زيارة الصالحين وحكمها وما فيها
جواهر العارفين في الحديث والقرآن المبين

زيارة الصالحين وحكمها وما فيها :-

  • قال الإمام النووي في الأذكار:

يُستحب استحبابا متأكدا زيارة الصالحين والإخوان والجيران والأصدقاء والأقارب وإكرامهم وبرهم وصلتهم.

والأحاديث والآثار في هذا كثيرة مشهورة، ومن أحسنها ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ:

إن رجلاً زار خاله في قرية أخرى فأرسل الله تعالى على مدرجته أي مسلكه ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد ؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية

قال هل لك من نعمة تربها أي تحققها وتراعيها، وتربيها كما يربى الرجل ولده قال لا غير أني أحببته في الله تعالى قال فإني رسول الله إليك بأن الله تعالى قد أحبك كما أحببته فيه

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ:

من عاد مريضا أو زار أخا له في الله تعالى ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً ( الترمذي)

وقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء وبالجملة فزيارة الأحياء طلب بركة الدعاء وبركة النظر إليهم فإن النظر إلى وجوه العلماء والصلحاء عبادة

وفيه أيضاً تحريك للرغبة في الاقتداء بهم والتخلق بأخلاقهم وآدابهم وهذا سوى ما ينتظر من الفوائد العلمية المستفادة من أنفاسهم وأفعالهم.

ومجرد زيارة الإخوان في الله تعالى قربة عظيمة، فكيف زيارة الأولياء والعلماء والصلحاء والأحياء والأموات؟

وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته، ويجوز شد الرحال لهذا الغرض

ولا يمنع من هذا قول النبي ﷺ : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى. لأن ذلك في المساجد فإنها متماثلة بعد هذه المساجد

وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في شرح قول الإمام النووي في المنهاج: ويندب زيارة القبور التي للمسلمين للرجال إجماعا ويكره للنساء نعم يسن لهن زيارته .

قال بعضهم وكذا سائر الأنبياء والعلماء والأولياء، ثم قال: لأن القصد إظهار تعظيم نحو العلماء بإحياء مشاهدهم وزوارهم يعود عليهم منهم مدد أخروي لا ينكره إلا المحرومون.

فالكرامات التي يكرم بها وليه باقية بعده لعدم التغير بالموت أو المراد مطلق المؤمن ومطلق الإيمان، فيكون المؤمن الكامل والإيمان الكامل مفهوم بالطريق الأولى بحسب ما ذكرنا لا سيما،

وقد قال المولي سبحانه وتعالى في حق أهل الجنة: ( ولا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إلا الموتة الأولى )

قال رحمه الله تعالى: ونحن نتكلم عن إشارة هذه الآية ولا تمنع عباراتها فنقول :

العارفون بربهم سبحانه وتعالى لهم موتتان موتة في نفوسهم وموتة في القبر والمعتبر عندهم النفوس دون الأبدان

لأن الأبدان مساكن النفوس والعبرة بالساكن لا بالدار والسر في السكان لا في الديار

فإذا جاهدوا أنفسهم المجاهدة الشرعية باطنا وظاهراً وسلكوا طريق الاستقامة ماتت نفوسهم فتحققوا بالحق لما ذاقوا الموت وبقيت أرواحهم مديرة لأجسامهم فكانوا كالملائكة في صورة البشر

لأن الملائكة أرواح مجردة وهم بعد نفوسهم أرواح مجردة أيضًا كما كان ينزل سيدنا جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم في صورة الصحابي الجليل دحية الكلبي ويأتي إلى النبي ﷺ

فإذا انقطعت علاقة أرواحهم من تدبير أبدانهم كانوا بمنزلة جبرائيل إذا عاد إلى عالم تجرده وفارق الصورة البشرية

ولا يُسمى هذا موتا حقيقيا في حقهم بل يسمى انتقالاً من عالم إلى عالم آخر وتقلبا في الأطوار.

