قال تعالى :- وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾[ سورة الصافات]
* البيان :-
هل الفعل للعبد فقط فيكون مختارا بإرادته أو أن الفعل لله وحده سبحانه وتعالى والعبد حينئذ مجبور ومقهور واذا كان كذلك فعلام يحاسبه ربه وليس للعبد من أمره شئ أو أن الفعل مشترك بين العبد وبين ربه هذا ما سوف يتم بيانه كالآتي:-
.
* أقوال العارفين في ذلك:-
قال الامام الثعلبي :-
هذه الآية دليل على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه وتعالى حيث قال: { وَمَا تَعْمَلُونَ } على أنها مكتسبة للعباد
حيث أثبت لهم عملاً ( وعليه الجزاء من عقاب أو ثواب ) فأبطلت الآية مذهب القدرية والجبرية بهذه الآية
وعن حُذَيفة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه ﷺ
" إن اللّه عز وجل صنع كل صانع وصنعته فهو الخالق وهو الصانع سبحانه ( أخرجه البيهقي )
( تفسير القرطبي و الكشف والبيان للثعلبي )
* وقال العارف بالله عبد القادر الجزائري:-
تارة ينسب المولي عز وجل الفعل للمخلوقين فيقول سبحانه وتعالى :-
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾[الصافات]
وقال ﴿ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ﴾[التوبة:]
وقال: ﴿ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾
وقال ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾[البقرة]
وقال: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾[هود]
إلى غير هذه الآيات مما ورد في نسبة الفعل إلى المخلوقين وحدهم
وتارة أخري ينسب المولي عز وجل الفعل مشاركة بينه عز وجل وبين المخلوق فقال تعالى
﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾[النساء]
وقال: ﴿ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾[التوبة]
وقال: ﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ﴾[البقرة]
وقال : ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾[الصافات]
إلى غير هذا ممّا شرك الله تعالى بين الحق والخلق في الفعل.
وتارة أخري ينسب غعل المخلوقات والخلق كلها بلا استثناء الي الله عزّ وجل وحده ولا دخل لمخلوق في شيء ولا قدرة فقال جل جلاله
: ﴿ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾[الواقعة]
﴿ كُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ﴾[النساء]
قال:﴿ وما رميت إذ رميت وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى﴾[الأنفال]
وقال: ﴿ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ﴾[الأنفال]
إلى غير هذا ممّا ورد في نسبة الفعل الصادر من المخلوقين إلى الله وحده
إذا ذكر الحق سبحانه وتعالى الفعل للعباد مرة ومرة أخري مشاركة الفعل بينه وبين عبده ومرة أخري أن الفعل لله وحده .
وما وردت به الآيات القرآنية فهي متنّوعة في نسبة الأفعال الصادرة من المخلوقين
بسبب تنّوع المشاهدات لهم بما تعلّق العلم الأزلي به على ما تكون عليه أهلها إذا وجدوا.
ولذلك نجد الناس ثلاث طوائف فهموا به كلام الحق سبحانه وتعالى:-
الطائفة الأولى :-
فطائفة لم تشهد الفعل إلاَّ من الله تعالى وحده جلا وعلا وهذه المشاهدة وإن كانت حقاً من وجه فهي مهلكة من وجه أخر إذا دامت على صاحبها
لأنك بذلك تبطل الشرائع وإنكار التكاليف فلم تكن ذو عينين ينظر بالواحدة إلى الشرع وبالأخرى إلى الحقيقة
وهذه المشاهدة ارتبطت بمقالة الجبرية اي التي تقول أن العبد مجبور ولا دخل له في شئ مع أن التكاليف الشرعية أبطلت هذه الفكرة
وهذا الفهم بالأمر والنهي والشيء لا يكلف نفسه
فلابدَّ من محل يقبل التكليف ويرد عليه الخطاب.
