت سبحت ذات ليلة تسيحات من الليل ثم نمت فرأيت شجرة خضرة لا يوصف حسنها وعظمتها ورأيت عليها ثلاثة أنواع من الثمار لا تشبه ثمار الدنيا

ثمرة بيضاء، وثمرة حمراء، وثمرة صفراء، وهن يلمعن كالأقمار أو الشموس علي الشجرة فقالت رابعة العدوية واستحسنت تلك الشجرة وقلت لمن هذه ؟

 فقال لي قائل هذه لك بتسبيحك  فجعلت أطوف تحتها وإذا ثمرة منتشرة على الأرض في لون الذهب فقلت لو كانت هذه الثمرة مع هذه الثمار في الشجرة لكان ذلك أحسن وأفضل 

فقيل لي قد كانت ثابتة في الشجرة  ولكنك لما سبحت ربك تذكرت العجين هل اختمر أم لا فوقعت هذه الثمرة

* فكن علي حذر من كل كلمة أو فعل تفعله إما أن يكون لك او عليك أن تحرم من الخير 

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين 
.

ا* المراجع :- 

* صحيح البخاري ومسلم بنحوه 
* الفتوحات المكية لمحي الدين ابن عربي 
* هادي الحائرين إلى رسوم أخلاق العارفين للشعراني 
* انظر الطبقات للشعراني والكواكب الدرية للمناوي 
   ترجمه رابعة العدوية 
.