ولهذا قال سبحانه وتعالى : ولا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى وهذه إشارة إلى الآية الكريمة التي لا تنحصر معانيها وعباراتها، ولا يتعدد حكمها وأسرارها وإشارتها

وإذا كان الأمر كذلك فكيف يتوهم عاقل أن الله تعالى يقطع تكريمه عن الولي الذي كملت ولايته بموته الطبيعي وإلحاقه بعالم المجردات حتى صار مع الملائكة في قضاء الأزل والملكوت كما كان يقول النبي ﷺ: «اللهم الرفيق الأعلى.

وقد ورد في كتب المحققين من أهل الله تعالى كثير من الحكايات والأخبار عن وقوع الكرامات للأولياء بعد الموت تداولته الثقات مما لا يسعنا إنكاره،

فمن ذلك ما أخرجه اللالكائي في السنة أيضا عن يحيى بن معين قال: قال لي حفار: القبور يدفن الموتي أعجب ما رأيت من هذه المقابر أني سمعت من قبر والمؤذن يؤذن وهو يجيبه من القبر .

وأخرج أبو نعيم في الحلية :-

عن سعيد بن الجبير قال: أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابت البناني قبره ومعي حميد الطويل، فلما ساويا عليه اللبن سقطت لينة، فإذا أنا به يصلي في قبره

وكان ثابت البناني يقول: اللهم إن كنت أعطيت أحدًا من خلقك الصلاة في قبره فأعطيتها فما كان الله ليرد دعاءه.

وأخرج الترمذي وحسنه، والحاكم والبيهقي عن ابن عباس الله قال:

ضرب بعض أصحاب النبي ﷺ خباءه اي عبائته على قبره وهو لا يحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي فأخبره فقال : هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر».

ونقل السهيلي في دلائل النبوة عن بعض الصحابة له أنه حفر في مكان فانفتحت طاقة فإذا شخص على سرير وبين يديه مصحف يقرأ فيه، وأمامه روضة خضراء

وذكر الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه طبقات الأخيار في ترجمة الشيخ أحمد البدوي :-

أن الشيخ عبد العزيز الديريني، كان إذا سئل عن السيد أحمد البدوي قال: هو بحر لا يدرك له قرار، وأخباره بمجيئه بالأسرى من بلاد الإفرنج وإغاثة الناس من قطاع الطريق وحيلولته بينهم وبين من استنجد به لا تحويها الدفاتر.

وقال جلال الدين السيوطي:-

امذهب أهل السنة أن أرواح الموتى ترد في بعض الأوقات من عليين أو من سجين إلى أجسادهم في قبورهم عند إرادة الله تعالى خصوصاً ليلة الجمعة

ويجلسون ويتحدثون ويتنعم أهل النعيم ويعذب أهل العذاب وتختص الأرواح دون الأجسام بالنعيم والعذاب ما دام في عليين أو سجين، وفي القبر يشترك الروح والجسد انتهى.

وقال الإمام النسفي :- أن روحانيات الموتى متصلة بأجسامهم التي في قبورهم، وإن بليت أجسامهم وصارت ترابا، ولهذا جاء الشرع باحترام قبورهم كما ذكرناه في ما تقدم.

فكيف لا ينبغي للمؤمنين احترام قبور الصالحين وتعظيمها وزياراتها والتبرك بها وقد ثبت أن الروحانيات الكاملة الفاضلة متصلة بتلك الأجساد الطيبة الطاهرة وإن صارت ترابا كما هو مقتضى الأخبار النبوية

وأما وضع اليدين على القبور، والتماس البركة من مواضع روحانيات الأولياء فهو أمر لا بأس به أيضا.

قال في جامع الفتاوى :- لا يعرف وضع اليدين على المقابر سنة ولا مستحبا ولا يرى به بأسا انتهى.

وأما نذر الزيت والشمع للأولياء يوقد عند قبورهم تعظيما لهم ومحبة فيهم فجائز في الجملة

أرأيت أن الفقهاء قالوا في وقف الذمي الزيت على أسراج بيت المقدس أنه صحيح لكونه قربة عندنا وعندهم.