( وهذه الطائفة التي قالت الإنسان مجبور واستندوا للايات التي ذكرت اول الكلام ففعلوا كل خطأ وانتهجوا سبل المعصية والضلال والفساد فلا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم)
الطائفة الثانية :-
لم تشهد الفعل إلاَّ من المخلوق . ففرّقت بين الحق والخلق، وفصلت وميّزت ليصحّ لها التكليف، وما رتب الشارع عليه من الثواب والعقاب
لأن التكليف لا يصحّ إلاَّ لمن له الاقتدار على ما كلّف به من الأفعال، وأمسك النفس في المنهيات عن ارتكابها، وبهذه الحقيقة ارتبطت ومنها انتشأت مقالة المعتزلة القائلين أن العبد يخلق أفعاله الاختيارية
ومن جهة التنزيه المطلق فإنهم نزّهوا الحق تعالى أن ينسب إليه شيء يذم شرعاً أو عادة.
والطائفة الثالثة :-
شهدت الفعل لله تعالى وللعبد فيه دخل ونسبة إما بالكسب وهو قول الإمام الأشعري وإما بالجزء الاختياري وهو قول الإمام أبي منصور الماتريدي
وفي هاتين المقالتين اي قولهم للعبد نسبة فعل وجزء اختياري انحصرت مقالة أهل السنة من المتكلمين وقاربت الحق لكنهم وقفوا مع العقل الصرف.
والعقل قاصر من حيث هو عقل عن إدراك التجلّيات الإلهية في مظاهر الخلق الواردة كتاباً وسنّة وكشفاً وهي مرتبة التشبيه
فغاب نصف المعرفة بالله تعالى إذ المعرفة بالله نصفها تنزيه ونصفها تشبيه قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى ].
فقال العارف محي الدين الحاتمي:
مسألة نسبة الأفعال الصادرة من المخلوقين لا يتخلص منها توحيد أصلاً لا من جهة الكشف ولا من جهة الأخبار الإلهية وهي الأدلّة الشرعية
فلا يستطيع منصف من المتكلمين نسبة الفعل إلى الله وحده ولا إلى العبد وحده
لكن أهل الكشف والوجود ( من العارفين ) فإنهم من أهل الحيرة العظمى والوقفة الكبرى من حيث تصادم التجلّيات الأسمائية واختلافها وعدم ثبوتها على نمط واحد ونوع مخصوص
والصحيح عند أهل الله تعالى أن الأمر مربوط بين حق وخلق غير مخلص للحق وحده من جهة الوجود الذات ولا للعبد وحده من حيث الصورة
فإن العالم كلّه من حيث هو ليس بخلق من كلّ وجه ولا بحق من كلّ وجه بل هو خلق من وجه حق من وجه، فهو كالسحر ( وقت قرب الفجر ) لا هو ليل واضح ولا هو نهار (واضح بين هذا وذاك )
فلا تنظر إلى الخلق
وتعريه من الحق
ولا تنظر إلى الخلق
وتكسوه سوى الحق
* قال العارف مصطفي ذاده :-
معنی ربوبية العبد ربه هو قبول أحكامه وإظهار كمالاته فيه وهذا مجازاة بين العبد وبين ربه الخاص كما قال الإمام ابن عربي:-
(ونزهه وشبهه ..... وقم في مقعد الصدق)
(ونزهه وشبهه) أي نزه الحق في مقام التنزيه وهو مقام استغناء ذاته تعالى عن العالمين .
