حديث النبيﷺ القدسي أنا عند ظن عبدي بي
المعرفة الإلهية و العقيدة

روي عن حضرة النبيﷺ في الحديث القدسي:-

يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء .

تخريج الإحياء العراقي في تخريج إحياء علوم الدين للغزالي وفي الصحيحين بدون قوله فليظن بي ما وأخرجه أحمد في مسنده وابن حبان .

*. .البيان :- . يندرج معني الحديث في قول الحكيم : (إن الله يرزق العبد على قدر همته ) لأن الهمة تنشأ من قوة ظن العبد بربه

فإذا هممت بشئ قائم على حسن ظنك بربك فإن الله تعالى يعطيك علي قدر همتك بحسن ظنك ولا يخيب رجاؤك ابدا لانه كريم .

  • أقوال العارفين في ذلك:-

  • قال الامام القرطبي :-

يقصد به ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكًا بصادق وعده عز وجل

  • قال أبو العباسي المرسي الناس ثلاثة اقسام :-

١- عبد يشهد ما يصدر منه من عمل وعبادة إلي الله تعالى اي معتمد علي عمله وعبادته ولا يشعر بأنه قريب من ربه إلا بذلك وهو حال أهل العبادة

٢- وعبد يشهد ما يصدر من الله تعالى إليه فإذا عمل وتعبد لربه عز وجل راي ذلك فضلا من الله تعالى عليه وأنه لا حول ولا قوه الا بالله وليس له من الأمر شيء وهو حال أهل العناية الربانية وهو أعلي من النوع الأول

٣- وعبد يشهد ما من الله إلي الله ولا يلتفت الي عمل وعبادة ولا كتير ولا قليل عبد محض لله عز وجل فإن وفقه حمد ربه علي ذلك وإن كان كثير رأي أنه لا يستحق ذلك

وأن وفقه للقليل رأي القليل كثير لأنه لا يشهد إلا ربه ونسي ذاته وفعله وهو حال أهل المشاهدة وهو أعلي النوعين السابقين

وقال علي البيومي:-

قليل العمل مع شهود المنة والفضل من الله تعالى خير من كثير العمل مع رؤية التقصير من النفس لأن الشعور بالتقصير يدخل في نفسك سوء الظن بالله ورسوله من عدم قبول العمل أو اليأس

فاحذر من هذا الباب فقد وقع فيه خلق كثير من الزهاد والعباد وأهل الجد والاجتهاد ولذلك قلما تجد الزاهد والعابد الا مكموداً حزينا لاعتماده علي نفسه لا علي ربه

لأنه يشهد فعل نفسه وتقصيره ونسي أن المعونة والتوفيق من الله تعالى وأنه لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم

فمن كان شأنه الفرح والمسرة بما أنعم الله تعالى عليه من عمل وعبادة قليل أو كثير أحسن حالا وأعلى ممن حاله الحزن على ما فرط في جنب الله تعالي لكن لابد من الاستغفار من جهة الأدب مع ربك .

روي ان سيدنا عيسي كان اذا التقي مع سيدنا يحيي عليهما الصلاة والسلام فيتبسم عيسي ويحزن يحيي

فقال يحيي لعيسي أراك متبسما وتضحك كأنك آمن من الله سبحانه وتعالى

فقال عيسي ليحي أتحزن كأنك آيس من رحمة الله تعالى فأوحي الله تعالى إليهما أحبكما إلى أكثركما تبسما

وقال أبو بكر الشبلي من عرف الله لا يحزن

وروي عن حضرة النبيﷺ

ستة مجالس المؤمن ضامن على الله ما كان في شيء منها :-

في سبيل الله أو مسجد جماعة أو عند مريض أو فى جنازة أو في بيته أو عند أمام مقسط يعزره ويوقره إذا مات الإنسان على خصلة منـها كان في ضمان الله

بمعني أنه ينجيه من أهوال القيامة ويدخله دار السلام

فمن بلغ حقيقة الإسلام: لم يقدر أن يكون كسول وفاتر في العمل

ومن بلغ حقيقة الإيمان: لم يقدر أن يلتفت إلى العمل

ومن بلغ حقيقة الإحسان: لم يقدر أن يلتفت إلى ما سواه

فإذا رأيت لنفسك حظا في شيء من طاعة أو زهد أو توبة أو إنابة او تفويض أو غير ذلك فلتتوب من ذلك وإلا حبط عملك وأنت لا تشعر وارجع إلى أحدية الجمع علي الله تعالى التي ليس وراءها شئ

فإياك أن تكون للمعرفة مدعياً أو بالعبادة متعلقاً بل فوض كل شيء إلى ربك وكن عبدا صرفا لله تعالى بلا علاقة ولا علة ولا سبب

لأن كل من يدعي شئ مما سبق فهو محجوب بدعواه عن شهود الحق سبحانه وتعالى ففي حضرة الإحسان وصلك بربك ويرفع البين بينك وبينه

والله سبحانه وتعالى أعلي وأعلم وأحكم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين .

  • المراجع :-

  • صحيح البخاري ومسلم تخريج الإحياء للعراقي و أحمد في مسنده وابن حبان

  • لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري

  • رسالة الفضل والمنة لعلي البيومي ( بتصرف ) .