  • هل زياره الأولياء والتوسل بهم شرك خفي :-

اعلم أيها المنصف في الدين السالك سبيل المتقين بالإخلاص واليقين أن الأسباب التي وضعها الله تعالى في المخلوقات يظهر تأثيرها عندها لا بها مع أنها لا تأثير لها أصلاً في نفع ولا ضرر

ولكن لما كان المؤثر هو الله تعالى وحده عندها لا بها، وقد أخبر الله تعالى أنه أعطى كل شيء خلقه علمنا أنه سبحانه لا يمنع شيئًا مقتضاه أصلاً

فعادته التي عودها لكل شيء جارية في كل حال ولا تتخرق إلا معجزة لنبي أو كرامة لولي أو معونة لعامي أو سخرًا، أو استدراجا لكافر غوي

والمؤثر في الكل هو الله تعالى وحده على كل حال، ولكن الله تعالى لما اعتبر الأسباب في كتابه، وعلى لسان نبيه في الحديث الشريف

وسلك على ذلك الصحابة والتابعون لهم بالخير في كل زمان من المجتهدين والعلماء، والمحققين، وجميع عامة هذا الدين المحمدي وخاصتهم . فهو سبحانه و تعالى الخالق للأسباب كلها والجميع مسبباتها على حسب ما يريده سبحانه وتعالى، كما قال الله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلِّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تقديراً)

. فإذا علمت هذا وتقرر عندك فاعلم أن الأسباب يجوز نسبة التأثير إليها بحسب الشريعة المحمدية بالإجماع بلا خلاف أصلاً.

وأما قول علماء الكلام بأن من اعتقد أن الأشياء مؤثرة بنفسها فهو كافر أو اعتقد بأنها مؤثرة مودعة فيها فهو مبتدع فإنما ذلك في الاعتقاد لا في نسبة ذلك إليها في الظاهر

قال الإمام السنوسي قد أطبق العقل والشرع على انفراد المولى باختراع جميع الكائنات عموما، وأنه لا أثر لكل ما سواه تعالى في أثر ما جملة وتفصيلاً.

فإنه لا أثر لقدرتنا في شيء من أفعالنا الاختيارية كحركاتنا وسكناتنا وقيامنا وقعودنا ومشينا ونحوها بل جميع ذلك مخلوق لمولانا بلا واسطة

وإنما أجرى الله تعالى العادة أن يخلق عند تلك القدرة فينا مقترنة بتلك الأفعال شرطاً في وجود التكليف وهو المسمى بالكسب

فنسبة التأثير إلى الإنسان وغيره لا ينافي اعتقاد الوحدانية في المؤثر وهو الله سبحانه وتعالى.

وأنه لا التفات إلى من شنع على علوم المسلمين في نسبة التأثر إلى المشايخ الأولياء الأحياء والأموات، والالتجاء إليهم، والاحتماء بهم، وطلب الحوائج منهم،

والتصريح بأنهم يؤثرون في كل ما يقدرهم الله تعالى عليه، وتداؤهم عند الحاجات، والاستغاثات بيا سيدي عبد القادر الكيلاني ونحو ذلك كما هو المعتاد

مثل نداء الرجل الحي إذا احتيج إليه في معونة ولو كان كافرا أو فاسقا من غير نكير على ذلك من أحد، ولا خوف أن يكون ذلك خطأ، فكذا هذا

وكما روي عن حضرة النبي ﷺ

إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا، أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لَا نَرَاهُمْ».

قال الطبراني: وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ فكان صحيحا

فما الفرق بين عباد لا تراهم يرسلهم ربك لك وبين عباد أولياء تعرفهم بالولاية الكاملة سواء احياء أو منتقلين

وكذلك روحانية الأولياء الموتى المتقدمين في الزمان الأول والمتأخرين إذا نسب التأثير إليهم قالوا هذا خطأ ولكن الجاهلون لا يعلمون

وعدم رؤيتهم أهلاً لمساواتهم بالأسباب العادية وفي الحديث القدسي: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب أي أعلمته أني محارب له ومن يحاربه الله تعالى فهو هالك.