وشبه الحق في مقام الصفات بإثباتك له بالصفات الكاملة كالحياة والعلم والسمع وغير ذلك
( كما قال حضرة النبي ﷺ عن رب العزة كنت سمعه وبصره ويده ... الحديث )
(وقم في مقعد الصدق) يعني إذا علمت ذوق ما ذكرنا لك وعلمت به فقد أقمت في مقام الكاملين وهو مقام الجمع بين الكمالين التنزيه والتشبيه
( شرح الفصوص لمصطفي بالي زادة )
* ثم قال الإمام عبد القادر الجزائري:-
فالعالم كله لو تجرد عن الحق تعالى ماكان ولو كان عين الحق ما خلق ولهذا قَبِلَ الحق حكم الخلق وقَبِلَ الخلق حكم الحق فَقَبِلَ الحق صفات الحدوث وقَبِلَ الخلق صفات القدم
فليس الحق بمنعزل عن الخلق ولا بائن عنهم فلا حلول ول اتحاد ولا امتزاج فما أضاف تعالى الأفعال إلى الخلق إلاَّ لكون من أضاف الفعل إليه هي هوية باطنة عين الحق
ولم ينفى المولي سبحانه وتعالى الفعل عن الخلق في قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ اذ رميت ولكن الله رمي ﴾
( فالخلق كالقمر يضيء من نور الشمس ولم تدخل الشمس في القمر ولم تتحد أو تحل فيه وإنما ظهر أثرها في القمر وبهذا تفهم معني قبول الخلق صفات وتجليات وفعل الحق عز وجل بلا حلول ولا اتحاد ) .
وحاصل المفهوم السابق ومن الآيات صدر الكلام :-
اولا : - ننسب الفعل إلى العبد حيث كان ظاهر الفعل غير محمود شرعاً أو عادة
ثانياً :- ننسب الفعل إلى الله تعالى حيث نسبه إلى نفسه أو كان الفعل محموداً شرعاً أو عادة
ثالثاً :- إذا لم ينسب الحق تعالى الفعل لنفسه ولا إلي العبد فنسبته إلى الحق تعالى على الأصل فإنه لا موجود على الحقيقة إلاَّ الله سبحانه وتعالى
فلا فاعل سواه تعالى تحقيقاً فإذا فهمت ما أدرجته لك في هذه الكلمات من الأسرار استرحت من التعب في تميزك بين فعل الحق وفعل الخلق والفصل بينهما
( المواقف الروحية للجزائري والفتوحات المكية
لمحي الدين ابن عربي)
* تتمة وتنبيه مهم :-
اعلم أن الفعل فعل الله حقيقة لأنه في التكوين لمن قال له «كن». والفعل الصادر من العبد المكلف وإن كان لله حقيقة فقد حكم تعالى عليه بأن منه حسناً وسيئاً.
وأضاف المولي سبحانه و تعالى الفعل إلينا في كتبه وعلى السنة رسله - عليهم الصلاة والسلام - لكوننا محلاً لظهور الفعل فإن كان الفعل سئ أضفناه إلينا بإضافة الله تعالى
إذ الصحيح أن لا فعل مربوط بين حق وخلق، وغير مخلص لأحد الجانبين
والمولي عز وجل آخذ بنواصي عباده إلى ما أراد وقوعه منهم وماأراد منهم إلاّ ما هم طالبون له باستعدادهم فكلفهم وأمرهم ونهاهم وعاقبهم وغضب عليهم ورضى عنهم.
فالشقاء للغضب الإلهي والسعادة للرضى الإلهي. فيجب على العبد أن يرضى بمايرضى الله ويغضب مما يغضب الله فإنه تعالى وصف نفسه بالرضا والغضب والكراهة
فمن خرج عن هذاالصراط فقد خرج عن الاعتدال وانحراف عن الاستقامة. وقد شرع تعالى لنا الحب في الله والبغض في الله.
والغضب من جملة الأخلاق الإلهية التي أمرنا بالتخلق بها، ووصف الله بها نفسه قال:﴿وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ﴾[النساء].
وتقول الأنبياء يوم القيامة: إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله.
فلا تقول أن الله أمرنا بالرضى بالقضاء فيلزمنا أن لانغضب من فعل من أفعال الله ( فهذا خطأ) لأن
القضاء حكم الله وهو الذي أمرنا بالرضا به.
أما المقضي به فهو المحكوم به فلا يلزم الرضى بالقضاء الرضى بالمقضي
فلقد أمرنا الرضي بالقضاء إجمالاً فإذا فصله حال المقضى به انقسم إلى ما يجوز الرضى به وإلى ما لا يجوز الرضى ببعضه
فيجب الإيمان بالخير أنه خير، كما يجب الإيمان بالشر أنه شرٌ وأن الشر ليس إلى الله من كونه شراً لا من كونه عين وجود فإنّ الوجودكله خير
وكون (الفعل) إيماناً أو كفراً أو طاعة أو معصية حسناً أو سيئاً، فذلك حكم الله في عين ذلك الشيء. وحكم الله في الأشياء قديم لا تتعلق به الإرادة
فكما لا يأمر بالفحشاء لا يريدها، لأن كونه فاحشة حكم الله فيها لاعينها.
