قطرة من بحر حكمة العارفين

قطرة من بحر حكمة العارفين رقم ٩٤

قطرة من بحر حكمة العارفين  رقم ٩٤ :- 

* روي في الحديث القدسي عن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم:- 

قال الله عز وجل إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً أو أنشر له ديواناً).

(  رواه الحكيم الترمذي في النوادر والديلمي في مسند الفردوس ) 

قال العارف بالله أبي المحاسن:- 

اعلم أن  المصائب للعبد تمحيص لذنبك وتخليص لعيوبك وتخصيص لقلبك فمن اعتبر هذا  وأجراه على ضميره تجد لا محالة راحة وينقلب الضر نعمة

ولا يزال العبد بين تخليص وتمحيص حتى يقضي إلى الآخرة ولا ذنب عليك وكل ذلك مربوط بالصبر والا: اجتمعت عليك مصيبتان وجود الضرر، وفقدان الأجر 

فعليك  أن ترجع إلى ربك وتشاهده في كل حكم نازل من ضر ونفع، وعطاء ومنع فمتى أعطاك أشهدك بره. ومتى منعك  أشهدك قهره

فهو في كلتا الحالتين متعرف إليك، ومقبل عليك ؛ فإياك أن يشغلك الضرر عن معنى قد صنعه المقدر لك جل جلاله 

 فعليك بالرضى والاستسلام، والإذعان عند مجاري الأحكام ( تكن من أهل العرفان)

( مرآة المحاسن  لأبي حامد الفاسي  ) 

* مَنْ عَرَفَ الله رآه في كل شيء. ومن فنى فيه، غاب عَن كُلِّ شَيْءٍ، وَمَن أحبه، آثره على كل شيء

قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في بَعْض كتب الله المنزلة على أَنْبِيَائِهِ :

مَنْ أَطَاعَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ بِهِجْرَانِهِ لِكُلِّ شَيْءٍ أَطَعْتِه في كل شيء، بِأَنْ أَتجَلَى لَهُ دُونَ كل شَيْءٍ، حَتَّى يَرَانِي أقرب إِلَيْهِ مِن كُلِّ شَيْءٍ 

فإِذَا عَرَفْتَ ما سبق فَاعْلَمْ أن الأولياء نوعان  :- 

وَلِيَ يَفْنَى عن كُلِّ شَيْءٍ، فَلا يَشْهَد مع الله تعالى شيئاً. 

وَوَلِيَ يَفْنَى فِي كُلِّ شيء. فيشهد الله تعالى في كل شَيْءٍ وَهُذَا أَتُم وأكمل واعلي 

 لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لم يُظهر المملكة ( الكون )  الا لتشْهَدَ مولاك فيها. فالكائنات مرآة مميزة. فمن غاب عن الكون غاب عن شهود الحق 

فَمَا خلقت الكائنات لتراها ولكن لترى فيها مَوْلاهَا . فَمُرَاد الحقِّ مِنْكَ أَن تراها بِعَيْن مَن لا يَرَاهَا . تَرَاهَا مِنْ حَيْثُ ظُهُوره فيها . وَلا تَرَاهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنيَتُهَا وصورتها وهيئتها 

فمَنْ عَرَفَ اللَّه رَآه في كل شيءٍ . ومَن فَنَى فيه غاب عَن كُلِّ شَيْءٍ. وَمَن أحبه آثره على كل شيء
.
وهذا قول الإمام علي الجمل بأن تري وتشهد ربك في كل شيء حيث قال :- 

شغلك مع الله هو شغلك مع عباد الله وشغلك مع عباد الله هو شغلك مع الله من غير زيادة ولا نقصان لأنه لا موجود في الحقيقة إلا الله وحده.

فإذا تجبرت على عباد الله فأنت متجبر على الله وإذا أسأت الأدب على عباد الله فقد أسأت الأدب على الله ،

وإذا غضبت على عباد الله فأنت غاضب على الله وإذا حقرت جانب عباد الله فأنت محقر لجانب الله تعالى وقس علي ذلك....الخ

وقال العارف بالله محي الدين ابن عربي:- 

ما تعامل به الخلق يعاملك به الحق وما تعامل به الحق يعاملك به الخلق .

فافهم الاشارة إن كنت لبيب.

فكَيْفَ يشرق قلب صُورُ الأَكْوَانِ مُنْطَبعَة فِي مِرْآتِهِ . أَمْ كَيْفَ ترْحَلُ إِلَى اللَّهِ وأنت مُكَبِّلْْ بِشَهَوَاتِك أَمْ كَيْفَ تطْمَعُ أَن تدْخُلَ حَضْرَةِ اللَّهِ وأنت لَمْ تتطَهُرْ مِن  غَفْلَاتك .


*  إِذا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ قَدْرَكَ عِندَهُ فََانظُرْ في ماذا يُقِيمُك. روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: 

روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من أرادَ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَتَهُ عِندَ الله فَلْيَنْظُرْ كَيفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِن قَلْبِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ العَبْدَ عِنْدَهُ حيثُ أَنزَلَهُ الْعَبْدُ مِن نَفْسِهِ» 

( رواه الدارقطني عن أنس وأبو نعيم في الحلية  عن أبي هريرة )

وروي أبا هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 

من أراد أن يعلم ما له عند الله فلينظر ما لله عنده.    ( السيوطي في الجامع الصغير وأبو نعيم في حلية الأولياء)

 إنما يطيع العبد ربه على قدر منزلته منه.

.