  • وقال الشيخ جمال الدين خليفة في حاشيته على البيضاوي قال الإمام الرازي:

إن هذه الأرواح الشريفة العالية لا يبعد أن يكون منها ما يكون لقوتها وشرفها فتظهر آثاراً وأحداثا في هذا العالم،انتهي

إن النفوس البشرية الخالية عن العوائق الجسمانية المتشوقة إلى الاتصال بالعالم العلوي، بعد خروجها من ظلمة الأجساد تذهب إليه عز وجل في سرعة بروح وريحان

  • ويؤيد هذا ما ذكره العلامة ابن كمال باشا في شرح الأحاديث الأربعين التي جمعها فقال في الحديث الثالث:

قال رسول الله ﷺ: «إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا من أصحاب القبور

واعلم أن تعلق النفس في البدن تعلق يشبه العشق الشديد والحب التام، فإذا مات الإنسان وفارقت النفس هذا البدن، فذلك الميل وذلك العشق لا يزول إلا بعد حين

وتبقى تلك النفس عظيمة الميل إلى ذلك البدن قوية الانجذاب إليه ولهذا نهي عن كسر عظم الميت ووطء قبره،

وبما علمت مما سبق أنك إذا ذهبت إلى قبر إنسان قوي النفس كامل الجوهر، شديد التأثير ووقفت هناك ساعة وتأثرت نفسك من تلك التربة حصل لك تعلق بتلك التربة

وقد عرفت أن النفس ذلك الميت أيضا تعلق بتلك التربة، فحينئذ يحصل بين النفسين ملاقاة روحانية، وهذا الطريق تصير تلك الزيارة سبيا لحصول المنفعة الكبرى، والبهجة العظمى الروح الزائر والروح المزور،

فهذا هو السبب الأصلي في شريعة الزيارة، ولا يبعد أن يكون هناك أسرارا أخرى أدق وبالقبول أحرى وأحق.

  • وقال صاحب الأعلام بإلمام الأرواح بعد الموت محل الأجسام :-

إن الأنبياء عليهم السلام مع كونهم في السماء قد ينتقلون منها إلى غيرها أحيانًا بأمر الله تعالى فيكون لهم إلمام بقبورهم أو غيرها

ولا يلزم في ذلك استمرارهم في القبور أحياء ولا ينبغي أن يظن انقطاع التفاتهم إلى قبورهم بالكلية، ولا ارتفاع التعلق بينها وبينهم

كما وجد سيدنا محمد الانبياء في السماء ليلة المعراج مع أنه صلي بهم في بيت المقدس في الأرض

وكذلك قبور سائر المؤمنين بينها وبين أرواحهم نسبة خاصة مستمرة فيعرفون من يزورهم ويردون السلام على من يسلم عليهم

والدليل على ذلك ما ذكره الحافظ عبد الحق الإشبيلي في كتاب العاقبة عن أبي عمرو بن عبد البر أنه ذكر من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:

ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام

وهو حديث صحيح الإسناد.

قال: وقد أخبرني الشيخ فخر الدين التبريزي أنه لما توفي شيخه الشيخ تاج الدين التبريزي كان يشكل عليه مسائل فيطيل الفكر فيها، ويبذل المجهود في حلها، فلا ينحل شيء منها، قال:

فكنت أذهب إلى قبر مقام شيخي تاج الدين وأتوجه إليه وأجلس عنده كما كنت أجلس في حياته بين يديه، وأتفكر في تلك المسائل فتنحل لي حينئذ، ولا تنحل في غير ذلك المكان قال: وقد جربت ذلك مرارا