وقد قلنا أن القديم لا تتعلق به إرادة. وكذا قوله تعالى:﴿ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ﴾[النساء ].
وكذالك قوله تعالى:﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾.
ألهمها فعلمت الفجور فجوراً والتقوى تقوى، لكي تسلك طريق التقوى وتجانب طريق الفجور.
فتأدب بآداب الأنبياء والكمّل من أتباعهم، وتخلق بأخلاق الله واعرف المواطن وأحكامها أين موطن الغضب الإلهي من موطن الرضى
يفعل العبد فعلا أو يقول قولا فيرضى ربه أو يغضبه. والحق تعالى مع عبيده بحسب أحوالهم، فإنهم الذين يسألونه باستعداداتهم الكلية والجزئية ما يفعله ويوجده فيهم
فيجيب سؤالهم بم يسعدهم ويرضيه أو يشقيهم ويغضبه، فما حكم فيهم إلاّ بهم وهذا من حجته البالغة عليهم.
وقد أجمع الرسل والأنبياء وورثتهم من الأولياء أنه لا فاعل إلاّ الله وأجمعو على أنه إذا ظهر في مسألة ما حكم من أحكام التوحيد مما يزيل حكم الشرع
كمن ينسب الأفعال كلها إلى الله تعالى من جميع الوجوه فلا يبالي فيما ظهر من موافقته أو مخالفته.
فمثل هذا التوحيد يجب الإعراض والتنزيه عنه فإنه خرق للشريعة ورفع لأحكام الله تعالى.
( المواقف الروحية موقف ٣٦٢ )
إِذَا مَا رَأَيْتَ اللهَ فِي الْكُلِّ فَاعِلاً
رَأَيْتَ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ ملاحا
* قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي :-
التوحيد الذي لا لوم ولا عتاب فيه أن يكون الْفَرْقَ بِلِسَانِكَ مَوْجُوداً وَالْجَمْعُ بِقَلْبِكَ مَشْهُودا
( الفرق هو فعل الشرع في الصواب والخطأ والحكم به والجمع أن أن تعلم يقينا بقلبك أن كل كل شئ يحدث بعلمه ومراده وفعله )
أما قوله تعالى:- ( لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ )
فقال عبد القادر الجزائري:-
المراد هو رفع الجبر ظاهرا عن العبد فقط ولم يقدر ويضيق تعالى على العبد بأن يجعله مضطرا مجبورًا في أفعاله دائما في الظاهر
بل جعله ظاهرًا كاسبا طالبًا مختارا لا مجبوراً لأن المجبور هو الذي يفعل ما يفعله كارها له وليس العبد في جميع كذلك فهذا الكسب رحمة من الله سبحانه وتعالى بعبده.
فإن العبد إذا علم أنه مجبور ملجأ في فعل واحد من أفعاله ضاقت عليه الأرض بما رحبت فكيف لو علم أنه مجبور فستر الجبر الباطن بالكسب الظاهر رحمة عظمى
والفعل الصادر من العبد له ثلاث اعتبارات :
١- اعتباره في الحس فهو كاسب مريد مختار
٢- واعتباره باطنا فهو لا كسب له ولا اختيار
٣- واعتباره من حيث عينه الثابتة
فلا يقال مجبور ولا مختار كاسب فإن كل ما يصدر عنه من الأفعال هو استعداده واستعداده هو ذاته فلا يظهر الموجد سبحانه وتعالى عليه إلا إستعداد العبد .
