الحديث القدسي انا جليس من ذكرني ج١
المعرفة الإلهية و العقيدة

الحديث القدسي انا جليس من ذكرني ج١

عن ابي بن كَعْب قَالَ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام:-

يَا رب أقريب أنت فأناجيك اَوْ بعيد فأناديك فَقيل لَهُ يَا مُوسَى أنا جليس من يذكرنِي

( البيهقي في شعب الإيمان )

تنبيه:-

أعلم أن لمولي عز وجل ليس بجسم أو بمكان أو له حيز وحدود سبحان الله عما يصفون فمجالسة الحق سبحانه وتعالى لك بمعيته ورحمته وتجلياته فالمؤانسة هنا منك بتجلياته وصفاته عليك وليس بذاته

فليس هناك مشاكلة او مناسبة بين العبد وربه حتي يجالسه بذاته تعالي الله تعالى هن ذلك علوا كبيرا

فإنه سبحانه وتعالى منزه عن الوصف بالجسمية أو الزمان والمكان حتي لا تضل كما ضل الكثير بجهلهم عن صفات المولي عز وجل وانه سبحانه وتعالى كما قال

فأينما تولوا فثم وجه الله

وقال تعالي وهو معكم أينما كنتم

وقال تعالي لسيدنا موسي إني معكما أسمع واري

فهو في كل وقت وزمان معك لا يحويه مكان ولا زمان وكماوقال العارف بالله الشعراني الأنس بالله لا يصح لأحد للجهل بكنه الذات الإلهية

  • أقوال العارفين في ذلك :-

  • هل يصح الأنس بالله تعالى لأحد من الخلق؟

قال العارف بالله علي وفا الشاذلي:

لا يصح الأنس بالله تعالى لأحد من المحققين وما أنس إلا بما منه عز وجل من التقريبات وليس بذاته تعالى.

وقال العارف بالله محى الدين بن عربي :-

إن الذات المقدسة لا تدخل تحت إحاطة علم ولا إدراك. فغاية علم الأولياء بالله تعالى أن يصلوا إلى علم حصول التجليات لا غير ذلك أما كيفية تجليه فلا يعلمه أحد لأنه من خصائص علم الحق تعالى بنفسه .

  • قال احمد بن المبارك قلت لشيخي إن غالب الناس يقول إن أنس العبد وصلاته وذكره لا يكون إلا بذات الحق

فقال العارف بالله عبد العزيز الدباغ رضى الله عنه :

هذا لا يكون في حضرة الأحدية قط وإنما يكون في حضرة الواحدية دنيا وأخرى ومن هنا كان هذا الإنس ينقطع بارتكاب المعاصي واختلاف الاحوال

ولو كان الإنس بالله حقيقة ما انقطع لأن الأمر أو الشأن الإلهى إذا وقع لا يرتفع دنيا ولا أخرى وإن تغيرت الأحوال فى درجاته ومراتبه بزيادة أو نقص .

  • وقال العارف باالله عبد الكريم الجيلي :

إن الأحدية لا يظهر فيها شيء من الأسماء والصفات وذلك عبارة عن محض الذات الصرف في شأنه الذاتي

والواحدية تظهر فيها الأسماء والصفات مع مؤثراتها ، لكن بحكم الذات لا بحكم افتراقها فكل منها فيه عين الآخر .

  • وقال العارف بالله محي الدين ابن العربي :-

اعلم أن الله تعالى مجالس مع عباده وعددها بعدد قسمي الأوامر وعدد قسمي المناهي. وعدد ما أوجبوه على أنفسهم بطريق النظر ولله تعالى مجالس بعدد ما أمرهم به أولو الأمر منهم في غير محرم

فلما سواها دعاهم إليه ليجالسوه فمن تخلف عن مجالسته فيها فقد عصى دعوته.

ولله تعالى مجالس تسمى مجالس الإيمان وعددها بعدد ما أباح لهم في الشرع أن يتصرفوا فيه مما لا أجر فيه ولا وزر فإذا فعلوا المباح من حيث إن الله تعالى أباحه لهم مؤمنين بذلك حضر معهم بالإيمان.

ولله تعالى مع عباده مجالس تسمى مجالس السنن الكتابية وهو قول النبي. من سن سنة حسنة...الحديث. وعددها بعدد ما سن من ذلك وعدد من عمل بها من حيث لا يشعر

فيقال له: إن فلاناً عمل الخير الذي سننته له فجالسناه فيه فجالسناك فاحمد الله تعالى واشكره.

وقد قرن الله تعالى محبته العالية الحسنى لأهل مجالس الفرائض. وقرن محبة أخرى دونها عدد مجالس النوافل. ولا تكون نافلة إلا ما كان مثل من الفرائض.

ولكل مجلس باب يدخل منه إليه. وعلى كل باب بواب وهو الإيمان ومن المجالس ما يكون عليها بوابان: الإيمان والنية

والباب ما هو عين الشرع في ذلك العمل بل هو الحال الذي يكون عليه في أول الشروع في العمل قال الله سبحانه وتعالى ( الذين هم على صلاتهم دائمون )

فالمصلي يناجي ربه تعالى والمناجاة ذكر والحق سبحانه وتعالى جليس من ذكره

والدوام على مناجاته تعالى هو أن يكون العبد في جميع أحواله وتصرفاته مع الله تعالى كما هو في صلاته يناجيه في كل عين

وسبب ذلك كونه لا بد أن يكون العبد على حال من الأحوال ولا بد أن يكون لله تعالى في ذلك الحال حكم شرعي

والمولي عز وجل مع أحكامه حاضر حيث كانت والمراقب يناجيه تعالى في كل حال محظور ( بالتوبة والرجوع وطلب العفو ) وغير محظور ( من عبادات واعمال صالحة )

لأن أفعال العبد وتركه هي التي تعلقت أحكام الحق تعالى به فهذا هو الدوام على الصلاة.

( رسائل ابن عربي ج٤ ص ٢٢٠ )

وإلي الجزء الثاني من بيان الحديث :- .