فإذا علمت هذا كله فلا تتوقف في صحة نسبة التأثير في قضاء الحوائج والتدبير في أحوال الخلق إلى أرواح الأولياء الأموات أصحاب القبور المنيرة بأنوار الأعمال الصالحة التي عملوها في الدنيا

فعليك بزيارتهم وطلب الحوائج منهم، والاستشفاء ببركاتهم والاستغاثة بهم في جميع الأمور، والطلب منهم عند اشدائد مع علمك بأن النافع والضار والعاطي والرزاق والشافي هو الله سبحانه وتعالى

فأنت تطلب من الله تعالى أن يستجيب لمرادك بمحبته لهولاء وقدرهم عند ربهم كمن طلب من الوزير الوساطة للسلطان أن يلبي طلبه فإنهم اسباب كطلب الطبيب والدواء وغير ذلك

فتطلب ما تحب بمن أحبه الله تعالي والله عز وجل لا يرد طلب أوليائه وأحبابه الذين افنوا عمرهم في عبادته وتعلقا له وبحثا عن رضاه

ولا يصدنك وسوسة نفسانية ونزعة شيطانية سمعتها من منكر جاهل مع أنك لا تتوقف في نفسك إذا أصدرت لك حاجة أن تقصد في قضائها حاكما ظالماً أو رجلاً فاسقا وأنت غافل في ذلك الوقت عن كون الحوائج كلها بيد الله تعالى.

وكذلك تقصد الاستشفاء بدواء مخصوص وتبحث عن طبيب ماهر وتعتقد أنه يشفيك ثم ترفض وتعاند عن الاستشفاء بأرواح الأولياء الموتى ابدانهم و أرواحهم حية عند ربهم يرزقون فهذا تناقض غريب نابع من جهل مركب وفلسفة عقيمة

وكأن الأولياء أخس واقل شيء عندك من الدواء والطبيب وأقل قدرا وقيمة من رجل ذو سلطة في الدولة له نفوذ

فتطلب منه وتعلي قدره ومقامه وتحقر مقام الأولياء الذين قال الله تعالى فيهم في الحديث القدسي

كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها والحديث لا يقيد بحياة الولي أو بعد انتقاله

وقال الفاضل العمري اعلم أن الكرامة كما تكون للأحياء فهي ثابتة للأرواح المفارقة فمن أنكر أن يكون للنبي أو الولي كرامة بعد موته فهو ضال مضل

  • تتمة والحاصل مما سبق:-

اعلم أن الولي العارف بربه حيا كان أو ميتا وكذا النبي المتوفى، بل والحي أيضا لا قدرة لأحد منهم على خلق شيء وإيجاده ولا تأثير لقدرة واحد منهم في إحداث شيء أصلاً

إنما هم أسباب فيكون لهم خرق للعادة بأثر أفعالهم وسؤالهم وإرادتهم وكل من اعتقد أن الولي بل والنبي له تأثير في شيء من ذلك بالاستقلال فهو كفر بالله تعالى لانه الخالق والمؤثر والموجد

وإذا كانت تلك الأمور الخارقة للعادة بمحض خلق الله تعالى يكرم بها عباده المقربين فكما جاز أن يخلقها لهم في حياتهم، جاز أن يكرمهم بها بعد وفاتهم .

  • المراجع :-

  • صحيح البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ** حلية الأولياء لأبو نعيم والطبراني والهيثمي في مجمع الزوائد

  • دلائل النبوه للسهيلي

  • الأذكار للإمام النووي

  • إحياء علوم الدين للغزالي

  • المنهاج للإمام النووي

  • شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة للإمام اللالكائي

  • الطبقات لعبد الوهاب الشعراني

  • بشرى الكتيب بلقاء الحبيب للسيوطي

.* جمال الدين خليفة في حاشيته على البيضاوي

  • شرح الاربعين النوويه لابن كمال باشا

  • الأعلام بإلمام الأرواح بعد الموت محل الأجسام إ* منهل الأولياء الفاضل العمري .