( المواقف الروحية للجزائري رقم ٣٦٦ )
* تطبيق ماسبق فعلا وقولا بمفهوم الآية :-
قال إبن عطاء الله السكندري في حكمه :-
مَتَى جعلك في الظاهر مُممتثلا لأَمْرِهِ ورزقك فِي الباطن الاستسلام لِقَهْرِهِ فلقد أعظم عليك الْمِنة
* قال الإمام الجنيد :-
أكلم الله تعالى منذ ثلاثين سنة والناس يظنون أني أتكلم معهم
* وقال محمد البكري الشهير بالسمان:-
اعبد الله تعالى على الوجه المسنون ( الشرع ) واشهد الحق سبحانه وتعالى في كل شيء من ذي حركة وسكون
{ المواهب الربانية للسمان ( بتصرف )
* وقال يحي بن الجلاء:-
من رأى الأفعال كلها من الله تعالى ورأى نفسه محلا لجريان ما قدر له ورأى فضل ربه عليه في جميع أحواله فهو موحد لا يرى إلا واحداً
{إحكام للقشيرية ج١ ص ١٥٩}
.
* وقال النفري في المخاطبات :-
إلهي أنت خـالق الأشياء ومدبرهـا وعالم الأشياء ومـعلمها وعارف الأشياء ومـعرفها .
إليك ترجع ومنك تبدو وبقوتك تبيد وبإذنك تقوم وإليك تنقلب وبك تستقر .
( المواقف والمخاطبات للنفري )
* وقال العارف بالله علي الجمل:-
شغلك مع الله هو شغلك مع عباد الله وشغلك مع عباد الله هو شغلك مع الله من غير زيادة ولا نقصان لأنه لا موجود في الحقيقة إلا الله وحده.
مهما تذللت لمولاك أو للمخلوق إذا شاهدت فيه مولاك نفسك أو جنسك استجيب لك في الحين
فشغلك مع الله هو شغلك مع عباد الله من غير زيادة ولا نقصان لأنه لا موجود في الحقيقة إلا الله ولا في الوجود إلا الله
فإذا أردت أن تكون صادقاً مع الله فكن صادقاً مع عباد الله فذلك هو الصدق وإذا أردت أن تكون متواضعاً الله فكن متواضعاً لعباد الله فذلك التواضع لله وإذا أردت أن تكون محسناً لله فكن محسناً لعباد الله فذلك هو إحسانك لله عزّ وجل
وإذا أردت أن تكون شاكراً لله فكن شاكراً لعباد الله فذلك هو شكرك لله وإذا أردت أن تعظم الله فعظم عباد الله فذلك هو تعظيمك لله هذا لعباد الله خصوصاً وعموماً .
وإذا تكبرت على عباد الله فأنت متكبر على الله وإذا كذبت على عباد الله فأنت كاذب على الله
وإذا أسأت الأدب على عباد الله فقد أسأت الأدب على الله وإذا غضبت على عباد الله فأنت غاضب على الله ، وإذا بخلت على عباد الله فأنت بخيل على الله وإذا أسأت لعباد الله فأنت مسيء لله
وإذا حقرت جانب عباد الله فأنت محقر لجانب الله وإذا تعززت على عباد الله فقد تعززت على الله .
{ أعيان المغرب لعلي الجمل.}
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
.
* المراجع :-
* تفسير القرطبي و الكشف والبيان للثعلبي تفسير
سورة الصافات سورة
* سنن البيهقي
* المواقف الروحية للأمير عبد القادر الحسني
الجزائري موقف رقم ٢٦٦ و٣٦٢ ( بتصرف )
* الفتوحات المكية لإبن عربي
* لطائف المنن لإبن عطاء الله السكندري
* وانظر شرح الحكم العطائية للمناوي وابن عجيبة
الحسني
* شرح فصوص الحكم لمصطفي زادة على فصوص
الحكم لابن العربي فص في كلمة اسماعيليه
* قطف أزهار المواهب الربانية السمان ( بتصرف )
* المواقف والمخاطبات للنفري
* سلسلة أعيان المغرب الشيخ علي الجمل
* إحكام الدلالة على الرسالة القشيرية
.