جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

قوله سبحانه وتعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

قوله سبحانه وتعالى 

:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[ سورة الأحزاب]

أقوال العارفين في ذلك:- 

* قال العارف بالله البقلي:- 

أسوة المحبة وطريق المعرفة التى يبلغ بها المقتدى الى الحق بلا حجاب والى محبته الكبرى لقوله تعالى{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ }

والاسوة فى الرسول الاقتداء به والاتباع بسنته وترك مخالفته فى قول وفعل.

( عرائس البيان للبقلي ) 

* وقال العارف بالله السلمي :- 

من أمَّرَ السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة ومن أمَّرَ الهوى على نفسه نطق بالبدعة لأن الله تعالى يقول:{ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ } 

(  حقائق التفسير للسلمي )


* وقال العارف بالله عبد القادر الجزائري:- 

الوجه الأول:- 

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
أي بالنظر إلى معاملته  لربه عز وجل من تحقيق العبودية والقيام بحقوق الربوبية

والفقر إليه وتوكله في كل أموره عليه والاستسلام لقهره والرضى بقضائه والشكر لنعمائه والصبر على بلائه 

ويدخل تحت هذا القسم جميع العلوم الشرعية من عبادات  وعادات ومنجيات ومهلكات  وهي علوم لا يبلغها عد، ولا تحد بحد .

الوجه الثاني:- 

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.
بالنظر إلى معاملة الخلق له صلى الله عليه وسلم فإنهم بين مصدّق ومكذّب ومحبّ ومبغض وآذوه بالقول والفعل

وباشروه بكل مكروه وشجّ وجهه الشريف وكسرت رباعيته وتحزّبت عليه الأحزاب 

وما زاده ذلك إلاَّ بصيرة في أمره وشدّة في حاله ويدخل تحت هذا القسم من شمائله صلى الله عليه وسلم  وأخباره

وكذلك أخبار الأنبياء عليهم السلام وأخبار العارفين بالله وماذا لقوا من المكذبين لهم.... مالا يدركه ضبط، ولا يبلغه ربط.

الوجه الثالث :- 

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.
أي بالنظر إلى معاملته صلى الله عليه وسلم للخلق من محبتهم وإرادة الخير لهم

حتى قال له ربه: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾. والصبر عليهم ورؤية وجه الحق تعالى فيهم

ظلموه فعفا عنهم وحرموه فأعطاهم وجهلوا عليه فاحتملهم وقطعوه فوصلهم وقال:
 (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)

ودفع السيئة بالحسنة وقابل كل مكروه بالأضداد المستحسنة تخلقاً بالأخلاق الإلهية وتحققاً بالأسماء الرحمانية فإنه لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله

ويدخل تحت هذا القسم من مكارم الأخلاق وحسن الشمائل وعلوم السياسة الدين والدنيا التي بها نظام العالم وعمارته، وسعادة السعيد،

فيجب على العباد  بل والعارفين أن يجعلوا هذه الآية قبلتهم في كلّ مكان ومشهدهم في كلّ زمان فإن أحوالهم لا تخرج عن هذه الحالات

ولعلها هي الصراط المستقيم الذي قعد عليه الشيطان فإنه حلف وقال:

﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾

فمن قال ( وعمل ) بما دلت عليه الآية الكريمة فهو من الشاكرين وليس عليه سلطان من  الشياطين أو غيرهم .
.
والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله اله وصحبه اجمعين 
.
* المراجع:- 

*  تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن  للبقلي الشيرازي سورة الأحزاب 
* حقائق التفسير للسلمي  سورة الأحزاب 
* المواقف الروحية لعبد القادر الجزائري 
   الموقف الأول ( بتصرف ) 
.